لهاث الإخوان وراء العودة.. وطنية حوار مصر بلا ضجيج الإرهاب
لا يزال تنظيم الإخوان يلهث وراء العودة للمشهد السياسي في مصر، محاولا إثارة الجدل بشأن مشاركته في الحوار الوطني الشامل الذي دعا إليه الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، ولكنه حوار تخلقه بيئة وطنية استبعد فيها ضجيج الإرهاب ومكوناته وتنظيماته وعلى رأسها الإخوان.
وبعد سنوات من إخفاق تنظيم الإخوان في مصر في القفز على قضايا اقتصادية ومجتمعية لكسب مساحة ولو صغيرة في المشهد العام،
طورت الجماعة من أدواتها باختراع الوهم ورفضه.
وخلال الساعات الماضية أصدرت جبهة ضمن جبهات ثلاث تتنازع على قيادة الصف الإخواني في مصر بيانا أعلنت فيه رفضها للمشاركة في حوار وطني لم يدع له التنظيم أصلا.
وقال البيان الصادر عن "المكتب العام" إن "ما أثير مؤخرًا من أخبار حول تواصل بعض الأنظمة مع بعض القيادات بالجماعة لترتيب تسوية مع السلطة في مصر، ضمن مشروع إقليمي (..)، وإذ نوضح ابتداء أن المكتب العام للإخوان لا يؤكد ولا ينفي تلك الأنباء، إلا أننا نؤكد أننا لم ولن نكون جزءا من مثل تلك الترتيبات حال حدوثها".
وتراهن الجماعة على ما يبدو أن يمهد الجدل الذي يصاحب الإعلان عن حوار مع السلطة في القاهرة، لعودة الجماعة إلى المشهد السياسي الذي أزيحت منه بثورة شعبية جارفة في 30 يونيو/حزيران عام 2013.
وقال مراقبون أن الجماعة كدأبها تحاول الصيد في ماء عكر مستغلة بعض الأحداث لتبني عليها أوهاما، مشيرين إلى زيارة قام بها أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى القاهرة قبل أسابيع من قمة مرتقبة تجمع الرئيس الأمريكي جو بايدن بقادة دول الخليج ويشارك فيها الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي.
وفي أبريل /نيسان الماضي دعا الرئيس المصري إلى تفعيل لجنة للعفو الرئاسي عن سجناء سياسيين وإقامة حوار وطني مع القوى المدنية، لكن الجماعة اختارت على ما يبدو تجاهل تأكيد السلطة أن العفو لن يشمل المتورطين في قضايا عنف، وعدم توجيه الدعوة لقادة التنظيم الإرهابي.
وتصنف مصر جماعة الإخوان تنظيما إرهابيا وتحظر نشاطها وتدرج أعضائها وقادتها على قائمة الإرهاب.
وتأتي البيان بعد يومين من تأكيد البرلماني المصري عضو لجنة العفو الرئاسي، طارق الخولي، استبعاد شمول أعضاء تنظيم الإخوان الإرهابي بـ"العفو أو الحوار الوطني".
قال طارق الخولي -في حديث الخميس الماضي، لـ"العين الإخبارية"، إنه "لا تسامح" مع شباب الإخوان وأعضاء التنظيم، مؤكدا أنه تنظيم ارتكب أعمال عنف وغير مؤمن بفكرة بناء الوطن من الأساس ورفعوا شعار إما الحكم أو حرق البلاد.
وأدين قادة وكوادر الجماعة على مدار السنوات الماضية في قضايا تجسس وإرهاب وصدر بحق بعضهم أحكاما باتة بالإعدام أو السجن المؤبد.
من جانبه، رأى الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والإرهاب الدولي، منير أديب، أن البيان صدر عن الجبهة الثالثة للتنظيم الإرهابي وهي النواه الحقيقة لحركة "حسم" الإرهابية والتي تمثل الجناح الأكثر رديكالية في الإخوان والذي رفع شعار تبني العنف دون مواربة.
وتتصارع قوتان أساسيتان على قيادة التنظيم جبهة محمود حسين الأمين العام السابق للإخوان وجبهة إبراهيم منير القائم بأعمال مرشد الإخوان (غير معترف به من الجبهة الأخرى بعد أن عزلته من موقعه).
وبخلاف الصدع الرأسي من قمة التنظيم إلى قاعدته ثمة تصدعات أخرى جانبية لقوى داخل التنظيم الإخواني من بيها المكتب العام.
ولا تمانع جبهة منير في قبول دعوة الحوار لكن أمانيها تتبدد دائما مع رفض السلطة في مصر الانخراط في حوار مع التنظيم الإرهابي خاصة في ضوء الرفض الشعبي لأي حوار مع الجماعة.
وأضاف أديب أن جبهتي حسين ومنير أعلنتا بالفعل استعدادهما للمشاركة المشروطة في الحوار.
وأتفق مع أديب، الكاتب والباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، عمرو فاروق، ورأى أن المكتب العام ليس له تأثير على القيادات الخارجية ويفتقر للدعم والسند من التنظيم الدولي.
وأوضح فاروق لــ" العين الإخبارية" أن رغم التكهنات الدولية إلا أنه لم يثبت وجود أي حوار بين السلطة المصرية والتنظيم الإرهابي.
وتابع أن البيان يحاول النيل من أي خطوة إيجابية تتخذها السلطة المصرية والأوضاع بشكل عام، مؤكدا أن تلك المجموعة تمثل الجناح الذي يتبنى العنف بشكل مباشر بالتعاون مع المجموعات الأخرى.
وفي مقال له يرى الكاتب المصري طارق أبو السعد أن دعوة الرئيس المصري المجتمع للحوار الوطني التي أطلقها أثناء إفطار الأسرة المصرية في رمضان المنقضي، كشف عن عمق الانتهازية واللاأخلاقية في قيم جماعة الإخوان، التي استغلت الدعوة للحوار للتسلل الى صفوف المعارضة والزج بأنفسهم كقوة سياسية مدنية، هروبا للأمام.
ويقول أبو السعد في مقاله إن "الإخوان في كل مناسبة يتحدث فيها الرئيس المصري للشعب، يفسرون بعض كلماته بشكل متعسف كدليل على اقتراب المصالحة بينهما، فعندما تحدث عن أنه ليس ضد فكر أحد، أشاعوا أنهم المعنين بهذا التلميح، ثم عندما ترحم على الرئيس المعزول محمد مرسي ظنوا أنها فرصتهم ووصل توهمهم إلى أبعد مدى فزعموا أن الرئيس السيسي هو من يلح عليهم بالمصالحة وأنهم هم من يرفضونها، وعندما تجاهلهم الرئيس ومؤسسات الدولة، اقتنصوا دعوته للحوار الوطني ليطرحوا أنفسهم مرة أخرى كأنهم معنيين بالدعوة".
ويخلص الكاتب إلى أن الواقع يؤكد أن قادة جماعة الإخوان تدرك قبل غيرهم أن الأجواء ليست في صالحهم، فبعد أن تبين عدم قدرتهم على العودة مرة أخرى، وفشلهم في إثارة الغضب في الشارع المصري باستغلال الأزمات الاقتصادية الطاحنة والمتكررة في كل المناسبات، وفشلهم في الوصول لحل لمشاكلهم الداخلية، عدم الوصول إلى اتفاق عبر وسطاء لتخفيف الأحكام على المسجونين من اتباعهم، فتأكدوا أن الدولة المصرية في وضع مستقر سياسيا وأمنيا، وأنها وهي في أضعف حالاتها لم تقبل بالحوار أو المصالحة معهم، فما الدافع للقبول بالمصالحة مع فصيل منشق على ذاته ومعزول اجتماعيا وسياسياً ، ومعزول شعبياً.
aXA6IDE4LjE4OS4xODUuNjMg جزيرة ام اند امز