الاقتصاد البريطاني «في حالة سيئة».. كيف يسعفه حزب العمال؟
قال رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الإثنين، إن اقتصاد البلاد «في حالة سيئة»، وإن حكومته الجديدة ستتخذ القرارات اللازمة لتحسين الأوضاع.
وأضاف ستارمر، الذي قاد حزبه لتحقيق فوز ساحق في انتخابات الأسبوع الماضي "الاقتصاد في حالة سيئة، أعتقد أن البلاد بأكملها تعرف ذلك، ولهذا السبب هناك تكليف قوي لحكومة حزب العمال المقبلة بالتغيير".
وأردف قائلاً "ما يتعين علينا فعله الآن هو المضي قدما وإحداث هذا التغيير".
وكانت وزيرة المالية راشيل ريفز قالت في وقت سابق إن الحكومة بدأت مهمة تدشين مشروعات بنية تحتية واستثمارات خاصة في إطار "مهمة وطنية" جديدة لتعزيز النمو الاقتصادي.
14 عاماً من حكم المحافظين.. هزت الاقتصاد
يتسلم حزب العمال السلطة في بريطانيا بعد 14 سنة من حكم المحافظين يجمع كثيرون على أنها كانت كارثية على الاقتصاد البريطاني، الذي شهد هزات عنيفة خلال حكمهم بداية من الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست) مرورا بجائحة كوفيد-19 وصولا للخطة الاقتصادية التي وضعتها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة ليز تراس، التي كلفت الاقتصاد البريطاني أسوأ تراجع للجنيه الاسترليني في تاريخه.
ووفق معطيات المعهد الوطني للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية التابع لوزارة الخزانة البريطانية تراجع منحنى النمو الاقتصادي من نسبة 3.4% سنويا مسجّلة خلال الفترة بين انتهاء الحرب العالمية الثانية وعام 1973، إلى 2.3% حتى 2008، لكن منذ وصول المحافظين قبل 14 سنة هوى النمو الاقتصادي إلى 1.2% فقط، قبل أن يغادروا الحكومة تاركين نسبة النمو تقترب من الصفر.
ويشير معهد أبحاث السياسات العمومية البريطاني إلى أن الاستثمارات العامة التي تعد المحفز للاقتصاد تراجعت بأكثر من 500 مليار جنيه استرليني (639.77 مليار دولار) خلال فترة حكم المحافظين، وتحدث عن دخول بريطانيا إلى مرحلة "ما دون الاستثمار" التي تعني أن الاستثمار العمومي في البنيات التحتية لا يواكب حاجة البلاد.
ووفق بنك غولدمان ساكس الأمريكي فإن حجم المبادلات التجارية بعد بريكست تراجع بشكل كبير.
ومع تراجع الاقتصاد تأثرت الأجور بصورة كبيرة، فبعد أن كانت تزيد على 33% بين عامي 1970 و2007 تجمدت سنة 2010 عند صفر%، وفق معطيات مؤسسة الدراسات الضريبية البريطانية.
وفي سنة 2023، أصبحت الأجور في بريطانيا قريبة من المستويات المسجلة في 2008 خلال الأزمة المالية التي ضربت العالم، ووفق المصدر ذاته فإن وضع نمو الأجور في بريطانيا حاليا هو الأسوأ منذ عام 1815.
وتعمقت أزمة الفقر وبشكل كبير في بريطانيا خلال الـ14 سنة الماضية، ولا أدل على ذلك من حجم الاعتماد على بنك الأغذية، إذ كانت بنوك الأغذية توزع 100 ألف سلة غذائية سنة 2010 ليرتفع هذا الرقم إلى 3 ملايين سلة سنة 2023.
- وزير فرنسي يحذر من خطر «أزمة مالية» وتراجع اقتصادي
- أول امرأة تشغل منصب وزير مالية بريطانيا منذ 800 سنة.. من هي راشيل ريفز؟
مهمة إصلاحية "صعبة" لحزب العمال
ستكون مهمة حزب العمال صعبة في التعامل مع الوضع الاقتصادي الذي يحتاج إلى حلول عاجلة، على الرغم من أن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر قال إن حل هذه المشاكل سيتم بمنطق بناء "لبنة فوق لبنة"، فلا يوجد حل سحري وعاجل لكل هذه المشاكل.
وكان الاقتصاد البريطاني قد نما بوتيرة أعلى في القراءة الثانية للربع الأول من العام الجاري مقارنة بالقراءة الأولية، بعدما انزلق نحو ركود فني في النصف الأخير من عام 2023، لكن أداء الاقتصاد لا يزال ضعيفاً.
وحسب بيانات صدرت عن مكتب الإحصاءات الوطني الجمعة، نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.7% على أساس فصلي في الربع الأول من العام، ليتجاوز التقديرات الأولية التي أشارت إلى ارتفاعه 0.6% خلال الفترة نفسها.
وذلك بعد انكماشه 0.3% و0.1% في الربعين الرابع والثالث من عام 2023، وانزلاق الاقتصاد نحو ركود فني.
وحسب استطلاع لمؤسسة "إيبسوس" فإن 38% من الذين صوتوا للعمال قالوا إن السبب هو اعتقادهم أن العمال سيصلحون الاقتصاد، بينما قال 52% إنهم صوتوا للعمال لإيمانهم بقدرة الحزب على معالجة أزمة القطاع الصحي، مما يعني أن البريطانيين صوتوا للعمال من أجل إصلاح الخدمات أكثر من الاعتبار الاقتصادي.
حسب ما صرح به رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، فإن الأولوية بالنسبة إليه هي إعادة الثقة والاستقرار للاقتصاد، القيام بإصلاح ضريبي سيتم الإعلان عنه في أكتوبر/تشرين الأول المقبل مع الإعلان عن أول موازنة في العهد الجديد للحزب، رفع الإنفاق العام خصوصا في مجال البنية التحتية، التحكم في حجم الاقتراض والدين العمومي، الحفاظ على معدل التضخم في حدود 2.2% بعد أن بلغ خلال العامين الماضيين أعلى مستوى له منذ الحرب العالمية الثانية.
وتتمثل من أبرز ملامح السياسة الضريبية لحزب العمال، في الالتزام بعدم زيادة الضرائب المتعلقة بالأفراد مثل الضريبة على الدخل وكذلك الضريبة على القيمة المضافة، ووضع سقف للضرائب على الشركات في حدود 25%، بالإضافة إلى زيادة المداخيل الضريبية بأكثر من 8 مليارات جنيه استرليني (10.23 مليارات دولار)، من خلال التشديد أكثر على الحد من التهرب الضريبي وإغلاق الثغرات الموجودة في القانون الضريبي لغير المقيمين في البلاد، التي من المتوقع أن ترفع الإيرادات الضريبية بنحو مليار جنيه استرليني (1.27 مليار دولار).
كما تعهد حزب العمال بخلق ما سماه صندوق الثروة الوطني بقيمة 7.3 مليار جنيه استرليني، الذي يهدف إلى «إطلاق العنان لمليارات الجنيهات من الاستثمارات الخاصة» لدعم «النمو والطاقة النظيفة»، وخلق نحو 650 ألف وظيفة في الصناعات المستقبلية.
فيما يستهدف بناء 1.5 مليون منزل كجزء من استراتيجية تطوير البنية التحتية خلال السنوات العشر المقبلة.
aXA6IDMuMTQ0LjIuNSA= جزيرة ام اند امز