نواصل معاً في المقال الحالي متابعة شكل ومضمون إعلام جماعة الإخوان التقليدي وعلى شبكات التواصل تجاه مصر والموجه ضدها من خارجها، والذي يضطلع به أعضاء منتمون للجماعة أو "ملتحقة" بهم من تيارات أخرى حليفة لها.
وفي هذا المقال سنركز على المضمون العام والشكل اللذين يبثهما ويكتبهما هذا الإعلام والسمة الرئيسية، إن لم تكن الوحيدة، المسيطرة عليه وعلى رسائله.
ومن خلال تلك المتابعة، التي نزعم أنها دقيقة وتفصيلية، يتبين أن هذا الإعلام يخلو وبصورة مطلقة وشاملة، من أي ملمح لتفاؤل في المضمون ولأي ابتسامة في الأداء، ويهيمن عليه العبوس والزعيق في الصورة والشؤم والشماتة في المحتوى.
ويبدو مقدمو هذا الإعلام طوال الوقت في حالة استنفار وعصبية عالية، وكأنهم يخوضون في "خناقة" لا تنتهي أبداً مع خصم أو خصوم غير مرئيين وإن كانوا يسبونهم بأسمائهم وصفاتهم طول الوقت.
فأما عن العبوس والزعيق في الشكل والأداء، فهما يعكسان في أرجح الأحوال عدة مشاعر باطنية تؤدي بصاحبها لهذا.
فمن ناحية، ولا شك هما يعكسان كراهية مؤكدة لمن يقومون بالهجوم عليهم وفي عديد من الأحيان سبهم وتجاوز كل ما هو أخلاقي تجاههم.
ومن ناحية ثانية، فإن هذه الكراهية التي تنضح من داخل نفوس القائمين على إعلام الإخوان وتظهر جلية على وجوههم وأدائهم، تبرز أيضاً شعوراً داخلياً عميقاً بالعجز والقصور البالغ تجاه من يكرهونهم ويسبونهم في مصر من بشر أو سياسات، فلا يجدون أمامهم للهروب من هذا الشعور سوى العبوس والزعيق والسباب، وهي آلية دفاعية طبيعية يعرفها علم النفس في مثل هذا الحالات لخلق توازن داخلي زائف وشعور بالقوة المصطنعة أمام الناس.
ومن ناحية ثالثة، يكمل الزعيق ما سبق وتناولناه في مقال سابق، من تعمد القائمين على الإعلام الإخواني سب وإهانة الرموز المصرية من شخوص وسياسات، في سعي معروف مبتغاه لهز الهيبة والتحريض للتجرؤ عليهم، فلا يكتمل هذا المسعى سوى بأداء الزعيق والصوت العالي.
وعندما ننتقل للمضمون، فلا بد أن نعود أولاً للإمام أبو حامد الغزالي في كتابه "ميزان العمل"، لنعرف منه تعريف الشماتة، والتي هي بحسبه: "الفرح بالشر الواصل إلى غير المستحق، ممن يعرفه الشامت". ويعني هذا ببساطة أن الشخص الشامت يفرح بالشر، أو الذي يتصور أنه شر، الذي يلحق بحسب الغزالي بمن لا يستحق هذا الشر ويعرفه الشامت جيداً وليس غريباً عنه.
ونعود ثانياً للتشاؤم، الذي هو بحسب أغلب المراجع: حالة نفسية تقوم على اليأس والنّظر إلى الأمور من الوجهة السيئة، والاعتقاد أن كل شيء يسير على غير ما يُرام. وتستكمل المراجع التعريف بأن التشاؤم يقود صاحبه إلى "التركيز على الجوانب المظلمة لموقف أو حدث ما، أو توقع نتيجة سلبية، أو عدم وجود أمل في المستقبل، وقد يشعر الأشخاص الذين يميلون إلى التشاؤم بالعجز، ويعتقدون أن أي إجراءات يتم اتخاذها لتغيير نتيجة سلبية ستبوء بالفشل".
عندما نطبق التعريفين على محتوى إعلام الإخوان على مدار سنوات، نتأكد أننا أمام نموذج مثالي واقعي لكل منهما. فالشماتة هي السمة الغالبة والدائمة على القائمين بهذا الإعلام، ويسعون طوال الوقت ليس فقط للتعبير عنها إزاء وقائع أو سياسات تمت بالفعل، بل يمدونها إلى المستقبل القريب أو البعيد الذي لا يراه أحد، فقد أضحت الشماتة جزءاً أصيلاً من تكوينهم النفسي المعوج.
وأما التشاؤم في أدائهم، فهو مطابق تماماً لتعريفاته العلمية ولا يكاد يخرج عنها، وينحو بهم دوماً وينتهي إلى المقولة الباطلة التي نسبت لزعيم الأمة سعد زغلول أنه "مفيش فايدة".
وعندما تتداخل الشماتة مع التشاؤم، ويتم التعبير عنهما بالعبوس والزعيق، نتأكد أننا أمام إعلام من نوع فريد وخاص، يصعب أن نجد له نظيراً في ما عرفه ويعرفه الناس من مدارس الإعلام، إنه وفقط "إعلام الإخوان".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة