بعد تصنيف بريطانيا حزب الله "إرهابيا".. تحذيرات من تفاقم عزلة لبنان
القرار يزيد الأمور تعقيدا حيال موقف الدولة وعلاقاتها بالمجتمع الدولي، في وقت يعمل فيه حسان دياب على تشكيل حكومة من لون واحد
حذر سياسيون من تفاقم عزلة لبنان بعد قرار وزارة الخزانة البريطانية تصنيف حزب الله بالكامل منظمة إرهابية بموجب قواعد الإرهاب والتمويل الإرهابي.
وأوضحوا أن القرار يزيد الأمور في لبنان تعقيدا حيال موقف الدولة وعلاقاتها مع المجمع الدولي، في الوقت الذي يعمل فيه رئيس الحكومة المكلف حسن دياب على تشكيل حكومة من لون واحد، مؤلفة من شخصيات مرشحة من قبل حزب الله وحلفائه، وإن كانوا يحاولون الإيحاء بأنهم مستقلون.
وأعلنت وزارة الخزانة البريطانية، الجمعة، عن أنها صنفت حزب الله اللبناني، بجناحيه العسكري والسياسي، منظمة إرهابية بموجب قواعد الإرهاب والتمويل الإرهابي، وبالتالي سيتم تجميد أصوله، حيث في السابق، كان الجناح العسكري فقط للحزب هو المستهدف بتجميد الأصول بموجب قواعد الحكومة البريطانية.
وفيما كان لافتا غياب ردود الأفعال الرسمية على القرار من المسؤولين في لبنان، أكد الدكتور سامي نادر، مدير مركز المشرق للشؤون الاستراتيجية في بيروت، أن أهمية هذا التصنيف البريطاني تكمن في أنه صدر من قبل دولة أساسية بأوروبا ويشكل أيضا رسالة إلى حلفاء الحزب في الداخل.
وقال نادر لـ"العين الإخبارية": هذا تحول مهم في الموقف البريطاني في الوقت الذي يتصاعد فيه الصراع الأمريكي–الإيراني ويأتي بعد الموقف الألماني، وبالتالي قد يمهد لمواقف وقرارات مماثلة في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف "هذا من شأنه أن يؤثر على المساعدات والدعم الذي كان يتلقاه لبنان أو سيتلقاه على غرار مؤتمر سيدر الذي عقد في باريس أبريل/نيسان 2018 ووعد بتقديم مساعدات للبلاد تفوق الـ11 مليار دولار أمريكي".
وأوصى البرلمان الألماني، الشهر الماضي بأغلبية كبيرة، الحكومة بحظر أنشطة حزب الله الإرهابي بشكل كامل في الأراضي الألمانية.
وأوضح نادر أنه إذا شكلت حكومة من لون واحد، أي من حزب الله وحلفائه، هذا سيجعل الأمور أكثر صعوبة في ضوء تصنيف الحزب إرهابيا من قبل أمريكا وبعض دول أوروبا على حد سواء بعد التصنيف السابق والمماثل من الدول العربية.
ولفت إلى أن خصوم حزب الله، أي "الحزب الاشتراكي" و"تيار المستقبل" و"حزب القوات" و"حزب الكتائب" رفضوا المشاركة في الحكومة اللبنانية لرفضهم تسمية حسان دياب الذي عين بدعم حزب الله وحلفائه.
وبعد شهر على تكليف دياب لا تزال الخلافات على توزيع الحصص بين الحلفاء أنفسهم تحول دون تشكيل الحكومة، وفي كل مرة تحل عقدة تبرز أخرى جديدة.
موقف سامي نادر اتفق معه العميد المتقاعد والنائب في "حزب القوات" وهبي قاطيشا، محذرا من تداعيات هذا القرار وتوسيعه ليشمل دولا أخرى.
وأضاف لـ"العين الإخبارية": كانت الدول الأوروبية بتمييزها بين الجناح السياسي والعسكري لحزب الله كأنها تكذب على نفسها ليأتي التصعيد الأمريكي- الإيراني ويترك تداعياته المباشرة على هذا الأمر ما أدى إلى الإسراع البريطاني بتنفيذ هذا القرار.
وأكد قاطيشا أن الذهاب نحو تشكيل حكومة من لون واحد يسيطر عليها حزب الله وحلفائه بدل الخضوع لمطالب الشارع اللبناني المنتفض وتأليف حكومة متخصصين مستقلين "لن يكون التضييق فقط على حزب الله الذي يشكل سبب الويلات التي تعاني منها البلاد، بل على كل لبنان".
ويضيف: "سنكون عندها أمام سقوط الهيكل بأكمله على الجميع ونحو المزيد من العزلة للبنان بسبب حزب الله الذي يأخذ لبنان رهينة".
وعن الموقف الذي يمكن أن يتخذه خصوم الحزب في لبنان كما حلفائه لتجنيب البلاد هذه التداعيات، يقول قاطيشا "المشكلة أن حلفاءه يشاركون في الجريمة ويغطونه لمصالح مشتركة بينهما، أما خصوم حزب الله أو ما كان يعرف بفريق 14 آذار، فمشكلته تكمن في تشتته وبالتالي عدم القدرة على مواجهة حزب الله".
وفي الإطار نفسه، قال السفير السابق في لندن هشام حمدان لـ"وكالة الأنباء المركزية" في لبنان: إن هذا التصنيف سيزيد من الصعوبات التي تواجه البلاد. وعلى رغم أنه لا يُلزِم أياً من دول المجتمع الدولي، لأنه غير صادر عن مجلس الأمن، لكنه في الحقيقة يأخذ مدى واقعياً وتتعامل معظم الدول مع لبنان مع أخذه بعين الاعتبار، بما أنه صدر عن مؤسسة وقوة عالمية كالخزانة البريطانية".
وأضاف: "التجربة ليست جديدة، فعندما قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتصنيف حزب الله بأنه منظمة إرهابية أدخلت لبنان ضمن مجموعة من الدول الـ32 في العالم التي اعتبرتها من الدول الراعية للإرهاب أو التي لديها مجموعات موصوفة بالإرهاب".
وأوضح أن القرار الأمريكي، أصبح ضاغطاً على لبنان بشكل لا يُخفى، وعانى اللبنانيون في الماضي، الأمرّين عند دخولهم وخروجهم من أي مرفأ إلى أي بلد في العالم، ومن ثم حرِصت معظم شعوب هذه الدول على أن توصي أبناءها ومواطنيها بعدم السفر إلى لبنان، ما أثّر أثراً سلباً على السياحة وحركة الاستثمار الاقتصادي.
وخلص إلى أنه: "يجب أن نكون واقعيين الفهم بأنه إذا أردنا أن نواجه مثل هذه الدول، فعلينا أن نتحمّل العواقب، فهل يستطيع لبنان أن يتحمّل مثل هذه التداعيات؟".
وتابع: "الأمور تفترض وتحتاج إلى إعادة نظر في سياستنا الخارجية وفي الأولويات، وعلينا قبل كل شيء أن نعود إلى وطننا وحماية أنفسنا وبيتنا، وأن نجمّع أنفسنا مجدداً ونكوّن وحدتنا الوطنية لنستطيع مواجهة هذه المرحلة الجديدة من العولمة وهذا التاريخ المتسارع من الحركة العالمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية".
ولبنان دون حكومة عاملة منذ استقالة سعد الحريري من منصب رئيس الوزراء في أكتوبر/تشرين الأول وسط احتجاجات على النخبة السياسية بسبب انتشار الفساد، وتشهد البلاد أزمة اقتصادية طاحنة.
وبعد أسابيع من المشاورات تم تكليف حسان دياب، وهو وزير سابق، بتشكيل الوزارة، لكن مع عجزه حتى الآن عن تشكيل الحكومة، أثارت الأزمة المالية والاقتصادية الطاحنة في لبنان مخاوف على استقراره، إذ أدى نقص العملة الصعبة إلى هبوط حاد في قيمة الليرة اللبنانية ودفع البنوك لفرض قيود على السحب من الودائع والتحويلات للخارج.
aXA6IDMuMTQ0LjkyLjE2NSA= جزيرة ام اند امز