أزمات قطر تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي زيادة انتكاستها السياسية وسمعتها في العالم
كأن هذا الأسبوع هو: أيام الأزمات القطرية في العالم، حيث تجمع عدد من المحاكمات في مختلف دول العالم عليها، أعضاء جمهوريون في الكونجرس الأمريكي يعملون على قانون قد يدين الحكومة القطرية من خلال الدعم المالي المقدم لقناة الجزيرة العربية والإنجليزية. المحاكم البريطانية تنظر في قضية مالية لبنك باركليز لها علاقة بأحد الحمدين –حمد بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء السابق- والحكومة الباكستانية تشتبه بوجود فساد في صفقة الغاز القطري، كما أن مدينة القدس الفلسطينية لم ترغب في أن يمر الأسبوع دون أن تكون لها بصمتها في الأزمات القطرية، حيث اندلعت مظاهرات تطالب الحكومة الإسرائيلية بوقف التمويل القطري لحركة "حماس".
تعدد الأزمات وتفاعل قنواتها من تشريعية وقضائية وإعلامية بلا شك ستلجم تحركات الحمدين وستضع نظامهما أمام استحقاقات عالمية ضخمة، فما يفعله النظام القطري لا يعد فقط إهدارا للقانون الدولي ولكنه أيضاً انتهاك للأعراف الإنسانية واستفزاز للرأي العام
هذا كله في جانب والأزمة التي باتت تهدد تنظيم قطر لبطولة كأس العالم 2022، ناهيك عن الأزمة "الأبدية" لدعم الإرهاب والتطرف في العالم في الجانب الآخر. كل هذه الأزمات تؤدي إلى نتيجة واحدة وهي زيادة انتكاسة السياسة القطرية وسمعتها في العالم، التي تأكدت دولها أن التحركات القطرية سواء المالية أو الإعلامية أو حتى الاقتصادية أو الرياضية ليست محايدة أو إنسانية وإنما مدعومة من الحكومة القطرية وتخدم أجندتها السياسية – التخريبية، لذا فإنه مع مرور الوقت والزمن سيترسخ الأمر أكثر وسيكون موقف الدولة القطرية في مأزق حقيقي. قد تطول المسألة ولكن يبدو أن النتيجة تتجه نحو المزيد من الانتكاسة القطرية.
لو قال أحد تعليقاً على ما استعرضته في الفقرتين السابقتين إنه لا جديد فيما ذكر عما يقوم به نظام الحمدين على مستوى العالم فإنه لا بد لي أن أوافقه الرأي فوراً، لكن الجديد الذي أريد توضيحه أن النظام القطري لم يعد يستطيع أن يستمر في خداع الناس طوال الوقت كما كان واهماً، لأنه لا بد أن تأتي لحظة الحقيقة وينكشف كل شيء وهذا ما كانت تراهن عليه الدول المقاطعة.
ومع أن الأمريكيين استبعدوا استطاعة الإعلام القطري التلاعب بعقول الرأي العام في بلادهم، إلا أنه في الوقت الذي أصبحوا يرون فيه مدى تأثير وفاعلية ذلك، خصوصاً بعدما استغلت قطر الأموال في "شراء" ذمم بعض المسؤولين، أصبح هناك تحرك من أجل وضع حد له. والجميل أن المسألة تتحرك في دوائر لها تأثيرها على التحرك الدبلوماسي القطري وهي الجهات التشريعية، الكونجرس الأمريكي والجهات القضائية في الولايات المتحدة وكذلك الحكومة الباكستانية.
الوقت هو دائما الكفيل بكشف فضائح من يحاولون أن يظهروا أمام الرأي العام العالمي أنهم ليسوا بالأشرار وهذا الحاصل حالياً، وحين يرفض النظام القطري نصيحة جيرانه ويستمر في عناده السياسي ويرفض كل الدعوات للمراجعة السياسية، يصبح السكوت على ما يفعله نوعاً من الموافقة والمشاركة في الجريمة. لقد تحولت "مصائب الحمدين" من أزمة إلى حلقات أو مسلسل بل لم يصبحوا اليوم جناة فقط وتتم محاكمتهم قضائياً وجماهيرياً، بل إنهم "المجني على أنفسهم" وعلى الشعب القطري الذي يتحمل تبعات ما يفعلونه، وكأن المقولة التقليدية "جنت على نفسها براقش" تعيد نفسها مع نظام الحمدين.
تعدد الأزمات وتفاعل قنواتها من تشريعية وقضائية وإعلامية بلا شك ستلجم تحركات الحمدين وستضع نظامهما أمام استحقاقات عالمية ضخمة، فما يفعله النظام القطري لا يعد فقط إهدارا للقانون الدولي ولكنه أيضاً انتهاك للأعراف الإنسانية واستفزاز للرأي العام لأنه يمرر أجندته في أجواء من الانفتاح وحرية التعبير وهي القيم التي على أساسها بُنيت المجتمعات الغربية في أسلوب لا يبتعد عما تفعله التنظيمات الإرهابية.
تجمع الأزمات القطرية في أسبوع واحد وفي لحظة واحدة في مختلف المناطق الجغرافية في العالم سابقة في تاريخ ملاحقة نظام دولة إذا استثنينا رؤساء عصابات المافيا العالمية، والمدهش في الموضوع وغير المفهوم رفض الـنظام القطري تغيير سياساته الخاطئة لتتطابق مع الدول الأخرى في العالم الباحثة عن الاستقرار بدلاً من دعم التنظيمات الإرهابية وزعزعة الاستقرار بالمال والإعلام، وهذا كل ما تسعى إليه الدول المقاطعة لها.
وحتى يفيق نظام الحمدين من غفلته –وهو وقت غير معروف على وجه الدقة- لكن ما يلمسه الكثيرون من خلال ما يتم في دهاليز المؤسسات التقليدية الغربية سيكون مختلفاً عما اعتاد عليه القطريون في أزمة "رشوة" استضافة كأس العالم وسيأخذ منحى آخر فهو سيكون بداية لطور جديد من الحياة السياسية في هذا البلد.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة