بعد 10 سنوات عجاف.. هزيمة نكراء لحزب الإخوان بالمغرب
بخطوات سريعة وواثقة، انتزع حزب التجمع الوطني للأحرار، موقع الصدارة بنتائج الانتخابات المغربية لينهي 10 سنوات عجاف لحكومة إخوانية.
فـ"التجمع" الذي حل بالمركز الرابع بآخر انتخابات برلمانية شهدها المغرب في 2016 بحصوله على 37 مقعدا وعد المغاربة بتغيير شامل وأوفى بوعده ليحتل الصدارة في نسخة 2021.
وكشفت نتائج الانتخابات البرلمانية المغربية بعد فرز 97% من الأصوات عن سقوط مدو لحزب العدالة والتنمية (الإخواني الحاكم) في الانتخابات بحصوله على 12 مقعدا فقط.
وحصل حزب التجمع الوطني للأحرار بمجموع 97 مقعدا، فيما حل حزب الأصالة والمعاصرة ثانيا بـ82 مقعدا، ثم حزب الاستقلال ثالثا بـ78 مقعدا، فحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية 35 مقعدا، تلاه حزب الحركة الشعبية بـ26 مقعدا، وحزب التقدم والاشتراكية على 20 مقعدا، ثم 13 مقعدا برلمانيا للاتحاد الدستوري، وأخيرا العدالة والتنمية.
إطفاء "المصباح"
بسلاسة وعبقرية انتخابية، نجح حزب التجمع الوطني للأحرار بقيادة أمينه العام عزيز أخنوش وعبر شعاره "الحمامة الزرقاء" في إطفاء "المصباح" الإخواني.
ولم يخل الحس الفكاهي للمغاربة في الانتخابات فلم يكذب أحدهم خبرا حين كتب عبر فيسبوك قائلا: "أجنحة الحمامة سترفرف عالياً وبقوة لتطفئ مصباح العدالة والتنمية"، الذراع السياسية لحركة التوحيد والإصلاح الدعوية.
بدا واضحا أن رهان عزيز أخنوش، ومعه باقي أعضاء وقيادات حزب التجمع الوطني للأحرار، على 100 إجراء لمعالجة الأزمات التي تسبب فيها حزب العدالة والتنمية طيلة قيادته الشأن الحكومي بالمملكة لم يخسر في انتخابات الأربعاء.
تعهد أخنوش الحزب هو البديل المنتظر والمرجو من المغاربة، خاصة أنه اختار كفاءات وطاقات واعدة لخدمة مصالح المواطنين، وتحقيق التغيير المطلوب.
ولعب حزب التجمع أدواراً رئيسية في الحكومة المنتهية ولايتها؛ حيث تولى فيها وزارات هامة مثل الزراعة، التي يسيرها أخنوش منذ 2007، والاقتصاد والمالية والصناعة والسياحة.
دخل حزب التجمع الوطني للأحرار الانتخابات رافعا شعار "تستاهل ما أحسن"، وهي عبارة بالدارجة المغربية، تعني "تستحق الأفضل"، وذلك في إشارة إلى الأداء الحالي لحزب العدالة والتنمية.
شعار شكل عنوانا لبرنامج انتخابي أعلنه الحزب بعد التواصل مع أكثر من 300 ألف مواطن مغربي في مختلف أنحاء المملكة، والاستماع إلى احتياجاتهم وهمومهم وتطلعاتهم.
ومنذ أكثر من عامين، دشن الحزب حملة تواصلية غير مسبوقة، جاب فيها أكثر من مائة مدينة، ونظم خلالها جلسات استماع لهموم المواطنين ومطالبهم.
ويرى الحزب أن هناك العديد من الإجراءات المُلحة التي يجب اتخاذها بشكل عاجل، خاصة على المستوى الاجتماعي.
وفي هذا الصدد، يتمحور البرنامج الانتخابي للحزب على توفير الحماية الاجتماعية والصحية للمواطنين، من خلال دعم الفئات الهشة وتطوير قطاع الصحة.
كما يُولي الحزب أهمية كبيرة لموضوع التعليم، والذي يرى أن أول مدخل لتطويره هو تحسن وضعية الأساتذة من خلال الرفع من رواتبهم الشهرية.
أرقام صادمة للإخوان
أما الأرقام التي تحملها انتخابات 2021 فحدث ولا حرج، فقد خسر حزب العدالة والتنمية 90% من مقاعد البرلمان التي ظل محتفظا بها لسنوات طويلة.
ومنذ مشاركته أول انتخابات برلمانية عام 1997، حقق "العدالة والتنمية" نتائج تصاعدية إلى أن وصل إلى رئاسة الحكومة في 2011.
ومن بين الأرقام الصادمة أيضاً التي وجهها المغاربة لحزب العدالة والتنمية (الإخواني الحاكم) هي خسارته معظم مقاعده البرلمانية في العاصمة الاقتصادية للمملكة (الدار البيضاء).
وظلت خسارة عبدالعزيز العماري، عمدة مدينة الدار البيضاء، التي تلقاها في منطقة عين الشق عقب فشله في المحافظة على مقعده النيابي، أبرز النتائج السلبية التي تكبدها على صعيد المدينة.
وفشل رئيس الحكومة المغربية المنتهية ولايته سعد الدين العثماني وهو أمين عام حزب العدالة والتنمية، في الفوز بمقعد برلماني بدائرة المحيط بالرباط بعد احتلاله المركز الخامس.
زلزال سياسي
المحلل السياسي المغربي طارق اتلاتي أكد لـ"سكاي نيوز" أن نتائج الانتخابات المعلنة تعد زلزالا سياسيا ضرب البيت الإخواني بطريقة شرعية احتكمت للصناديق.
وقال اتلاتي إن حزب العدالة والتنمية الذي قاد الأغلبية طيلة ١٠ سنوات "أصبح منبوذا بعد أن حقن المغاربة بالفقر والتهميش".
ومضى في حديثه: "لولا المؤسسة الملكية وتدخل العاهل المغربي الملك محمد السادس عبر القنوات والآليات الملكية لكانت البلاد في كارثة كبرى بسبب السنوات العجاف من سيطرة الإخوان".
وشدد على أن المفاجأة الكبرى والهزيمة النكراء للأمين العام لحزب العدالة والتنمية، تكشف مدى الوعي والنضج السياسي للمواطن المغربي الذي لم يعد ينخدع بتجارة الدين، ولا الخطاب الأيديولوجي، وأصبح يعي بدقة أين مصلحته ومصلحة المغرب".