عملية الطعن بالسكاكين في لندن أسفرت عن فضيحة سياسية وأمنية بسبب الإفراج عن الإرهابي القتيل قبل فترة بعد سجنه لمدة 8 سنوات بتهمة التحضير لعملية إرهابية كبرى.
أسفرت عملية الطعن بالسكاكين في لندن عن فضيحة سياسية وأمنية بسبب الإفراج عن الإرهابي القتيل قبل فترة بعد سجنه لمدة ثماني سنوات بتهمة التحضير لعملية إرهابية كبرى، ويتركز التحقيق الآن حول احتمال علاقة الإرهابي الباكستاني عثمان خان بأفراد آخرين؛ ما وصف بأنه "جرس إنذار" لما يمكن أن يحصل قريبا؛ فبعد هدوء دام نحو سنتين ضرب الإرهاب مرة أخرى في قلب لندن، وفي المكان الأول نفسه وبالأسلوب نفسه، أي تنفيذ العملية ضد المدنيين بسكين مطبخ وطعن عدد منهم إلى أن أرداه البوليس بالرصاص.
يُنظر إلى العمليات الأخيرة في لندن وغيرها كبداية خطيرة لموجات جديدة من الإرهاب يستفاد منها في الدعاية لداعش، والإيحاء بأنها ما زالت موجودة وقادرة على الضرب، مع مخاوف أخرى من إقدام من تبقى من القيادات على احتلال مدن أو مناطق في العراق وسوريا
الجديد في هذه العملية ارتداء الإرهابي حزاما ناسفا مزيفا، ربما للإيحاء لرجال الأمن بأنه قد يفجره بأي لحظة إن حاولوا مهاجمته في موقع الهجوم وهو برج لندن، الذي يُعَد من أشهر المعالم السياحية البريطانية في لندن، وبعيدا عن تفاصيل هذا الهجوم لا بد من رفع حالة التأهب في العالم والاستعداد لما هو أكبر وأخطر، وسط دلائل كثيرة بدأت تتجمع بعد هزيمة "داعش" بقيادة أبوبكر البغدادي في شمال العراق وسوريا، وبعد شهرين من الإعلان عن مقتله بهجوم الكوماندوز الأمريكي.
وأكثر ما يثير الدهشة والريبة أن معظم الدول المعنية بهذا الأمر -وفي مقدمها الولايات المتحدة- تواصل الحديث عن نهاية المعركة ضد الإرهاب وهزيمة الدواعش. تحالف دولي عمل لسنوات على شن حرب ضارية ضد الدولة المزعومة بقيادة الولايات المتحدة استخدمت فيها كل أنواع الأسلحة ومئات الغارات الجوية، وفجأة تعلن عن تداعي الكيان الذي هز العالم وأثار الرعب من إرهاب قد يضرب في أي لحظة وفي أي مكان.
كيف تم ذلك بسحر ساحر، اختفى فيه عشرات الآلاف من الدواعش وكأنهم "فص ملح وذاب" دون أن نسمع حديثا لأحد القادة أو نشهد أماكن الدمار وجثث القتلى ومصير الهاربين؟
يكتنف الغموض كل جوانب هذه القضية، تماما كما حصل عندما أعلن البغدادي عن قيام الخلافة من مدينة الموصل العراقية، ثم تمدد نفوذه إلى مدن عراقية وسورية أخرى، دون أن يقابل بأي هجوم أو ردع من قبل الجيش العراقي.. في البداية حيث ترك السكان فريسة سهلة للداوعش وأخليت المدن وانسحب الجنود، بعد أن خلفوا وراءهم مئات الآليات الحديثة ومئات الملايين من الدولارات.
وعلامات الاستفهام الكثيرة تحولت إلى ألغاز غامضة لم يتجرأ على كشف أسرارها أي مسؤول عربي ودولي، رغم ما كانت تحمله من مخاطر وما تتسبب به من أحداث دامية في الدول العربية والأجنبية.
وباستثناء بعض التحليلات والأخبار المتفرقة لم يتبين لنا كيفية سيطرة الدواعش السهلة وقد سألت أحد مستشاري الزعيم الكردي مسعود برزاني عن الموضوع فاتهم الحكومة المركزية في بغداد بأنها تجاهلت كل التحذيرات والإنذارات والمعلومات حول استعدادات المتطرفين لشن هجوم واسع، وقال إنه ذهب إلى رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي ليخبره بأن معلوماته تفيد بأن الخطر قادم خلال أشهر فلم يحرك ساكنا وقبل أسبوع عاد وذهب إلى بغداد ليخبره بأن الهجوم صار قضية أيام قليلة فلم يحرك ساكنا وكانت النتيجة انسحاب للقوى الأمنية العراقية من الموصل وترك أسلحتها وآلياتها في المدينة لتقع بيد الدواعش.
ما يهمنا اليوم هو التحذير من أشياء وتحركات مريبة تمهد لاستئناف النشاط في الوقت المناسب لمن يقف وراء هذه الظاهرة المنحرفة وسط تساؤلات عن قضايا مهمة مثل إمكان تحول الداعشيات إلى قنابل موقوتة في المنطقة والعالم وخاصة أننا سمعنا أحاديث لهن بشكل علني وواضح عن الرغبة بالانتقام ومواصلة المهمة والتشبع بأفكار داعش المتطرفة، كما يجري التحذير من أطفال داعش وخطرهم في حال تركوا دون معالجة لأنهم شاركوا في القتل والذبح ودربوا على التطرف والعنف.
وهناك أيضا مئات الدواعش الذين هربوا بعد المعركة وتوزعوا على تركيا وعدة دول عربية مجاورة ومنهم من استطاع أن يصل إلى دول أوروبية بأسماء مستعارة بعد أن حلقوا ذقونهم وغيروا من ملامحهم ومنهم عشرات الأوروبيين والأجانب والعرب الذين حصلوا على جوازات سفر لأشخاص تم قتلهم.. يضاف إلى كل ذلك وجود ما يسمى بالذئاب المنفردة أي الشبان المقيمين في أوروبا والعالم من المتبنين لفكر داعش أو المنتمين.
ولهذا ينظر إلى العمليات الأخيرة في لندن وغيرها كبداية خطيرة لموجات جديدة من الإرهاب يستفاد منها في الدعاية لداعش والإيحاء بأنها ما زالت موجودة وقادرة على الضرب مع مخاوف أخرى من إقدام من تبقى من القيادات على احتلال مدن أو مناطق في العراق وسوريا.
إن جرس الإنذار يتطلب استنفارا أمنيا وعدم الاطمئنان للهدوء الذي ساد لفترة من الفترات "ودرهم وقاية خير من قنطار علاج" وهذا ينطبق على الدول العربية والعالم كله.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة