خبير برازيلي: لا توجد خطة انتقال موحدة للطاقة تناسب جميع دول العالم
تحتل البرازيل المرتبة الـ7 في قائمة الدول الأكثر تصديرًا لانبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وتسهم بـ3% من الإجمالي العالمي.
تشكل البرازيل مع 6 دول أخرى (الصين والولايات المتحدة الأمريكية والهند والاتحاد الأوروبي وإندونيسيا والاتحاد الروسي والبرازيل) نحو نصف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية في عام 2020.
ورغم أنها تمتلك وفرة في مصادر الطاقة المتجددة الرئيسية، مثل الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والكتلة الحيوية، وغيرها من المصادر، فإنها لا تزال تعتمد على الوقود التقليدي كمصدر للطاقة.
يقول البروفيسور البرازيلي هيتور سكالامبريني كوستا، في حوار خاص لـ"العين الإخبارية"، إن البرازيل لديها خطة متنوعة لتحول الطاقة في ظل تغير المناخ، وتمتلك العديد من الموارد التي تساعدها في التحول لمصادر الطاقة المتجددة، لكنها، على الرغم من ذلك، ستظل تعتمد على الوقود الأحفوري كمصدر للطاقة في أفق البلاد.
كوستا، هو عالم بيئة وفيزيائي، بجامعة بيرنامبوكو الفيدرالية بالبرازيل، وحاصل على ماجستير في العلوم والتكنولوجيا النووية، والدكتوراه في الطاقة.
يرى كوستا أيضًا أن كل دولة لها خصائصها المتفردة فيما يخص إمدادات الطاقة، وبالتالي لا توجد خطة انتقال واحدة تناسب جميع البلدان في العالم.
وإلى نص الحوار
ما وضع البرازيل فيما يخص ملف تحول الطاقة، هل يمكنك إخبارنا عن ذلك بالتفصيل؟
البرازيل بلد متميز، بسبب ضخامة الموارد الطبيعية المتوفرة في أراضيها البالغة 8.5 مليون كيلومتر مربع، ولامتلاكها ساحل بحري بطول 7637 كيلومترًا مع رياح غزيرة.
بجانب أنها تقع بالقرب من خط الاستواء، حيث تشرق الشمس سنويًا لأكثر من 3000 ساعة في المنطقة الشمالية الشرقية من البلاد.
بالإضافة إلى مجموعة كبيرة جدًا من الكتلة الحيوية، مع المحاصيل النباتية التي تنتج الإيثانول والديزل الحيوي ومواد خام مختلفة لإنتاج الميثان الحيوي.
تتميز البرازيل بامتلاكها لأكثر من 85٪ من الطاقة الكهربائية التي تنتجها مصادر متجددة في مصفوفة الطاقة الكهربائية الخاصة بها، (محطات الطاقة الكهرومائية، ومحطات الرياح، ومحطات الطاقة الشمسية، ومحطات الكتلة الحيوية الكهروحرارية).
لكن في مواجهة التنوع الكبير لخيارات الطاقة المتجددة، هناك حوالي 50٪ من مصادر الطاقة الأحفورية، بمصفوفة الطاقة في البلاد.
السبب في ذلك أن الخيارات التي تم اتخاذها في قطاع الطاقة خلال الثلاثين عامًا الماضية تتعارض مع العلم فيما يتعلق بمواجهة الاحتباس الحراري وعواقبه.
تجاهلت الحكومات في السنوات الأخيرة الالتزام الوارد في اتفاقية باريس بالحد من انبعاثات غازات الدفيئة، وما يسمى بالمساهمات المحددة وطنياً (NDC).
مثلًا، يقترح تخطيط إمداد الطاقة توسيع المحطات النووية (حاليًا محطتان قيد التشغيل وواحد قيد الإنشاء)، وإنشاء محطات كهرومائية كبيرة في منطقة الأمازون، ومحطات كهروحرارية تعمل بالوقود الأحفوري.
فيما يتعلق بالمناطق الأحيائية الموجودة في الأراضي الوطنية، كانت هناك انتكاسات كبيرة في الحفاظ عليها وحمايتها ورعايتها. على وجه الخصوص، إهمال مكافحة إزالة الغابات والحرائق في منطقة الأمازون.
أضف إلى ذلك، أن معظم دول العالم أزمتها مع الوقود الأحفوري كمصدر لانبعاثات غازات الدفيئة (GHGs)، المسؤولة عن الاحتباس الحراري، لكن البرازيل، على العكس من ذلك، فإن إزالة الغابات والاستخدام غير الملائم للتربة هما العاملان الأكثر مساهمة في انبعاثات غازات الدفيئة بالبلاد.
ما التغير الذي حدث مؤخرًا مع تولي الرئيس الحالي لولا دا سيلفا مسؤولية البلاد؟
منذ أن تولت الإدارة الفيدرالية الجديدة مهامها بعد وصول لولا دا سيلفا للسلطة، في مطلع عام 2023، بدأت البرازيل في الاستثمار بكثافة في جدول أعمال بيئي ذي أهمية دولية، على الأقل على مستوى الخطاب.
تمت مكافحة إزالة الغابات والحرائق غير القانونية بشكل مكثف في منطقة الأمازون، مما أدى إلى نتائج مهمة.
فيما يتعلق بإزالة الكربون، كجزء من الالتزامات العالمية لمكافحة تغير المناخ، أعلنت وزارة المناجم والطاقة عن عدة برامج لتحفيز الوقود الحيوي، لا سيما الإيثانول، ومشاريع لوضع البلاد في صدارة توليد الطاقة المتجددة التي تركز على الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
كما نأمل أن يتحول هذا الخطاب إلى أفعال عملية وملموسة.
هل تعتقد أن التحول الأخير كاف للبرازيل لتحقق صافي صفر انبعاثات في عام 2050 والقضاء على نصف انبعاثاتها في عام 2030؟
عام 2030 على بعد ما يزيد قليلا عن 2500 يوم. لم يتبق سوى القليل من الوقت. حكومة الرئيس السابق بولسونارو، خلفت وقائع محزنة، وكانت سلبية ومدمرة فيما يتعلق بملف البيئة، وفي مواجهة حالة الطوارئ المناخية التي نمر بها. وانتهى الأمر بعدها إلى انتكاسات كبيرة.
إلى جانب أتباع الرئيس السابق الذين يتفقون مع موقفه، فإن الحكومة الحالية نفسها منقسمة في نزاع داخلي بين طرفين، الأول يطلق على نفسه "التنمويين" والثاني يسمي نفسه بدعاة حماية البيئة.
في البرلمان، معظم النواب يعارضون الرئيس، مما يجعل من الصعب الموافقة على المشاريع المقدمة من قبل الحكومة، لا سيما تلك المتعلقة بالحفاظ على البيئة، وحماية الشعوب الأصلية، سكان الأمازون، التي تعرضت للهجوم والمذابح في حكومة الرئيس السابق بولسونارو.
الصدام بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في البرازيل يمكن أن يقوض الالتزامات الدولية التي اقترحتها الحكومة الحالية في مجال البيئة.
نظرًا لأن المصدر الرئيسي لانبعاثات غازات الدفيئة في البرازيل هو إزالة وحرائق الغابات، خاصة في غابات الأمازون، فقد كافحت الحكومة الحالية بلا هوادة ضد عدم شرعية مثل هذه الإجراءات، ويمكن رؤية النتائج بالفعل مع انخفاض معدلات إزالة الغابات والحرائق الإجرامية المتعمدة خلال النصف الأول من العام الجاري.
اعتقد أنه إذا كانت هناك استمرارية مستمرة في مكافحة إزالة الغابات في السنوات القليلة المقبلة، فهناك فرصة جيدة لتحقيق الالتزام بخفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى النصف بحلول عام 2030.
الآن، سيتطلب خفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050 تغيير جذري في الرؤية التجارية لشركة النفط البرازيلية الحكومية Petrobras ، وهي واحدة من أكبر الشركات في العالم. حاليًا، حوالي 70٪ من أرباح الشركة يأتي من التنقيب عن النفط وإنتاجه.
يتركز عملها في حفر الآبار في الحقول الجديدة، حتى في المناطق الحساسة بيئيًا مثل مصب نهر الأمازون.
كثير منا يؤيد تحويل اهتمامات الشركة التجارية إلى البحث والتطوير لمصادر الطاقة المتجددة، لتصبح شركة طاقة، وبالتالي التخلص من النفط والغاز كمصدر للطاقة تدريجيًا.
هذا، في رأيي، هو "شرط لا غنى عنه" لخفض الانبعاثات إلى الصفر بحلول عام 2050.
ما هي خطة البرازيل الرسمية لتحقيق تحول الطاقة؟ وما الذي يجعلها أكثر ملاءمة للبرازيل من أي دولة أخرى؟
في الواقع، لا توجد خطة انتقال واحدة في البلاد، ولكن هناك العديد من الخطط وكلها محل نزاع.
مع ذلك، فإن ما يمكن إدراكه هو هشاشة كبيرة في فهم عملية انتقال الطاقة البرازيلية، والتي يمكن تسميتها مجرد عملية تنويع للطاقة، نظرًا لخصائص إمدادات الطاقة الموجودة في البلاد، ولأنها أقل اعتمادًا على الوقود الأحفوري.
الفرق بين البرازيل والدول الأخرى هو خصائصها المقارنة عندما يتعلق الأمر بإمكانيات مصادر الطاقة المتجددة.
يمكن للإمكانيات غير العادية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب الموارد الوفيرة من الكتلة الحيوية (قصب السكر، والنباتات الزيتية، ومخلفات الغابات، والمواد الخام للميثان الحيوي) تلبية الطلب على الطاقة في البلاد.
التجارب الناجحة في الماضي القريب، والتي استأنفتها الحكومة الحالية الآن، فيما يتعلق باستبدال البنزين بالإيثانول المستخرج من قصب السكر، وإضافة الزيوت النباتية إلى الديزل الأحفوري، جنبًا إلى جنب مع كهربة المركبات، للحد من الانبعاثات من قطاع النقل وهو النشاط الذي يستهلك معظم الوقود الأحفوري في البرازيل، تُظهر أنه من الممكن في المستقبل القريب التحول بالكامل للطاقة المتجددة.
في السنوات الأخيرة، كان هناك طلب كبير من المستثمرين الدوليين لإنتاج الهيدروجين بالبلاد، وهناك العديد من المشاريع قيد التطوير، وتم توقيع بروتوكولات التفاهم والتعاون لتنفيذ محطات طاقة الرياح البحرية ومحطات الطاقة الكهروضوئية الكبيرة في العديد من الولايات البرازيلية.
هل تعتقد أنه يجب أن يكون لكل دولة خطة مختلفة لانتقال الطاقة وفقًا لمواردها الجغرافية ومواردها؟
بالتأكيد، فكل دولة لها خصائصها الخاصة في إمدادات الطاقة. في الجنوب العالمي مثلًا، تعتمد البلدان بشكل أقل على الوقود الأحفوري. ومع ذلك، لا يمكن أن تلبي متطلباتها بالمستويات الحالية باستخدام مصادر الطاقة المتجددة.
بجانب أن هناك وقائع مهمة تتعلق بالآثار الاجتماعية والبيئية تحدث، وما زالت تحدث، مع تنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة الكبيرة.
من الأمثلة على ذلك، مجمعات الرياح الكبيرة ومحطات الطاقة الشمسية التي تسببت في إزالة الغابات بشكل غير مرغوب فيه في شمال شرق البلاد.
أنا أؤيد اللامركزية عندما يتعلق الأمر بتحديد سياسات الطاقة. لكن من ناحية أخرى، تتطلب اللحظة التاريخية التي نعيشها حوكمة عالمية من أجل تحقيق الأهداف المحددة والضرورية للحد من انبعاثات غازات الدفيئة.
أكثر من مجرد تنويع مصادر الطاقة، يجب على البلدان، من أجل تحقيق استدامة الطاقة، الاستثمار في كفاءة الطاقة وسياسات التعليم لتقليل الاستهلاك.
كما لا يمكن للقطاع العام وحده حل التحدي الذي يواجه التحول البيئي المرغوب فيه، بسبب التعقيد المطلوب وحجم الموارد.
يمكن للمؤسسات العامة أن توجه العملية، ويجب على القطاع الخاص أن يلعب دوره في القيام بالاستثمارات اللازمة.
نحتاج فقط إلى توخي الحذر في عدم السير في الاتجاه المعاكس، أي لا نتقدم في استخدام الوقود الأحفوري أو الطاقة النووية، وأن يكون لدينا بالفعل مساهمة أكبر من مصادر الطاقة المتجددة في مصفوفة الطاقة.
