"دار كتّاب" تحتفل بصدور "الدولة الوطنية" للدكتور علي راشد النعيمي
الدكتور علي راشد النعيمي يعرب عن اعتزازه بهذا الكتاب الذي رفضته إحدى دور النشر العربية الكبرى لما احتواه من أفكار جريئة
احتفلت "دار كتّاب للنشر والتوزيع" في دبي بصدور كتاب الدكتور علي راشد النعيمي، "الدولة الوطنية: صناعة النهوض" في ندوة بمقر الدار حضرها لفيف من الإعلاميين والمفكرين والجمهور.
ويتميز كتاب الدكتور علي النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، بأنه يجسّد تجربة حياتية خاضها الكاتب في تلمس الحقائق التي أوردها في هذا الكتاب المهم، وكان همه في ذلك هو الإنسان في جوهر وجوده وثقافته وفكره ومنهجه في الحياة، كما قال في مقدمة الكتاب، خاصة أن الكاتب عاش في خضم تجربة ثرية ومتنوعة، ما أعطى الكتاب أبعاداً فكرية وحياتية متميزة.
وما يكسب هذه التجربة حيوية وأصالة أن المؤلف أحد التربويين الجامعيين، وما يكسب تجربته قوة وفاعلية هو معايشة المؤلف للمجتمع الأمريكي، كما عاش التحولات في العالم العربي والإسلامي، لذلك يتميز الكتاب بأنه ثمرة تجربة علمية وتربوية جمعت بين الثقافتين العربية الإسلامية من جهة، والثقافة الغربية من جهة أخرى، كما يحمل الكتاب أهمية كبرى كونه دليل عمل للأجيال الشابة التي يسعى إلى حمايتها وتحصينها من مخاطر التطرف والإرهاب.
قدم الكتاب المؤلف الدكتور عبدالخالق عبدالله، الذي رأى فيه "الروح الجدلية، ونوعاً من السيرة الذاتية، ولكنه في نهاية المطاف لم يكن سوى إيحاء بذلك، لأن الكتاب طرح الموضوعات الشائكة التي يعيشها المجتمع العربي والإسلامي".
وأكد المقدم أن "القراءة المتأنية تكشف أن هذا الكتاب أعمق من السيرة، ويتفوق عليها، والمقولات الفكرية التي أثارها تبقى معاصرة وتقبل الجدل، لأن الساحة العربية تعج بالتيارات المتصارعة، كأن الكاتب ألقى بحجارة في البركة الساكنة وحرّك مياهها، والانتماء إلى الدولة الوطنية كان من ضمن أولويات الكتاب".
وأضاف: "الأطروحة الثانية التي يثيرها الكتاب هي الاشتباك مع التاريخ والتراث الذي يتضمن سلبيات تعوق تقدمنا، وقد ناقشها الكاتب بشجاعة كبيرة، وذهب إلى أن ذلك يسبب فوضى في الدين والتدين لدى الشباب من خلال أقوال الفقهاء وعلماء الدين".
وأكد الدكتور عبدالخالق عبدالله أن "المؤلف اشتبك مع الإخوان ووصف هذا التنظيم بأنه (الخطيئة الكبرى في الفكر المعاصر)، وطرح موضوع إصلاح التعليم باعتباره الضمانة الوحيدة لحماية الأجيال الشابة، واعتبر الكتاب من الطراز الفكري المهم في الإمارات".
ثم تحدث الدكتور علي راشد النعيمي، رئيس المجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، عن "اعتزازه بهذا الكتاب الذي رفضته إحدى كبرى دور النشر العربية لما احتواه من أفكار جريئة قد تسبب لها أزمة فكرية لأنه صادم، ولكنه قرر نشره في الإمارات"، وذكر أنه "من جيل عايش الأحداث بنفسه، ووقف بمواجهة أزمة هوية وانتماء وصراع فكري يتخطف عقولنا، بحيث أصبحنا ضحايا حاضرنا ومستقبلنا، وصراع العالم ما هو إلا صراع أفكار، تزداد حدة الصراع الفكري يوما بعد آخر، وما عايشناه كان يريد إلغاء الجميع، ونحن لدينا مع الأجيال الشابة الحق في التفكير والاختيار والتخيل والتذوق، ونرفض أي وصايا علينا في واقع تخبط بعض البلدان العربية، لكننا لا نراهن على التحدي وأنجزنا الكثير لو قارنا أنفسنا بالآخرين".
وأضاف الدكتور علي راشد النعيمي: "نحن لا نمدح القيادة ولا نجامل كنت قد التقيت في بداية شهر يوليو/تموز مع سيدة عضو بالبرلمان الإيطالي التي هاجمتنا، ولكنني طلبت منها أن تزور الإمارات وترى بنفسها، وتسأل الأجانب المقيمين هنا، لأننا نعيش نمطاً من الحياة يتوفر به كل ما يهواه ويتمناه الأفراد من أحلام وآمال وحياة كريمة ورفاهية للملايين من مختلف الأعراق والألوان والخلفيات، وكل ذلك مبني على فكر وتجربة".
واستكمل: "لا أعتقد أن أحداً مخول بالتحدث باسم الدين، لكنهم حولوا الدين والإسلام إلى أجندات خاصة، بينما الإسلام دين سهل، ويكفي أن نتعلم أركانه واحترام الثوابت والمتغيرات، ولا نقبل الوصاية من أحد، نحن نركز على الولاء للدولة وليس للدين، ونحن نعتز بالدين، ولكننا نرفض الثقافة السائدة، وقد سمعتم أن المرشد العام للإخوان المسلمين قال: (طز في مصر)، وهو يفضّل ماليزيًّا يحكم مصر شريطة أن يكون من التنظيم العابر للحدود الذي يكسر الثوابت الأساسية، وهكذا حطموا مقومات الحياة، فقد حكم الإسلام الهند على سبيل المثال، الدين رحمة وليس أيديولوجية لتحقيق أجندات سياسية".
ويتميز كتاب الدكتور علي راشد النعيمي بأنه شجاع ويسمي الأشياء بأسمائها؛ حيث يصف السلطة العثمانية بأنها لا تختلف عن أي سلطة استعمارية أخرى، شعار دولة الخلافة طرح تزييف الوعي الديني، ولا علاقة له بثوابت الدين، ولا يوجد ما يجمعنا سوى الدولة الوطنية.
وأكد المؤلف أن "الدولة الوطنية هي خارطة طريق ولا يتحقق الأمن إلا من خلال المنظومة التعليمية، وقد عايشنا الانتماءات الأخرى مثل القومية العربية التي دغدغت عواطفنا، وقامت بإقصاء الأكراد والأمازيغ مثلاً، وهذا الإقصاء غير إنساني".
وقال عبدالخالق عبدالله إنه يمكن تسمية ذلك "فوضى في الفضاء الديني من قبل بعض فقهاء الدين، ولكي نخرج من هذه الفوضى نحتاج إلى فقهاء جدد".
من جانبه، علّق المؤلف على مقولة عبدالخالق عبدالله قائلا: "تحكيم العقل هو الكفيل بإخراجنا من هذه الفوضى"، مؤكدا: "أتفق معك، يمكن حصر دور الفقهاء في مسؤولياتهم عن الدين، وهناك قاعدتان شرعيتان، الأصل في الأشياء الإباحة، وقاعدة أخرى سد الذرائع، ما يقوم به البعض هو إلغاء متعة الحياة والشدة والغلظة والانعزال للإنسان النقي التقي، وهذا غير موجود في الإسلام، نحن نواجه فتاوى عابرة للحدود والقارات".
وقال: "اجتمعت مع المسلمين في الفلبين، وسألتهم: هل تفتخرون بأنكم فلبينيون؟ كان هناك 98 شخصية، في الحقيقة، إنهم لا يستطيعون تغيير جلودهم، لا يوجد حل يأتي من خارج الحدود، وقلت لهم لا بد من إنقاذ أبنائهم قبل أن يتحولوا إلى ضحايا، نحن لا نقلل من دور الفقهاء لكن نريد لهم أن يقوموا بالدور الصحيح، نضع ما لا يصلح لنا في المتحف".
ثم علق عبدالخالق عبد الله قائلاً: "أنت جندي في معركة الصراع الفكري، وحاربت التطرف والإرهاب، هذا الفكر الذي حاربه جمال عبدالناصر وغيره من القادة".
وقال الدكتور علي راشد النعيمي: "كانت المواجهة للأسف الشديد خلال عقود أمنية، بينما ينبغي أن تكون فكرية، كانوا يستلمون التعليم والمساجد والفتاوى ونشتكي من آثارهم، إنها معركة فكرية ومواجهة فكرية شاملة، وقد ساندهم الغرب مثل فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، وتم توظيفهم في أجندات معينة، وربما وصولهم إلى السلطة في مصر جسّد رسالة".
وحول هذه المواجهة ومعادلة التركيبة السكانية، قال مؤلف كتاب "الدولة الوطنية" إن "المجتمع متعدد الأعراق هو ضمانة المستقبل، ولا يوجد أي خطر، هناك تحديات، تجربتنا فريدة ومتميزة في الإمارات، يجب علينا أخذ الجانب الإيجابي واستثماره، وخلق بيئة لا خوف فيها ولا رعب، والدولة تخطط برامج للتعامل مع هذه الحالة، التعايش الذي نصنعه خلق مجتمعاً إيجابياً، نعمل مبادرات لا نظلم فيها الآخرين ولا نقصيهم، مع المحافظة على كيان هذا الوطن، ولا سبيل إلى ذلك سوى المواطنة ودولة الحقوق.