جيولوجي بريطاني: قرأنا تاريخ القمر المفقود واكتشفنا موارده الثمينة (حوار)
تخيل محاولة تجميع أجزاء لغز قديم ضخم، حيث تتناثر معظم الأجزاء على مدى مليارات السنين، هذا ما فعله الباحثون من جامعة مانشستر البريطانية في الدراسة المنشورة بدورية "علم النيازك وعلوم الكواكب"، باستخدام صخور القمر التي تم جمعها خلال مهمة "أبولو 1".
وكانت "قطع اللغز" في هذه الحالة هي صخور خشنة قمرية، تشكلت من غبار القمر (الريجوليث) عندما اندمجت مع بعضها بعضا كنتيجة لاصطدام الكويكبات بسطح القمر، حيث عملت هذه الصخور الخشنة مثل كبسولات الزمن الجيولوجي، التي حافظت على تاريخ القمر منذ إنشائه.
ولمعرفة المزيد من التفاصيل عن هذا العمل، والتقنيات المستخدمة، وأهم الأدوات التي وظفها الباحثون لقراءة تاريخ القمر المفقود واكتشاف موارده الثمينة، كان لنا هذا الحوار مع د.مارك نوتنغهام، من قسم علوم الأرض والبيئة بجامعة مانشستر، والباحث الرئيسي في هذا العمل.
كيف وظفتم "مطيافية الكتلة" لتحليل عينات أبولو 16؟ وما المميز بتلك التقنية؟
سمحت مطيافية الكتلة لنا بقياس عينات لم يتم قياسها من قبل، واستكشاف تاريخها على سطح القمر، وقد أظهرت لنا أن السجلات المحفوظة في هذه الأنواع من العينات تغطي فجوة زمنية مهمة في تاريخ سطح القمر، بين القصف الثقيل المتأخر، الذي تعرض له من الكويكبات والرياح الشمسية، والأوقات الأكثر حداثة.
ذكرتم أن الغازات النبيلة المحاصرة في غبار القمر تكشف عن تاريخ تعرضه للرياح الشمسية، فمن أين جاء هذا الرابط؟
الرياح الشمسية تحمل الغازات النبيلة مثل الأرجون والزينون، ومن خلال قياسها في الريجوليث يمكن للباحثين معرفة المدة التي ظلت فيها العينات على سطح القمر معرضة للجسيمات الشمسية، ومن ثم نجحنا في استخدام الغازات لبناء تاريخ مفصل لكل عينة، منذ متى كانت موجودة، ومدة تعرضها للقصف من الرياح الشمسية على سطح القمر.
ما الاختلاف بين العينات القمرية التي تم جمعها خلال رحلة أبولو 16 والعينات الأخرى التي نشرت حولها دراسات سابقة؟
تحتوي العينات التي تم تحليلها خلال الدراسة على مكونات وفيرة نموذجية للتربة القمرية (مثل الكتل والخرز الزجاجي البركاني)، وتُظهر سجلات الغازات النبيلة لهذه العينات أيضا أنها تشكلت في وقت لاحق من الأنواع الأكثر قدما من الريجوليث التي تشكلت في وقت مبكر من تاريخ القمر، وتميزت هذه العينات أيضا بمدة إقامتها الطويلة (بشكل عام) على السطح.
كيف يمكن أن تغير نتائجكم من فهمنا لتطور القمر على مدى المليار سنة الماضية؟
تعلب دورا كبيرا في ذلك، فإحدى العينات مثلا يُعتقد أنها من تأثير فوهة "راي الجنوبية"، ويتوافق تحليلنا لها وما تحتويه من عناصر مع العمر المقبول حاليا لتلك الفوهة.
ولا يفيد ذلك فقط في تعميق فهمنا لتاريخ القمر، بل لها أيضا آثار عملية على بعثات القمر المستقبلية، مثل برنامج أرتميس التابع لوكالة ناسا، فمعرفة مكان وجود الموارد القيمة مثل الغازات النبيلة في تربة القمر يمكن أن يساعد القواعد القمرية المستقبلية على أن تصبح أكثر اكتفاء ذاتيا، مما يقلل من الحاجة إلى جلب كل شيء من الأرض.
هل يمكن أن يكون لدراسات أخرى للتربة التي جمعت من كويكبات دور في فهم تاريخ اصطدامات الكويكبات داخل النظام الشمسي؟
تاريخ الاصطدامات داخل النظام الشمسي مدعوم بفهمنا لمعدلات الاصطدام على الأسطح معروفة العمر على القمر، فنحن نقوم بانتظام بتقدير "عدد الفوهات" في المناطق التي لدينا قياسات لها على القمر، وتسمح لنا عدد الفوهات بتقدير أن سطحا بهذا العمر من المرجح أن يكون مليئا بالفوهات بشكل مماثل، وبالتالي يسمح لنا بتقدير أعمار الأسطح داخل النظام الشمسي التي لا نملك عينات مادية منها (حتى الآن).
هل يمكن تكييف المنهجية المستخدمة لدراسة حطام القمر لتحليل الريجوليث خارج الأرض؟ وما الاكتشافات المحتملة؟
يمكن تطبيق المبادئ المطبقة في الورقة بسهولة على عينات الريجوليث من بعثات إعادة عينات الكويكبات، والقيام بذلك سيسمح لنا بالتحقيق في تاريخ الريجوليث التي تشكل اللبنات الأساسية للكواكب في نظامنا الشمسي.
aXA6IDMuMTQxLjIxLjE5OSA= جزيرة ام اند امز