الحفاظ على صحة الأمعاء يحمي من أمراض القلب
أستاذة طب أمريكية تؤكد أن هناك تفاعلا بين الميكروبات الموجودة داخل الأمعاء وأجهزة الجسم المختلفة، وأنها تؤثر بشكل كبير على صحة القلب.
كشفت دراسة حديثة نشرتها مجلة جامعة "هارفارد" الأمريكية مؤخرا عن صلة وثيقة بين بكتريا الأمعاء وصحة القلب والأوعية الدموية. وبحسب جوان مانسون، أستاذة الطب في كلية الطب بجامعة هارفارد، فإن الكائنات الحية الدقيقة تعد أكثر التوجهات رواجًا وانتشارًا في الأبحاث المتعلقة بالصحة.
وتضيف مانسون: "هناك تفاعل معقد بين الميكروبات الموجودة داخل أمعائنا، وأكثر أجهزة جسمنا، بما في ذلك الجهاز القلبي الوعائي، والجهاز العصبي، وجهاز الغدد الصماء، والجهاز المناعي. كل تلك العلاقات متصلة بشكل كبير بصحة القلب والأوعية الدموية".
نواتج الأيض الخاصة بالميكروب
ويلعب ما نتناوله دوراً أساسياً في تكوين الكائنات الدقيقة في أمعائنا. ونحن نعلم الآن المزيد عن تأثير المواد التي تفرزها ميكروبات الأمعاء على احتمالات الإصابة بالكثير من الأمراض المزمنة بما فيها السكري، وأمراض القلب، والسرطان، كما توضح دكتورة مانسون.
وأوضحت مجلة جامعة هارفارد أنه من أشهر نواتج الأيض في الأمعاء مادة ثلاثي ميثيل أمين، والتي تتكون عندما تتغذى ميكروبات الأمعاء على الكولين، وهي من المواد المغذية الموجودة في اللحم الأحمر، والسمك، والدواجن، والبيض. تتحول تلك المادة في الكبد إلى أكسيد ثلاثي ميثيل أمين التي لها علاقة وثيقة بتكون الصفائح التي تتسبب في انسداد الشرايين (مرض التصلب العصيدي).
وجمعت دراسة نشرتها دكتورة مانسون وزملاؤها عام 2017 في دورية جمعية القلب الأمريكية نتائج 19 دراسة تنظر في العلاقة بين مستوى أكسيد ثلاثي ميثيل أمين في الدم، وحدوث مشكلات خطيرة في القلب والأوعية الدموية أبرزها الأزمات القلبية والسكتات الدماغية.
وكان الأشخاص الذين لديهم ارتفاع في مستويات أكسيد ثلاثي ميثيل أمين، أكثر عرضة للإصابة بمشكلات خطيرة في القلب والأوعية الدموية بنسبة 62 في المائة مقارنة بمن ينخفض مستوى تلك المادة في دمهم. كذلك كانت هناك علاقة بين ارتفاع مستوى تلك المادة وارتفاع معدل الوفاة، وكانت تلك الصلات مستقلة ومنفصلة عن عوامل الإصابة التقليدية مثل السكري، والبدانة، ومشكلات في الكلى.
ومن المعروف أن الكائنات الدقيقة الموجودة في الأمعاء تؤثر على عوامل أخرى مرتبطة بالإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مثل السكري وارتفاع ضغط الدم والالتهاب. على سبيل المثال، قد يحفز اتباع نظام غذائي غني بالألياف على نمو بكتريا الأمعاء التي تفرز أحماضاً دهنية ذات سلسلة قصيرة. يبدو أن الأمعاء التي تحتوي على تلك الميكروبات تساعد المصابين بالسكري في السيطرة بشكل أفضل على مستوى السكر في الدم ووزن الجسم بحسب دراسة محدودة.
تنظيم ضغط الدم
كذلك يبدو أن الأحماض الدهنية ذات السلسلة القصيرة، والتي تتكون بشكل حصري في الأمعاء، تلعب دوراً في تنظيم ضغط الدم، حيث تشير دراسات خاصة بالفئران إلى أن تلك الدهون مرتبطة بانبساط وانقباض الأوعية الدموية. وتعد هذه الملاحظة واحدة من بين ملاحظات كثيرة وردت في تقرير خاص بدور الكائنات الدقيقة داخل جسم الإنسان في تنظيم ضغط الدم تم نشره في عدد سبتمبر/ أيلول 2017 من مجلة "ارتفاع ضغط الدم".
وتساءلت الدراسة عن المتممات الغذائية من البكتريا الحية الموجودة في الزبادي وغيرها من الأطعمة المخمرة والمكملات الغذائية. وجاءت الإجابة بأنه في الوقت الذي من المحتمل أن تخفف فيه تلك الأشياء من حدة الإسهال الناتج عن الإصابة بعدوى، أو تناول مضادات حيوية، وتخفف من حدة أعراض متلازمة القولون المتهيج، لا تزال الأدلة التي تؤكد فائدتها محدودة.
ومن السابق لأوانه التوصية بتناول المعينات الحيوية بانتظام للوقاية من أكثر الأمراض المزمنة، أو علاجها على حد قول دكتورة مانسون التي أضافت قائلة: "نحن لا نعرف في أكثر الأحوال ما إذا كانت المعينات الحيوية تحقق هدفها وتغير الكائنات الدقيقة أم لا".