إطلاق نار «مباغت» و«مجهول المصدر» يودي بحياة عسكري تونسي، ويفجر تساؤلات، وسط سياق بالغ التعقيد تشوبه محاولات إخوانية لإعادة التموقع.
حادثة تقطع هدوء منطقة عسكرية على الحدود مع ليبيا والجزائر، كانت دورية للجيش تجوبها ضمن مهمة روتينية، وتسفر، بحسب وزارة الدفاع التونسية، عن مقتل عسكري من الدورية.
وأوضحت الوزارة أن دورية عسكرية بمنطقة رمادة (تابعة لمحافظة تطاوين/ أقصى الجنوب الشرقي) كانت، فجر اليوم، بصدد تنفيذ مهامها العادية بالمنطقة الحدودية العازلة (عسكرية).
وأضاف البيان أن الدورية تعرضت إلى إطلاق نار «مباغت ومجهول المصدر»، مشيرا إلى أن السلطات المختصة فتحت تحقيقا في الحادث. ولم تقدم الوزارة أي تفاصيل إضافية.
وفي صيف 2013، جرى إعلان الشريط الحدودي الجنوبي الرابط بين تونس والجزائر وليبيا منطقة عسكرية عازلة، إثر تنامي ظاهرة انتشار الجماعات الإرهابية، وبذلك بات يُمنع الدّخول إليها إلا بتراخيص من السلطات.
ورمادة هي إحدى المدن التونسية، وتقع في محافظة تطاوين القريبة من مدينة بن قردان التي شهدت سابقا هجوما إرهابيا في عام 2016.
جيوب الإرهاب والإخوان؟
يرى مختار خلف الله، الخبير في الشأن الأمني التونسي، أن هذه العملية المجهولة قد تكون متأتية من جيوب إرهابية مازالت متمركزة في تونس.
ويقول خلف الله، في حديث لـ«العين الإخبارية»، إن تلك الجيوب «تتحين الفرصة لإيذاء المؤسسة العسكرية التونسية قبل الانتخابات الرئاسية القادمة التي من المنتظر أن تنتظم في الخريف المقبل».
وأضاف أنه في حال كان هذا واقع الحال، فإن "فيه ذلك رسالة من الإرهابيين بأنهم لا يزالون يحافظون على مواقعهم التي انتشرت طيلة حكم الإخوان".
وتابع: "كما أن هذه العملية يمكن أن تكون صادرة من مجموعات من المهربين الذين ينشطون في الحوض الصحراوي الرابط بين الجزائر وتونس وليبيا، والتي تعمل في شبكات الاتجار بالبشر وتريد إدخال مجموعات من الدول الأفريقية من أجل الهجرة الغير نظامية إلى أوروبا».
من جانب آخر، حذر الخبير في الشأن العسكري منذر بن حسن من خطورة العملية، واعتبر أن "تنظيمات مثل داعش والقاعدة في المغرب العربي تستهدف المؤسسة العسكرية التونسية وتريد إعادة سيناريو 2016، عندما حاول داعش الاستيلاء على الجنوب التونسي".
وأشار، في حديث لـ"العين الإخبارية" إلى أن «المهربين ينشطون بطريقة كبيرة في تلك المنطقة الصحراوية».
وتابع: "في الحالتين، فإن أي نشاط مسلح لجماعات خارجة عن القانون في الجنوب التونسي يعتبر تهديدا للقوات العسكرية التي احتفلت بالذكرى الـ68 منذ يومين".
وبحسب الخبير، فإن «هذه المنطقة العازلة تتمثل في خندق من الهضاب والجبال وترتكز بها أجهزة مراقبة وحواجز داخل بعض الجبال التي تضم منافذ إضافة إلى أجهزة إلكترونية».
ولم يستبعد مراقبون ربط إطلاق النار الذي تعرض له الجنود بعمليات عادة ما يقف وراءها الإخوان، والذين كلما تقطعت بهم سبلهم السياسية لجأوا إلى الضغط على أزرار الإرهاب.
وفي أغسطس/آب 2013 أقر الرئيس التونسي حينها المنصف المرزوقي، إقامة منطقة عازلة، جنوب شرقي تونس لحماية الحدود ومنع تهريب السلاح.
ويمتد الخندق العازل من معبر رأس جدير الحدودي بمدينة بنقردا التونسية، ويعتبر البوابة البرية الأكبر مع ليبيا، وصولا إلى معبر ذهيبة/وزان بمنطقة ذهيبة التابعة لمحافظة تطاوين جنوب شرقي البلاد.
وتشترك تونس وليبيا بخط حدودي على طول نحو 500 كيلومتر، ويربطهما منفذان بريان فقط.