كما أود أن أوضح أنه لا يوجد مصدر نظيف للطاقة، ومن الخطأ استخدام مصطلح الطاقة النظيفة باستمرار.
من الناحية الفنية والعلمية، وخلال عمليات تحويل شكل من أشكال الطاقة إلى آخر، سيكون هناك انبعاثات، وإنتاج النفايات، وتلوث التربة والهواء والمياه، والعنف، والمشاكل الصحية، ونزاعات حقوق الإنسان، باختصار، سيكون هناك تأثيرات اجتماعية وبيئية تؤثر في النهاية على الناس والبيئة.
كيف ستتعامل البرازيل مع الوقود الأحفوري بالتوازي مع خطتها؟
يوجد في الحكومة الحالية، وفي المجتمع البرازيلي ككل، صدام سياسي حول استخدام النفط والغاز في مصفوفة الطاقة.
من الذين يرون أنه "لا مزيد من آبار النفط" إلى من يقترحون التوسع في التنقيب عن النفط "بأي ثمن".
تقود شركة Petrobras، وهي واحدة من أكبر شركات النفط في العالم، عمليات التنقيب عن احتياطيات جديدة.
في خطتها الاستراتيجية 2023-2027، تحافظ الشركة على المبادئ التوجيهية الرئيسية للخطة السابقة مع الحفاظ على التركيز على النفط والغاز، والتوسع في استكشاف حقول النفط الجديدة، بما في ذلك الإجراءات في منطقة الأمازون.
ليس فقط Petrobras، ولكن الشركات الخاصة الأخرى التي تعمل في البلاد لديها في خطط أعمالها التنقيب في منطقة الأمازون.
كان هذا هو سبب الشكاوى حول المخاطر الهائلة للحوادث، والتي قد تتسبب في التدمير البيئي للمنطقة بأكملها من مصب نهر الأمازون.
علاوة على ذلك، فإن هذا النفط المستخرج سيسهم بشكل خاص في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون المسؤولة عن تغير المناخ.
هذا يعني وجود تناقض بين الدفاع عن الطبيعة، وغابات الأمازون المطيرة، والبيئة، من ناحية، والزيادة في إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري من ناحية أخرى.
لا تزال هذه الأزمة بعيدة عن الحل بسبب مقاومة الدول والشركات التي تستمر في إنكار المزاعم الدرامية للعلم حول تغير المناخ بسبب انبعاثات غازات الدفيئة.
ستستمر شركة النفط البرازيلية في السنوات القادمة في العمل مثل جميع شركات النفط الكبرى، والتنقيب عن مناطق جديدة للاستكشاف، وزيادة الإنتاج. هذا أمر واقع.
ما رأيك في تقنيات إزالة الكربون وأهميتها في خطط التحول؟
توجد العديد من الخيارات التكنولوجية لتحقيق أهداف وخطط انتقال مستدام للطاقة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية.
بالنسبة لمختلف قطاعات الاقتصاد، هناك اتجاهات مختلفة، وطرق تكنولوجية متاحة لتقليل انبعاثات الكربون، وكذلك التقاطها.
ومع ذلك، لن تكون التكنولوجيا وحدها كافية لضمان الاستدامة، نحتاج معها إلى القرارات السياسية التي تتأثر بالمصالح الاقتصادية.
وبالتالي، من المهم أن يكون هناك انخراط شعبي ومشاركة وتعبئة، بالإضافة إلى الرقابة الاجتماعية في عملية صنع القرار بشأن الخيارات.
وسيؤدي ذلك، إلى جانب المعلومات الشفافة، إلى تحريك المجتمعات لتكون أقرب إلى التحول المستدام في مجال الطاقة.
إن استبدال مصادر الطاقة غير المتجددة بمصادر متجددة، دون تغيير في طريقة حياة المجتمع الرأسمالي الاستهلاكي الحالي، لن يخلق الظروف لحل المشكلة.
تحتاج مصفوفة الطاقة الخالية من الكربون التي تسعى حقًا إلى الحفاظ على حياة الأفراد ورفاهتهم إلى مراعاة تحول عميق في الأنماط الحالية للإنتاج/ الاستهلاك، وفي أنماط الحياة، وفي المفهوم الحالي للتنمية، وفي تنظيم المجتمع بحد ذاته.
لتجسيد استراتيجية على أسس مستدامة، سيكون من الضروري الاستثمار في تنوع مصادر الطاقة وتكاملها، مع مراعاة خصائص الطاقة لكل بلد.
من الضروري البحث عن بدائل للنموذج الحالي غير المستدام بيئيًا.
هل تتوقع أن تكون سياسة لولا دا سيلفا المناخية أفضل من سياسة الرئيس السابق؟
لا يوجد مقارنة. هناك اختلاف كبير بين ما كانت عليه سياسة المناخ في حكومة بولسونارو، وبين سياسة حكومة لولا (الذي تولى السلطة في يناير/كانون الثاني 2023)، والتي حكمت البلاد بالفعل من قبل.
ومع ذلك، داخل الجبهة السياسية من يسار الوسط التي انتخبت لولا، وحتى داخل حزبه؛ هناك مفاهيم مختلفة وتناقضات وحتى مواقف تطالب بالتنمية بأي ثمن، لتحقيق التوظيف وتوليد الدخل.
بما في ذلك أولئك الذين يدافعون عن التنقيب عن النفط في المياه العميقة، حتى في المناطق الحساسة بيئيًا، مثل مصب نهر الأمازون.
يتدفق هذا الخلاف السياسي من داخل الحكومة الحالية إلى البرلمان الوطني الذي يمثل غالبية أعضائه مصالح مرتبطة بملاك الأراضي الكبار ومصدري السلع، الذين استفادوا دائمًا من سياسات التيسير والمرونة في التشريعات البيئية.
لذلك، من أجل فهم سياسات الطاقة والسياسات البيئية المعاصرة في البرازيل، يجب علينا وضع معلم تاريخي، قبل وبعد حكومة الرئيس السابق بولسونارو.
ما هي خطة لولا دا سيلفا للتعامل مع الوقود الأحفوري والتحول؟
مواجهة تغير المناخ هي بلا شك تستدعي من الكوكب بأسره أن يتحمل أو يخضع لعملية انتقال للطاقة نحو إزالة الكربون.
الاعتماد على الوقود الأحفوري، على الرغم من انتشاره، لكن له مستويات مختلفة من المخاوف عند المقارنة بين البلدان في شمال وجنوب العالم.
بدون أدنى شك، سيظل الوقود الأحفوري، ولا سيما النفط والغاز، مصدر الطاقة الرئيسي في أفق البلاد.
لذلك، فإن خطط إدارة لولا الحالية تسعى لتحقيق التوازن، وتأخذ في الاعتبار إدراج ما يسمى بالمصادر المتجددة في مصفوفة الطاقة، وهي خطة لتنويع مصادر الطاقة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والكتلة الحيوية، هذه الأنواع كانت هامشية حتى وقت قريب، لكنها أصبحت الآن موجودة بطريقة أكثر فعالية.
تضطلع وزارة المناجم والطاقة بمهمة وضع الاستراتيجيات ووضع خطط عمل ملموسة لانتقال الطاقة ومواجهة تغير المناخ، إلى جانب الوزارات الأخرى.
في مجال تخطيط الطاقة، أُعلن مؤخرًا أنه سيتم معالجة قضايا مهمة: تنويع مصادر الطاقة، وإزالة الكربون عن توليد الكهرباء في محطات الطاقة التي تعمل بالفحم، وزيادة التقطع في التوليد بسبب دخول الطاقة الشمسية وطاقة الرياح إلى الشبكة الكهربائية، تغييرات في عادات الاستهلاك، ورقمنة الشبكات الكهربائية، وإلغاء تركيز توليد الطاقة.
أثارت مسألة استخدام الفحم في البرازيل الكثير من الجدل، ما هو آخر تطور بشأن هذا الأمر؟
الفحم هو أحد أكبر مصادر انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم، إلى جانب انبعاث الغازات الخطرة وعالية السمية الناجمة عن احتراقه.
الفحم البرازيلي من العصر البرمي، أي أنه ذات جودة منخفضة، ومحتوى منخفض من الكربون ومرتفع من الرماد.
يقع أكبر إنتاج للفحم في البلاد في المنطقة الجنوبية، المسؤولة عن 99.98٪ من احتياطيات الفحم البرازيلية، فيما توجد 0.02٪ أخرى في ولاية ساو باولو.
يمثل الفحم المعدني حوالي 5٪ من مصفوفة الطاقة و3٪ من المصفوفة الكهربائية.
وفقًا لبيانات الوكالة الوطنية للطاقة الكهربائية (Aneel)، فإن الدولة لديها قدرة مركبة تبلغ حوالي 3 غيغاواط (GW) في محطات حرارية تعمل بالفحم، وهو ما يعادل أكثر بقليل من 1 ٪ من إجمالي القدرة المركبة.
تستهلك محطات الطاقة الحرارية حوالي 85٪ من إجمالي إنتاج الفحم في الدولة. أما الباقي فيُستهلك في أنشطة صناعية أخرى.
هناك خطط رسمية موروثة من حكومة بولسونارو، موضحة في الخطة العشرية لتوسيع الطاقة لعام 2031، من وزارة المناجم والطاقة، والتي تتوقع 1400 ميغاواط من المحطات الجديدة التي تعمل بالفحم.
تتعارض خطط صيانة هذه المحطات والتعاقد على محطات جديدة مع إعلانات دول مثل المملكة المتحدة التي اقترحت حظر المحطات التي تعمل بالفحم بحلول عام 2024 وألمانيا التي وافقت على تعطيل هذه المحطات بحلول عام 2038 على أبعد تقدير.
من المأمول إعادة التفاوض على خطط الحكومة القديمة المتعلقة بصناعة الفحم في أسرع وقت ممكن. وإعلان حظره من مصفوفة الطاقة والكهرباء.
كخبير، كيف يمكن للدول النامية أن تحقق نموا اقتصاديا وسط المطالب المستمرة بالتخلص التدريجي الوقود الأحفوري؟
هناك فرصة عظيمة تقدم نفسها للبلدان النامية مع حالة الطوارئ المناخية الحالية، إن الاحترار العالمي وعواقبه المأساوية محسوسان بالفعل في جميع القارات، نحن في نقطة تحول في تاريخ البشرية تتطلب خيارات.
أي بلد يسعى حقا إلى الحفاظ على حياة ورفاه الأفراد على هذا الكوكب يجب أن يأخذ في الاعتبار الحاجة إلى تحول عميق في الأنماط الحالية للإنتاج/الاستهلاك، وفي نمط الحياة، وفي المفهوم الحالي للتنمية، وفي تنظيم المجتمع نفسه.
مما لا شك فيه أن المناقشات والمداولات والاتفاقات الدولية بشأن تغير المناخ والإجراءات المتخذة لمواجهته وإزالة الكربون منه لم تكن مثمرة.
عاما بعد عام، زاد تركيز الكربون في الغلاف الجوي للأرض، وهو السبب الرئيسي للاحترار العالمي.
سأسلط الضوء على أحد الوعود التي لم يتم حلها، منذ مؤتمر كوبنهاغن للمناخ (2009)، وهو التزام الدول الغنية بدفع حوالي 100 مليار دولار سنويا لحماية البيئة في دول الجنوب العالمي، وتسريع اعتماد التدابير لمواجهة الأحداث المناخية المتطرفة. هذه الموارد ضرورية لإجراءات التخفيف وكذلك التكيف، لكنها لم تدفع حتى الآن، وهناك توقعات بأن هذه المساهمة المالية سيتم تنفيذها في مؤتمر الأطراف الـ 28.
بالعودة إلى السؤال، أرى فرصة في المرحلة الحالية لمناقشة نموذج المجتمع الذي نريده، لأن هذا ما نتحدث عنه عندما نناقش انتقال الطاقة. لقد أظهر المجتمع الحالي على مر السنين أنه غير كافٍ لتلبية المطالب العالمية.
أفهم أنه من أجل تجسيد استراتيجية على أسس مستدامة، من الضروري الاستثمار في التنوع والتكامل مع مصادر الطاقة المتجددة.
يجب أيضًا أن تتضمن مناقشة مصفوفة الطاقة، أولاً وقبل كل شيء، التفكير في من يستخدم هذه المصفوفة الجديدة؟ ومراعاة من سيستفيد منها أو ما الغرض الذي يستخدمه؟ أي: الطاقة لمن ومن أجل ماذا؟
aXA6IDMuMTQ0LjExNi4xOTUg جزيرة ام اند امز