مذكرة المشري.. إخوان ليبيا يلفظون النفس الأخير
مذكرة أرسلها الإخواني الليبي خالد المشري إلى محكمة أمريكية تفضح الكذب والتضليل الذي ينتهجه التنظيم الإرهابي عبر زرع الأشواك والعراقيل.
فما لا يتحقق بالسلاح أو بالحروب، قد يكون تلفيق القضايا الدولية أو الادعاءات الكاذبة سبيلا لتحقيقه، وهو ما يسعى تنظيم الإخوان في ليبيا للوصول إليه، حاملا في جعبته أهدافًا باطنها إقصاء كل ما يكون مغايرًا لفكره، أو خطرًا على انتشاره.
أمور بدت واضحة من خلال مذكرة أرسلها المشري رئيس ما يعرف بـ"المجلس الأعلى للدولة" إلى محكمة فرجينيا بالولايات المتحدة، قال فيها إن إفشاء الإسرار العسكرية أمر لا يعاقب عليه في القانون الليبي، مشيرًا إلى أن مفشي الأسرار العسكرية لا يتعرض لعقوبة الإعدام.
كذب وتضليل
مذكرة المشري جاءت مخالفة للقانون الليبي الذي تنص المادة (171) منه على أنه "يعاقب بالإعدام كل من زود حكومة أجنبية أو أحد عملائها أو أي شخص آخر يعمل لمصلحتها على أي وجه من الوجوه وبأي وسيلة، بسر يتعلق بالدفاع عن البلاد أو أي سر مماثل له".
فيما تنص الفقرة السادسة من القانون العسكري الليبي في مادتها (45) على، أن "إفشاء إسرار الدفاع عن البلاد وكلمات السر والإشارات السرية والعمليات والتوصيات السرية أو الاتصال أو التوسط للاتصال بقوات العدو أو العاملين لحسابه لإفشاء ما تقدم، يعاقب بالإعدام".
إخوان ليبيا يشهرون السيوف.. وعيد "المجلس الأعلى" يهدد الانتخابات
ورغم أن المشري على دراية بالقانون الليبي، إلا أن مذكرته جاءت فقط نكاية في القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر، واستمرارًا لمسلسل تصعيد الإخوان في عدائهم ورفضهم ترشح الأخير للانتخابات المقبلة، وفي إطار مطالبهم بتأجيل الاستحقاق الدستوري.
وكان فريق الدفاع عن المشير خليفة حفتر، رد على دعوى مرفوعة ضده من أحد العناصر الإخوانية المقيم في الولايات المتحدة، بأن إفشاء الإسرار العسكرية للبلاد أمام جهات أجنبية عقوبتها الإعدام، إلا أن قاضية المحكمة الجزئية بفرجينيا الأمريكية، ليوني برينكيما، حددت يوم 28 أكتوبر/ تشرين أول الجاري موعدا نهائيا لتقديم المشير خليفة حفتر إفادته.
وبين الاستنفار الإخواني الساعي لتأجيل الاستحقاق الدستوري، والغضب الشعبي الناتج عن تحركات الإخوان، استطلعت "العين الإخبارية"، آراء محللين سياسيين ليبيين، حول خطوة المشري وما إذا كان لمجلسه الحق في تقديم تلك المذكرة، وما هي الخطوات المقبلة؟
جسم استشاري
المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، يرى أن ما يعرف بـ"الأعلى للدولة"، لا علاقة له من ناحية التراتبية بالمرسلات الخارجية؛ كونه جسمًا استشاريًا منبثقًا عن اتفاق سياسي غير مضمن في الإعلان الدستوري، أي غير شرعي.
وأوضح المهدوي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن المذكرة التي تقدم بها الإخواني المشري، تعد إجراء مخالفًا للأعراف والموثيق الدولية، وهي حق أصيل لمجلس النواب عن طريق لجنة الخارجية والامن القومي والدفاع، ووزارة الخارجية.
وأشار إلى أن ما قام به المشري يعتبر نوعًا من النكاية وخلطًا للأوراق ضد المشير حفتر، ومحاولة لإعاقة تقدمه للانتخابات خصوصا وأن المشير حفتر أبدى رغبته بالترشح للاستحقاق الدستوري المقبل.
بعد تهديدات الإخوان.. دعم أمريكي لمفوضية انتخابات ليبيا
واعتبر أن الهدف من هذه الخطوة هو سد الطريق أمام المشير حفتر وإثبات التهم الموجهة له من قبل تيار الإسلام السياسي؛ لأن من قام برفع دعوى قضائية ضد المشير حفتر، هم أشخاص محسوبون على تنظيم الإخوان المسلمين.
وحذر المحلل السياسي الليبي من أن تيار الإسلام السياسي لن يقبل بنتائج الانتخابات، كما أنه لن يعترف بخصومه السياسين وبمشاركتهم في أي مرحلة قادمة، مؤكدًا أن إجراءات المشري وغيره من النخب المحسوبة على ذلك التيار تنسف الجهود المبذولة من أجل إجراء الانتخابات التي يتخوف تنظيم الإخوان خسارته المحققة فيها، بسبب تآكل شعبيته.
مناصبة العداء
العربي الورفلي، المحلل السياسي الليبي، أيد المهدوي في رؤيته، إلا أنه قال إنه رغم أن المشري مواطن ليبي إلا أنه يعتبر ممثلا لتنظيم الإخوان الدولي ويمثل مصالحهم، مؤكدًا أن الأخير يناصب العداء للجيوش الوطنية التي لا يعترف بها أو بحدود الدولة الوطنية، كونه تنظيمًا منتشرًا في أغلب الدول.
وقال الورفلي، لـ"العين الإخبارية"، إن موقف المشري واضح، فهو يكن عداء لمؤسسة الجيش، مشيرًا إلى أن ما فشل فيه التنظيم عن طريق رفع السلاح والحروب، يحاول تحقيقه عن طريق تلفيق قضايا أمام المحاكم الدولية.
وتساءل المحلل الليبي: "من يحاكم تنظيم الإخوان على جرائمه في ليبيا؟ مشيرًا إلى أنهم كانوا داعمين للإرهاب بالمال والسلاح بمدن درنة وبنغازي وسرت؛ بل إنهم يحاولون من خلال عصابتهم الموجودة بأمريكا تلفيق تهم لقيادة المؤسسة العسكرية في محاولة لإفشال ترشح بعض من ينتمون لهذه المؤسسة للانتخابات الرئاسية، تخوفًا من أنه حال فوز أي منها سيدفع بهم إلى السجون.
تخبط إخواني
أما معتز بلعيد، المحلل السياسي الليبي، فأكد أن المشري بات خلال الأسابيع الأخيرة يتخبط يمينا ويسارا في تصريحاته ضد الانتخابات حتى وصل به الأمر إلى إعلان الحرب وتهديد رئيس المفوضية الليبية للانتخابات عماد السايح، مشيرًا إلى أن ذلك التصرف ليس بغريب عنه.
ورغم ذلك، إلا أن بلعيد، قال لـ"العين الإخبارية"، إن المشري بدأ يرقص رقصة الديك المذبوح بمحاولاته التي وصفها بـ"الخبيثة والخسيسة"، لمنع الانتخابات وتشويه أي منافس متوقع لجماعته الإرهابية، لافتا إلى أن "هذه الخطوة جاءت نكاية خاصة أن المشير حفتر لطالما كان شوكة في حلق جماعته، إضافة إلى أنه ذو شعبية كبيرة، قد تأتي به رئيسًا للريبيا".
إخوان ليبيا والانتخابات.. "انقلاب" ينتظر الردع
ووفق المحلل السياسي، فإن المشري استند على منظمة أسستها جماعته، -في إشارة إلى الجمعية الليبية الأمريكية- التي رفعت القضية، وهو أمر متوقع، خاصة أن ليبيا باتت آخر معاقل الجماعة في شمال أفريقيا.
وحول رد فعل الجيش الليبي، قال بلعيد إن الجيش يحترم في الوقت الحالي، مخرجات اتفاق برلين وجنيف على جميع الأصعدة، إلا أنه حذر من أن القوات المسلحة لن تقف موقف المتفرج إذا تأزم الوضع وخرج التنظيم الإخواني عن اتفاق التهدئة.
محاولات فاشلة
تصريحات بلعيد لاقت بدورها تأييدا من المحلل السياسي حسين المسلاتي، الذي أكد أن الإخواني المشري يحاول بشتى الطرق عرقلة أي شخصية وطنية تتقدم للانتخابات الرئاسية، خاصة المشير حفتر الذي أفشل مخطط الإسلام السياسي في السيطرة على ليبيا.
وأكد المسلاتي، لـ"العين الإخبارية"، أن كل هذه المحاولات مصيرها الفشل وتسهم في تآكل رصيد تنظيم الإخوان الليبي الشعبي والسياسي.
وأضاف أن التنظيم يحارب نفسه ويلحق الضرر بشعبيته أكثر من الشخصيات الوطنية التي يتسابق على تشويهها.
وحول تأثير تلك الخطوة على العملية الانتخابية، قال المسلاتي إنه رغم أنها لن تعرقل العملية الانتخابية، إلا أنها دليل على إفلاس فكر تنظيم الإخوان السياسي، ومحاولاتهم للجوء للعنف ورفض كل الحلول السياسية أو التوافقية.
aXA6IDMuMTM4LjEyNS44NiA= جزيرة ام اند امز