بقرارات سريعة ووعي مجتمعي.. مصر تنهي مخططات الإخوان بأزمة كورونا
مراقبون يكشفون كيف سعّرت أزمة كورونا الوجه الحقيقي للجماعة الإرهابية التي لم تتوان عن استغلال الجائحة لصالح مخططاتها التخريبية
لا يتوانى تنظيم الإخوان الإرهابي في استغلال الأحداث والأزمات في مصر للهجوم على مؤسسات الدولة أو الوقيعة بين السلطة والمواطنين بغية تحقيق انتصارات لا توصف غير بأنها وهمية، كون معاركها لا تتخطى وسائل التواصل الاجتماعي التي تديرها كتائبها الإلكترونية.
وعلى الرغم من كون أزمة كورونا جائحة دولية يعاني منها العالم أجمع، فإن التنظيم الإرهابي لا يكف عن إظهار أي سلبيات بمصر والتركيز عليها رغم أن القاهرة من أقل دول المنطقة تضررا من تداعيات الفيروس.
ومع مخاوف المصريين الطبيعية من أزمة كورونا، اعتقدت الجماعة الإرهابية أن التحريض على الدولة وبث الشائعات سيكون يسيرا إذا ما استخدمت أدواتها المعتادة عبر حسابات وهمية على شبكات التواصل الاجتماعي.
لكن الشعب المصري وأد فتنتها بالتكاتف والتعاضد حول مؤسسات بلاده وقيادتها لسياسية.
وفي اليومين الماضيين، سارعت كتائب الإخوان الإلكترونية لاستغلال تلويح بعض الأطباء بالاستقالة، ضمن مخططها لإثارة الرأي العام في البلاد.
وبينما تحاول الجماعة الإرهابية تأليب الرأي العام على الأطباء من جهة، وتحريض الأطباء أنفسهم من جهة أخرى، من خلال لجان إخوانية فاعلة ترتكز في كل من قطر وتركيا، في محاولة يائسة لإثارة الفتنة، إلا أنها اصطدمت بواقع التحرك المؤسسي السريع من خلال حزمة من الإجراءات لأجل حماية الأطقم الطبية.
الكتائب الإلكترونية.. وصناعة الإرهاب المحلي شركاء الإخوان.. فتاوى مأجورة ومسيسة
كيف تدار الكتائب الإخوانية؟
ووفرت وزارة الصحة مخزونا كافيا من المستلزمات الوقائية في المستشفيات وأماكن لعزل الأطباء، فضلا عن إجراء تحليل لكافة الأطقم الطبية قبل البدء في مهام عملهم، وأيضا عند خروجهم من مقار عملهم بعد انتهاء مهمتهم.
وتوج اهتمام الدولة بمطالب الأطباء، بلقاء رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ونقيب الأطباء، الخميس، والاستجابة لعدد من المطالب في مقدمتها توسيع إجراء التحليل الـ"بي سي آر" للمخالطين للأطباء واعتبار شهدائهم كشهداء الجيش والشرطة، محبطا جميع فتن الإخوان الإرهابية.
يرى النائب البرلماني والمستشار بأكاديمية ناصر العسكرية (تابعة للجيش)، اللواء حمدى بخيت، في حديثه لـ"العين الإخبارية" أنها ليست المرة الأولى التي تحاول فيها الجماعة التشكيك في الدولة المصرية، ونشر شائعات تمس الجنود في كل المواقع بداية من الجيش المصري وصولا للأطقم الطيية، لكن ازدواجية خطابها أصبحت واضحة للجميع.
وبحسب "بخيت" فإن المعركة باتت معركة وعي، قائلا: "أهم عنصر في هذا الصراع الدائر في مجال حرب المعلومات هو الوعي، الذي يتم رفعه بأعمال إلكترونية وإعلامية ودارمية مضادة، بالإضافة لردع العناصر الإرهابية المكتشفة علي الأرض سواء من خلال مباحث الإنترنت أو إبلاغ المواطنين عن أي صفحات مشبوهة.
يتفق مع بخيت المتحدث باسم البرلمان المصري صلاح حسب الله، الذي يقول لـ"العين الإخبارية" إن "المعركة الحالية معركة وعي بالأساس".
ويوضح أن "الشائعات طالته في الفترة الأخيرة عندما فبرك الإخوان تصريحات له عن حرمان الأطباء من بدل عدوى يتقاضونه في حال إضرابهم، وهو ما دفعه لنفيها رغم أن الأطباء لم يلتفتوا لها ولم يصدقها أحد، وهذا يعني أن الرهان يبقى على وعي المصريين وتحرك الدولة بكل مؤسساتها".
يقول الباحث في شؤون الإسلام السياسي، محمد مختار قنديل، لـ"العين الإخبارية" إن جماعة الإخوان عملت منذ انتشار فيروس كورونا على 3 مستويات رئيسية، أخطرها وأكثرها حدة الكتائب الإلكترونية على مواقع التواصل وترويج الشائعات.
