مرضى السرطان بسوريا يتحدون الحرب والمرض
بينما تشهد سوريا حربا ضارية لا يعلم أحد نهايتها، يعيش سوريون معركة إضافية لا تقل عن هذا الصراع وحشية
بينما تشهد سوريا حربا ضارية يعيش مواطنون معركة إضافية لا تقل عن هذا الصراع وحشية٬ حيث أصيب 25 ألف شخص بالسرطان هذا العام فقط، بحسب سجلات وزارة الصحة السورية.
وتسببت الحرب السورية المستمرة منذ 6 سنوات في إزهاق 300 ألف روح، لكن بحلول 2014، لقي 200 ألف سوري آخرون مصرعهم بسبب أمراض مزمنة تشمل السرطان.
وقبل الحرب، كان عدد المنشآت التي تعالج الأورام في دمشق لا حصر لها، ويأتي إليها السوريون من مختلف أنحاء البلاد. فيما كانت الحكومة السورية تقدم أدوية مضادة للسرطان بدون مقابل في هذه المنشآت، لكن منذ اندلاع الحرب لم يعد ذلك متوفرا دائما.
وتقع معظم مراكز علاج السرطان في مناطق تسيطر عليها الحكومة، ما يعني أن العلاج المجاني من السرطان متوفر فقط لهؤلاء القادرين على الوصول بأمان إليها وهو أمر نادر.. علاوة على أنه من بين الملايين الذي فروا من سوريا، هاجر ما يقدر بـ27 ألف طبيب ماهر وهو أكثر من نصف العدد الكلي للأطباء السوريين قبل اندلاع الصراع، علاوة على تدمير نصف المستشفيات والمراكز الصحية في البلد.
وحتى الرعاية الصحية المحدودة أصبحت مسيسة، على حد قول نيويورك تايمز؛ موضحة أن الأدوية الأمريكية التي طالما كانت منتشرة في الصيدليات والمستشفيات السورية، استبدلت بأخرى يتم استيرادها من إيران حليفة نظام بشار الأسد.
وتظهر آثار الحرب السورية في إمكانية الشفاء والنجاة من السرطان بوضوح شديد، حسب صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية التي أوضحت أن التأخر في علاج السرطان تزيد من الحالة سوءا.. لافتة أن مرض ساركوما العظام النادر يمكن أن يشفى منه نسبة 70% من المرضى إذا تم علاجه مبكرا، لكن إذا تم إهماله حتى يتفشى في الجسم، فتنخفض هذه النسبة إلى 30% فقط.. وبعد الحرب انخفض متوسط رواتب السوريين إلى حوالي 70 دولارا في الشهر، وتكلفة الجلسة الكيميائية الواحدة يمكن أن تعادل راتب عام كامل.
وسلطت الصحيفة الضوء على مركز البيروني للسرطان؛ أكبر مستشفى لعلاج الأورام في سوريا، الذي يستقبل 1400 مريض يوميا، ويقع شمال شرق دمشق وتحديدا على حافة أحد الطرق السريعة القديمة بالقرب من الأسد ومدينة حرستا، ويطل على جبهة نشطة بين الحكومة وقوات المعارضة. وبالنسبة للحكومة يعتبر هذا الطريق السريع خط إمداد مباشر لمستشفى الشرطة والثكنات الموجودة بجوار المركز، وبالنسبة للمعارضة تعتبر السيطرة على هذا الطريق فرصة لكسر الحصار الذي خلف معظم المنشآت الطبية مدمرة أو مهجورة.
وكان على معظم الآباء الذين تمكنوا بنجاح من الوصول إلى صالة الانتظار في مركز البيروني اختيار أحد هذين الخيارين المروعين: السفر بأطفالهم على طول طريق يعرفون أنه مستهدف بقذائف الهاون؛ إلى مستشفى تطل على جبهة أمامية بين أطراف الصراع السوري، أو عدم القيام بشئ والدعاء بأن تنتهي الحرب سريعا رغم معرفتهم أن المرض يمكن أن يتفشى في أجسام أبنائهم.
لكن يضطر بعض الآباء إلى اختيار الخيار الأول وترك أبنائهم مرضى السرطان وحدهم في مدن تتعرض للقصف بصفة مستمرة، عاجزين عن رؤيتهم لشهور، يعيشون وحدهم في فنادق رخيصة أو في أحد الملاجئ، فقط ليتلقى أطفالهم العلاج، حسب التقرير.
وتقول إحدى الأمهات السوريات إنها دفعت آلاف الجنيهات إلى أحد المهربين ليساعدها في الذهاب إلى المركز بطفلها مريض السرطان الذي لا يتجاوز عمره شهورا، "سيرا على الأقدام".
aXA6IDMuMTQ1LjU2LjE1MCA= جزيرة ام اند امز