الإخوان والمشهد المصري.. خطة للعودة مغلفة بـ«الخديعة»
ما إن هوى بنيانه ومشروعه التوسعي على صخرة الإرادة الشعبية المصرية التي لفظته في 30 يونيو/حزيران 2013، حتى بدأ تنظيم الإخوان المصنف إرهابيًا في مصر، التفكير في طريقة للعودة مجددًا للمشهد.
تفكير قاده إلى اللعب تارة على وتر الأزمات في البلد الذي لفظه في محاولة لتغيير الصورة الذهنية التي طبعت في عقول المصريين عنه، وتارة أخرى بمغازلة الحكومة والقيادة السياسية؛ آملا أن تقوده الوساطات التي وضعها بينه و«النظام»، إلى منحه فرصة ثانية؛ لإعادة التغلغل من جديد.
- يوسف القعيد يروي لـ"العين الإخبارية" شهادته عن 30 يونيو والإخوان
- تحالف 30 يونيو واستراتيجية تفكيك الإخوان
فما آخر خطط الإخوان؟
في اختلاف جذري عن المساعي السابقة، جنح تنظيم الإخوان الإرهابي إلى خطة طويلة المدى ومتدرجة، يسعى من خلالها لـ«خديعة» القوى السياسية المختلفة مع الإخوان، وخصوصًا اليسارية منها؛ في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة للتفاهم معها عن طريق وسطاء.
الخطة تعتمد، بحسب مصادر «العين الإخبارية»، إلى إظهار أن «الإخوان تخلت عن نهجها القديم في إقصاء مخالفيها، وهو ما لم يحدث فعليا، فضلًا عن مساعي جبهة لندن (صلاح عبد الحق) للتهدئة مع النظام المصري ومحاولة التوصل لصفقة معه».
وبحسب معلومات ووثائق حصلت عليها «العين الإخبارية»، فإن الخطة التي «اعتمدتها جبهة لندن (صلاح عبدالحق) جرى وضعها قبل فترة بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدتها لجنة معنية بالتطوير والمكتب السياسي للجماعة الذي يترأسه عضو مجلس الشورى العام حلمي الجزار».
وتشير المعلومات التي أكدها مصدران قياديان داخل الإخوان إلى أن لجنة التطوير عقدت سلسلة طويلة من الاجتماعات الفعلية والافتراضية، منذ حدوث الانقسام الإخواني بين جبهتي لندن وإسطنبول؛ لمناقشة المقترحات الخاصة بتطوير أداء الجماعة والعودة بها لحالة الفاعلية مرة أخرى.
تلك الاجتماعات جرى خلالها:
- طرح فكرة فصل العمل الدعوي عن العمل السياسي.
- تجميد أنشطة الجماعة السياسية لفترة من الوقت تصل لـ10 سنوات.
- اكتفاء الجماعة بالعمل المجتمعي.
- عدم الانخراط في أي أنشطة أو منافسة تحمل طابعًا سياسيًا.
وأكد مصدر قيادي داخل الإخوان أن هذه الخطة والتي «تحظى بتوافق داخل جبهة لندن ووافق عليها القائم بأعمال المرشد الحالي صلاح عبد الحق ومن قبله القائم بالأعمال السابق إبراهيم منير، كانت مثار خلاف محتدم مع جبهة إسطنبول (محمود حسين) التي ترفض الخطة جملة وتفصيلًا وتراها انقلابًا على الثوابت الفكرية والسياسية للجماعة».
فما دلالات تلك الخطة؟
بحسب مصادر «العين الإخبارية»، فإن خطة التطوير الإخوانية تعكس الثقل المتزايد الذي اكتسبه المكتب السياسي لجماعة الإخوان- جبهة لندن ورئيسه حلمي الجزار الذي يشغل -أيضًا- عضوية مجلس الشورى العام، ويُنظر له باعتباره «فرس رهان» يعول عليه للخروج بالجماعة من حالة الاضمحلال الحالية.
إلا أن خصومه داخل جبهة إسطنبول (محمود حسين) يرون أنه «ينفذ مخططا مدروسا بعناية من أجل حرف مسار الجماعة وتغيير ثوابتها».
ومع تعثر التوصل لاتفاق بين الجبهتين المتناحرتين، طرح مقربون من الجماعة رؤى للوصول إلى «التوافق الوطني»، من وجهة نظرهم، تشمل:
- انعزال الإخوان عن النشاط الحزبي والسياسي
- تجميد أنشطته الدعوية والاجتماعية مقابل رفع اسمه من قوائم الإرهاب في مصر
- العفو عن سجناء الجماعة
- وضع صيغة للتعويض على أساس "الديات الشرعية" بين الإخوان والدولة المصرية، على حد تعبيرهم.