ويضيف أن الإخوان استغلت حظر التجوال الجزئي وما يساهم به من مشاهدة أكثر واطلاع على رسائلها، ومن ثم عملت على تغذية القضايا الخلافية الداخلية التي يظهر أثرها على المدى المتوسط والبعيد.
ويوضح قنديل أن "كتائب الجماعة تكثف من اتجاهها نحو مواقع التواصل الاجتماعي باعتبارها وسيلة سريعة للتأثير على الرأي العام، لهذا عملت هذه اللجان على انتقاد السياسات المتبعة في مكافحة الوباء، ومحاولة خلق قضايا محلية خلافية تحفز نشاط الجماعة والمجموعات المتطرفة، مثل سوء الأوضاع الاقتصادية وعدم تعويض المتضررين، إلى جانب محاولة خلق الفتن من خلال التسويق لقضايا مثل الأطباء المتضررين من العمل في ظل الجائحة".
وحاولت الجماعة الإرهابية، عبر لجانها الإلكترونية، الترويج لشائعات منذ بداية انتشار كورونا كان أبرزها التشكيك في أعداد المصابين في مصر وهو ما ردت عليه منظمة الصحة العالمية ونفت إمكانية حدوثه، ثم ادعاء الإخوان إصابة نزلاء في السجون المصرية بفيروس كورونا للإفراج عن منتسبيها، وأخيرا بث الفتنة، في صفوف الأطقم الطبية وتحريضهم على الاستقالة بعد التشكيك في قدرة الدولة على مكافحة تداعيات الفيروس المستجد.
أما المستوى الثاني في تعامل الإخوان مع أزمة كورونا، بحسب الباحث محمد مختار قنديل، فهو تركيزها في "تصريحات الأتباع".
وتعتمد فيها الجماعة على تصريحات منفصلة لرموزها تظهر بشكل غير رسمي، ومنها تصريحات مفتي لييبا "الصادق الغرياني" في السابق وانتقاده إغلاق المساجد، وهي محاولة لتأليب الرأي العام على الحكومات، وهو مستوى أكثر حدة من الظهور العام للجماعة، خصوصا في ظل ما تعانيه من رفض مجتمعي شعبي عربي ودولي، وفق قنديل.
وظهر المستوى الثالث، الذي يصفه قنديل بأنه "الأقل اهتماما وفائدة للجماعة من الناحية العملية"، في إطلاق الجماعة مبادرة "شعب واحد.. نقدر" وعقدها لمؤتمر بتقنية الفيديو بعنوان "التعاون والمشاركة فريضة"، كمحاولة بائسة للظهور في صورة فصيل شعبي وطني.
يكشف عمرو فاروق، الباحث في شؤون الحركات الإرهابية، عن أن كتائب الإخوان تعمل وفق خطة مدروسة، وبتوجيهات ومتابعة من غرفة عمليات مخصصة لإدارة المنظومة الإعلامية للجماعة الإرهابية، وهي تضم قيادات إخوانية وأجهزة المخابرات التركية والقطرية.
ويقول: "الاتفاق كان واضحا منذ البداية وهو عدم عمل تلك المنظومة الإعلامية بمنأى عن مخابرات هذه الدول؛ لأن معظم هذه المنابر تتم علي أرضها، وموجهة ضد نظام سياسي مستهدف من قبل أنقرة والدوحة، إلى جانب دول أخرى في المنطقة العربية مثل اليمن وليبيا، وهي محل أطماع دولية".
ويضيف: "لذا فإن الآلة الإعلامية الإخوانية التي يتم توظيفها من قبل التنظيم الدولي للإخوان وأجهزة المخابرات مدروسة بدقة، حتى الشائعات التي يتم بثها، فإنها ممنهجة تستهدف نقاطا محددة داخل كيانات الدولة المصرية".
ويشير الخبير المختص إلى أن الإخوان تدربوا على ما يعرف بنظرية "خراطيم الأباطيل" في جورجيا عام ٢٠٠٦، وهي نظرية استخدمت خلال الحرب الباردة تستهدف خلق منابر إعلامية متعددة تبث آلاف الشائعات بصورة مكثفة، لإحداث حالة من التشكيك لدى الرأي العام.
ويربط فاروق بين توظيف الإخوان لهذه النظرية وبين التدريبات التي تلقاها شباب الجماعة والمرتزقة، وهو ما نتج عنها إنشاء حسابات وهمية في لحظات محددة تقوم بصناعة ما يسمى بالتريند، قائلا: "الحسابات الوهمية أنشئت من قبل الخلايا التابعة لأجهزة المخابرات بهدف العمل على توجهات أطماع الجماعة الإرهابية ومشروعها داخل الشرق الأوسط".
aXA6IDMuMTM1LjIwMi4zOCA= جزيرة ام اند امز