الجزائر.. حملات الإخوان الانتخابية في مرمى السخرية
فجرت الحملات الانتخابية للتيارات الإخوانية في السباق النيابي بالجزائر، سخرية الجزائريين.
فقد شهدت حملاتهم رقصا وخزعبلات وخرافات، وتجارة بالدين والقضية الفلسطينية، وهو ما اعتبره جزائريون على منصات التواصل الاجتماعي "إفلاسا سياسيا"، وبداية "انقراض ما تبقى لجماعة الإخوان من خطابات الكذب واستغلال هموم الشعب ومشاكله" عشية كل موعد انتخابي.
- بأمر السلطة.. تحصين انتخابات الجزائر من إرهاب الإخوان
- "إخوان الجزائر" والانتخابات.. الأمن يجهض "تكتيك الإرهاب"
وتحولت جماعة الإخوان منذ انطلاق الحملة الانتخابية بالجزائر، الخميس الماضي، إلى مادة للسخرية عبر منصات التواصل وعلى نطاق واسع، واعتبرت معظم التعليقات أن القيادات الإخوانية أعادت تجسيد الفيلم التلفزيوني الساخر "كرنفال في دشرة" الأشهر في البلاد، والذي أنتج وبث سنوات التسعينيات.
رقصة العمامة
من أكثر الفيديوهات المتداولة في الجزائر عبر منصات التواصل بشكل كبير، رقصة الإخواني عبد الرزاق مقري رئيس ما يعرف بـ"حركة مجتمع السلم" على إيقاع الدبكة الفلسطينية، في أحد تجمعاته الانتخابية زاعماً دعمه للفلسطينيين ومحتفلاً بانتصارهم على العدوان الإسرائيلي الأخير.
لم تكن متاجرة الإخواني مقري بالقضية الفلسطينية كعادة رأس جماعة الإخوان بالجزائر السبب الوحيد الذي أشعل ردود أفعال الجزائريين، بل طريقة رقصة الإخواني التي أثارت موجة سخرية عارمة من قبل النشطاء، وضعت مقري في موقف لا يحسد عليه، والتي شبهها البعض بـ"رقصة الهنود الحمر" وبأنه لا علاقة لها بفلكلور الدبكة الفلسطينية.
ومن أبرز التعليقات الساخرة تلك التي شبّهت طريقة رقص الإخواني مقري بممارسته للسياسة، واعتبرت بأن دليل على أن الإخوان "لا ينفعون لأي شيء حتى للرقص فكيف بممارسة السياسة".
وتناقل جزائريون فيديو "الرقصة العجيبة" لمقري ووضعوا له عنوان "شاهد كيف سيسترجع مقري فلسطين.. خطة مقري لتحرير فلسطين"، وآخر بعنوان "جنون مقري من أجل مقعد في البرلمان".
وشن آخرون جام غضبهم على جماعة الإخواني عبد الرزاق مقري، وأجمعوا في ردود أفعالهم على أن "الحملات الانتخابية فرصة لإثبات الكفاءة السياسية والمعرفة بهموم ومشاكل الشعب واقتراح حلول واقعية لها وليس الرقص"، بينما اعتبر أحد النشطاء بأن تلك الرقصة "الركيكة" دلالة على "أن فاقد الشيء لا يعطيه" وهو "ما ينطبق على جماعة الإخوان" كما قال.
"خزعبلات الأرقام"
وعلى مدار الأسبوع الأول من الحملة الانتخابية، برهن إخوان الجزائر بأن "تنافسهم" لم يكن إلا على "الرداءة السياسية" وفق ما ورد في كثير من التعليقات عبر منصات التواصل الاجتماعي.
ومن بين أكثر التصريحات الإخوانية الأخرى التي تداولها الجزائريون "على نطاق واسع" أيضا ما ورد على لسان الإخواني لخضر بن خلاف مما يسمى "جبهة العدالة والتنمية" والتي "تبرك" فيها برقم تياره الإخواني في الانتخابات وهو رقم 14.
وخصصت السلطة المستقلة للانتخابات لكل حزب وتيار في الانتخابات رقماً خاصاً به وبلغ عددها 28 حزباً، ولكل حزب رقمه الخاص حتى يتعرف عليه الناخب يوم التصويت.
وحوّل جزائريون تصريح الإخواني إلى فيديو طريف وهو يقول "رقم 14 هو رقم هاتف الحماية المدنية (الدفاع المدني) لإطفاء نيران العصابة".
"دعم العصابة"
ولم تخل الحملة الانتخابية للإخوان من "المتاجرة بالدين"، إذ اهتزت مواقع التواصل غصباً من تصريحات الإخواني عبد الله جاب الله رئيس ما يعرف بـ"جبهة العدالة والتنمية".
وفي أحد تجمعاته الشعبية "دافع" الإخواني جاب الله عن رموز النظام السابق المسجونين في قضايا فساد، وزعم بأن "الله قد يتوب عليهم ويسبقونا إلى الجنة، والعبرة بالخواتيم".
وذكّر بعض المعلقين عبر مواقع التواصل بأن "القانون فوق الجميع وإلا تصبح البلاد غابة"، واتهموه بمحاولة إعادة البلاد إلى العصر الجاهلي "عندما كان القانون يطبق على الضعيف فقط" على حد وصفهم.
كرنفال إخواني
وأجمعت كثير من وسائل الإعلام المحلية وتعليقات الجزائريين على أن فيلم "كرنفال في دشرة" "صالح لكل زمان ومكان" بعد 3 عقود من بثه.
وبأن ما تضمنه الفيلم من جلد للواقعين السياسي والاجتماعي ينطبق على الإخوان الذين أعادوا تجسيد مشاهده "الحقيقية" التي لم تكن تمثيلاً هذه المرة.
وفيلم "كرنفال في دشرة" أو مهرجان في قرية صغيرة هو عنوان لفيلم سينمائي جزائري كوميدي، وهو من الأعمال التي التي بقيت راسخة في السينما الجزائرية وحقق نجاحاً باهرا لا زال إلى يومنا هذا.
أدى دور البطولة فيه عملاق الكوميديا الجزائرية الفنان عثمان عريوات، وهو الفيلم الذي تسبب في تهميشه طوال 30 سنة كاملة، قبل أن يعيد له الرئيس الجزائري الحالي عبد المجيد تبون الاعتبار ويكرمه بوسام الاستحقاق الوطني.
قصة الفيلم تدور عن شخصية "مخلوف البومباردي" وهو عثمان عريوات، كان "شحاتاً مع مجموعة من الأشخاص"، يأخذون المال من الناس ويدعون لهم بالخير، ثم تَعَرّف البومباردي على شخص جاء من خارج القرية اسمه "الحاج إبراهيم" وهو الممثل الكوميدي "صالح أوقروت"، وتزامن مجيئه مع قرب الانتخابات المحلية للمجالس المحلية والولائية.
أقنع الحاج إبراهيم مخلوف البومباردي بالترشح للانتخابات، ومن هنا بدء الفيلم في عكس ذلك الواقع السياسي والاجتماعي.
ترشح مخلوف البومباردي للانتخابات، ولأنه شخصية أمية، اقترح عليه الحاج إبراهيم أن يكسب أصوات الناس في حملته الانتخابية بالولائم وتقديم النقود لهم، وبالفعل كانت فكرة الحاج إبراهيم ناجعة، وأوصلت مخلوف البومباردي إلى رئاسة الدشرة وفاز على منافسيه.
تشكلت إدارة الدشرة من شخصيات انتهازية وأخرى معارضة للبومباردي، وبدأت معها اجتماعات تنمية الدشرة، وبأسلوب ساخر وكوميدي وهادف جدا، سلط المخرج وكاتب السيناريو ومعه عثمان عريوات الضوء على طريقة مناقشة الأمور المصيرية في بلد مثل الجزائر منذ نحو 3 عقود.
"الدشرة" التي يرأسها البومباردي هي قرية نائية معزولة تفتقر لأدنى ضروريات الحياة، لكن المشرفين على تسييرها فشلوا في إخراجها من واقعها التعيس وحولوا موازنتها إلى ما يشبه "لعبة قمار" وراحوا يفكرون في إنشاء "دار للثقافة"، ثم مهرجان شبيه بمهرجان قرطاج التونسي، ويبذرون أموال الدولة على أمور لا تعني الدشرة لا من قريب ولا من بعيد.
ثم جاء المشروع الأكبر الذي عول مخلوف البومباردي ليخرج الدشرة من عزلتها، وهو مصنع، باقتراح من الحاج إبراهيم وبعض الانتهازيين الذين كانوا من حوله، وعند التدشين تفاجأ البومباردي بأن ذلك المصنع لم يكن إلا قاعة ألعاب كبيرة، وعرف هنا أنهم كانوا يخدعونه ويستغلون منصبه للسرقة والفساد، وأصبح البومباردي مهددا بالمتابعة من الجهات العليا، ورغم ذلك كان له الوقت ليفكر في الترشح للرئاسيات.
وعالج الفيلم ظاهرة تولي المناصب في الجزائر سواء من ناحية المستوى التعليمي أو طريقة تفكير المسؤولين المحليين، وأسرار الحملات الانتخابية في الجزائر وجهل الناس بحقوقهم وواجباتهم، وكيف يتمكن هؤلاء من الترشح والفوز بالانتخابات بالخطابات الشعبوية وشراء الذمم.
aXA6IDMuMTQ0LjYuMjkg جزيرة ام اند امز