فهل هناك خطوات على الأرض لتفعيل الخطة الإخوانية؟
بحسب مصادر «العين الإخبارية»، فإن المكتب السياسي لجبهة لندن (صلاح عبد الحق)، دشن ضمن خطة التطوير المذكورة، منتدى جديدًا حمل اسم «رؤى للفكر والوعي»، ويضم أعضاء المكتب ومساعدين من خارجه.
وينظم المنتدى من آن لآخر لقاءات عبر برنامج «زووم» مع عدد كبير من شباب الجماعة، داخل وخارج مصر، للإجابة على تساؤلاتهم حول مستقبل تنظيم الإخوان، ومواقفه ورؤيته السياسية، وكذلك رؤيته لملف السجناء والملف الحقوقي ومستقبل العلاقات مع النظام المصري.
صفقة سياسية؟
ومن ضمن الخطوات لتفعيل تلك الخطة، خاض المكتب السياسي لجماعة الإخوان- جبهة لندن (صلاح عبد الحق) سلسلة من النقاشات حول أولويات الجماعة وكيفية الوصول إلى تحقيقها، وجرى تحديد هذه الأولويات، في الوثيقة السياسية الخاصة بالجبهة، كالآتي: إبرام شراكة مع القوى السياسية المصرية، والإفراج عن سجناء الإخوان، وتحقيق مصالحة مجتمعية.
ونصت جماعة الإخوان- جبهة لندن على أن الوصول لتحقيق هذه الأولويات يستلزم منها ألا تُنافس على السلطة وألا تنخرط في العمل السياسي في الوقت الراهن.
هل وافقت السلطات المصرية؟
إلا أن تلك المقترحات الإخوانية- لم تلقَ استجابة من الجانب المصري-، رغم أن قيادات إخوانية عقدت اجتماعًا مع وسيط في دولة إقليمية مجاورة لتركيا وناقش الطرفان مدى إمكانية التوصل لاجتماع مع السلطات المصرية، بحسب مصدر قيادي بجماعة الإخوان.
وأوضح المصدر أن هذه المبادرة رعتها سرًا، دولتان إقليميتان، مشيرًا إلى أن الوسيط الذي اجتمع مع اثنين من قادة الإخوان طلب من الجماعة إثبات حسن النية قبل طرح الأمر على الجانب المصري، عن طريق إيقاف أنشطة تنظيمية معينة وتهدئة الهجوم الإعلامي ضد مصر.
لكنه عاد بعد فترة وجيزة وأبلغ القياديين الإخوانيين بأن «الجانب المصري لا يرغب في التفاوض مع الجماعة، ولا يرى بأن هناك إطارا ممكنا لإبرام صفقة معها؛ لأن الجماعة لديها طموحات وأهداف تتناقض مع ثوابت الدولة المصرية»، على حد تعبير المصدر.
فماذا نعرف عن مهندس الخطة حلمي الجزار؟
- يقيم في الوقت الحالي داخل تركيا بعد أن انتقل إليها من «أرض الصومال» التي عمل وأقام فيها لفترة
- شغل عددًا من المناصب التنظيمية خلال السنوات التي تلت الإطاحة بالجماعة من الحكم في مصر.
- شغل منصب عضو المكتب الإداري لجماعة الإخوان في السودان
- تقلد رئاسة اللجنة الثلاثية التي أشرفت على الانتخابات الإخوانية في تركيا، عام 2021، وهي الانتخابات التي اعتُبرت سببًا رئيسيًا في الانقسام بين جبهتي الجماعة المتصارعتين.
- انحاز إلى جبهة لندن ومن ثم جرى تكليفه بالإشراف على المكتب السياسي.
- شغل -أيضًا- منصب نائب القائم بأعمال المرشد في الجبهة
- يعاون عضو مجلس الشورى العام محمد الفقي رئيس المكتب السياسي في أداء مهامه.
- تحت قيادة حلمي الجزار جرى توسيع أنشطة المكتب وضم العديد من الكوادر له؛ بينهم مجموعة من الباحثين السياسين المنتمين للجماعة كـ"عمار فايد"، والذي يروج على نطاق واسع داخل الإخوان أنه يشغل منصب نائب رئيس المكتب السياسي، ويحيى سعد، وبدر حسن شافعي.