الانتخابات العامة في بريطانيا.. ماذا نعرف عن مقامرة سوناك؟
خاطر رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك بمستقبله السياسي بدعوته لانتخابات عامة مبكرة ربما تكون أكبر مقامرة في مسيرته السياسية.
ويتجه الناخبون في بريطانيا في 4 يوليو/تموز المقبل للإدلاء بأصواتهم في انتخابات عامة حاسمة يتوقع أن تنهي 14 عاما من حكم المحافظين، وذلك في ضوء نتائج استطلاعات الرأي التي تشير إلى فوز ساحق لحزب العمال المعارض.
موعد الانتخابات
ووفقا للقانون تُجرى الانتخابات العامة في بريطانيا كل 5 سنوات، وكان الموعد النهائي لإجراء الانتخابات في يناير/كانون الثاني 2025 لكن التكهنات أشارت إلى اتجاه سوناك للدعوة لإجراء الانتخابات في خريف 2024، وفقا لما ذكرته صحيفة "التلغراف".
وفي 22 مايو/أيار، اتخذ سوناك قرارا مفاجئا بالدعوة لانتخابات عامة مبكرة في 4 يوليو/تموز رغم تراجع المحافظين في استطلاعات الرأي، وخسارتهم في انتخابات محلية.
واعتبر سوناك أنه من الأفضل الذهاب إلى صناديق الاقتراع عاجلا وليس آجلا، مستندا في قراره على مؤشرات اقتصادية إيجابية حول تراجع التضخم، فضلا عن انطلاق خطته لمواجهة معضلة الهجرة بعد موافقة البرلمان على ترحيل المهاجرين إلى رواندا.
من له حق التصويت؟
يمكن لأي شخص مسجل عمره 18 عامًا أو أكثر التصويت إذا كان مواطنًا بريطانيًا أو مواطنًا مؤهلاً من الكومنولث أو مواطنا من جمهورية إيرلندا، وله عنوان في المملكة المتحدة، وفقا لما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي".
كما يمكن لجميع مواطني المملكة المتحدة الذين يعيشون في الخارج التسجيل للتصويت، وكذلك يمكن للطلاب التسجيل في كل من عناوين منازلهم وعنوان الفصل الدراسي، ولكن يجب عليهم التصويت في مكان واحد فقط.
أما الذين لا يحق لهم التصويت فهم أعضاء مجلس اللوردات والأشخاص الذين يقضون فترة عقوبة في السجن.
كيف يتم التصويت؟
في يوم الانتخابات، يتجه الناخبون المسجلون إلى مراكز الاقتراع المحلية والتي تفتح أبوابها من 7 صباحا وحتى 10 مساء حيث يكون لكل شخص صوت واحد لاختيار مرشحه المفضل كما يمكن لبعض الأشخاص التصويت مبكرا عن طريق البريد ويصبح المرشح الذي يحصل على أكبر عدد من الأصوات نائبا عن منطقته.
وتشهد هذه الانتخابات حدودا جديدة للدوائر الانتخابية التي أعيد رسمها لتعكس التغيرات السكانية ولموازنة أعداد الناخبين وفقا لـ"بي بي سي".
ماذا يحدث بعد إعلان نتائج الانتخابات؟
وبعد فرز الأصوات، يكون الفائز هو الحزب الذي حصل على أكبر عدد من مقاعد مجلس العموم البالغ عددها 650 مقعدا ويصبح زعيم الحزب رئيسا للوزراء، حيث يكلفه الملك بتشكيل الحكومة.
أما إذا لم يتمكن أي حزب من تحقيق الأغلبية تكون النتيجة هي برلمان معلق، وبالتالي قد يقرر الحزب صاحب أكبر عدد من المقاعد تشكيل حكومة ائتلافية بالتعاون مع حزب آخر، أو العمل كحكومة أقلية تعتمد على أصوات الأحزاب الأخرى لتمرير قوانينها.
ومن المقرر أن يجتمع البرلمان الجديد في 9 يوليو/تموز، لانتخاب رئيس له وحتى يؤدي النواب اليمين الدستورية ويعقب ذلك الافتتاح الرسمي للبرلمان وخطاب الملك، عندما تحدد الحكومة أولوياتها للأشهر المقبلة، في 17 يوليو/تموز.
النتائج المتوقعة
يرى الكثير من المحللين أن الانتخابات العامة المقبلة في بريطانيا ستكون تكرارا لسيناريو عام 1997 حين حقق حزب العمال الذي كان يقوده آنذاك توني بلير فوزا ساحقا على حزب المحافظين بزعامة رئيس الوزراء السابق جون ميجور.
ومنذ أواخر عام 2021 يتصدر حزب العمال بزعامة كير ستارمر استطلاعات الرأي وتزايدت شعبية المعارضة طوال فترة حكم سوناك، الذي تولى المنصب في أكتوبر/تشرين الأول 2022 عقب سلسلة من الاضطرابات التي شهدها حزب المحافظين الحاكم.
وخلال الأسابيع الأولى من الحملات الانتخابية تقدم العمال بنحو 20 نقطة ومؤخرا كشف استطلاع أجرته مؤسسة إبسوس أن حزب المحافظين يتجه نحو أسوأ هزيمة له على الإطلاق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، مع توقعات بخسارة عدد من قيادات الحزب مقاعدهم.
في حين حذر استطلاع أجرته "تلغراف" من احتمال أن يخسر سوناك نفسه مقعده ليكون أول رئيس وزراء في التاريخ يخسر دائرته الانتخابية.
وكانت العلامة التجارية لحزب المحافظين قد تضررت بسبب سلسلة من الفضائح مثل أزمة "بارتي غيت" التي أطاحت برئيس الوزراء السابق بوريس جونسون في 2019 ثم تسببت الأجندة المالية لخليفته ليز تراس في حدوث اضطرابات في الأسواق مما أنهى ولايتها التي استمرت لأسابيع فقط ليخلفها ريشي سوناك وفقا لما ذكرته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية.
ويقر الكثير من قيادات المحافظين بالوضع الحرج قبل الانتخابات ويكثف الجميع الجهود من أجل إنقاذ الموقف في يوم التصويت.
الأحزاب الأخرى
ويهيمن حزبا المحافظين والعمال على المشهد السياسي في بريطانيا لكن هناك عددا من الأحزاب الأخرى مثل الديمقراطيين الأحرار وهو حزب وسطي مؤيد لأوروبا، وتشير الاستطلاعات إلى نجاحه في تقليص الدعم للمحافظين في الأجزاء الجنوبية الغنية من إنجلترا.
وهناك أيضا نايجل فاراج الزعيم اليميني الشعبوي الذي يقود حركة الإصلاح في المملكة المتحدة، الذي قال في البداية إنه لن يترشح للانتخابات قبل أن يتراجع عن موقفه.
وانتقد فاراج سجل سوناك فيما يتعلق بالهجرة، واقتربت مجموعته من حزب المحافظين في العديد من استطلاعات الرأي بحسب "سي إن إن".
كما يهيمن الحزب الوطني الاسكتلندي على صناديق الاقتراع في اسكتلندا، حيث يسعى حزب العمال للقضاء على هذه الهيمنة.
ويواجه حزب العمال تحديات من حزب الخضر الذي يجتذب بعض الأصوات الليبرالية الشابة.
القضايا الرئيسية
ويركز حزب العمال على الانتخابات باعتبارها "استفتاء على 14 عاما من حكم المحافظين"، مستغلا الإرهاق العام مع الحزب الذي قاده 5 زعماء خلال هذه الفترة كما أشرف خلال أعوامه الطويلة في السلطة على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي وتسبب في اقتصاد متعثر وسلسلة من فضائح الفساد.
ويسلط ستارمر الضوء على قضايا مثل تكلفة المعيشة التي تؤثر بشكل سلبي على الأسر البريطانية، كما يسلط الضوء أيضا على حالة الخدمة الصحية الوطنية (NHS) المكتظة بالموظفين.
في المقابل، يركز سوناك على الهجرة وخطته لترحيل المهاجرين من بريطانيا، مع محاولة لإقناع الناخبين بأن الاقتصاد تجاوز مرحلة صعبة، مشيرا إلى خبرته كوزير للمالية خلال جائحة كوفيد19، ومحذرا من المخاطرة بتغيير الحكم خاصة مع سعي العمال إلى فرض المزيد من الضرائب.