إرهاب الإخوان يسمم إعلام تونس.. تعديلات تغتال الحريات
تعديلات على قانون الإعلام في تونس، اقترحتها كتلة ما يسمى "ائتلاف الكرامة" الإخوانية ينتظر عرضها بالأيام المقبلة على البرلمان.
يعتبره خبراء أحد أخطر مشاريع القوانين المحالة إلى البرلمان التونسي منذ نحو عقد من الزمن، محذرين من أنه سم إخواني يغتال الحريات، وينشر الفكر المتطرف.
تعديلات على قانون الإعلام في تونس، اقترحتها كتلة ما يسمى "ائتلاف الكرامة" الإخوانية (18 نائبا من أصل 218)، بدعم من حزب "قلب تونس" (30 نائبا) وحركة النهضة (54)، ومن المنتظر أن يعرض بالأيام المقبلة على البرلمان.
وتتضمن أهم بنود التعديلات السماح لكل التنظيمات والأحزاب والكيانات ببعث قنوات تلفزيونية وإذاعية بدون تراخيص مسبقة، بما في ذلك الجماعات الإرهابية والكتائب الداعشية وأصحاب الفكر المتطرف.
مقترحات تضرب مقتضيات القانون القديم الذي يضع شروطا مسبقة لإنشاء القنوات التلفزيونية، أبرزها التثبت في توجهات القناة وخلو خطها التحريري من الدعوات للعنف والتطرف.
بروباجندا الفكر المتطرف
ناشطون في المجال الإعلامي والنقابي بتونس استنكروا المشروع الإخواني الجديد، معتبرين أنه محاولة لنشر الفكر الإرهابي دون حسيب ولا رقيب، ومخطط لإغراق المشهد بأدوات البروباجندا (الدعاية) الإخوانية.
كما حذروا من أن مشروع القانون يستهدف إضفاء شرعية على قنوات تعمل حاليا خارج إطار القانون، يملكها التحالف الهجين القائم بين رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، ورئيس حزب قلب تونس نبيل القروي.
وتملك الحركة الإخوانية قناة تعمل خارج الإطار القانوني، حسب معطيات الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري، الجهة المشرفة على الإعلام في تونس.
وفي بيان صدر العام 2016، دعت الهيئة إلى ضرورة إغلاق القناة التي يملكها عضو شورى الإخوان أسامة بن سالم، بسبب خطابها التحريضي على الكراهية.
السطو على الإعلام
رغم مصادقة "لجنة الحقوق والحريات" بالبرلمان التونسي على مبادرة ائتلاف الكرامة لتعديل قانون الإعلام، إلا أن العديد من الأحزاب ترفض المقترح، وترى فيه خطرا حقيقيا على السلم الأهلي ومبدأ تكافؤ الفرص بين الأحزاب.
وتعارض هذه التعديلات كل من كتلة حزب الدستوري الحر (16 نائبا)، والكتلة الديمقراطية (38)، و كتلة الإصلاح (17)، والكتلة الوطنية (15)، إلى جانب عدد من المستقلين.
هشام العجبوني، رئيسة كتلة التيار الديمقراطي (22 نائبا) بالبرلمان التونسي، حذر من أن التعديلات جاءت من أجل خدمة المصالح المشبوهة لحزبي "قلب تونس" والنهضة.
كما رأى، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أنها محاولة من الحزبين للسطو على الإعلام واختراق نسيجه بطريقة منافية للأخلاق السياسية وللقواعد العالمية لتنظيم المهنة الإعلامية.
وأكد العجبوني أن حزبه سيعارض هذه التعديلات حتى لا تكون الساحة في تونس مفتوحة لقنوات ذات توجهات مشبوهة أو تمويلات مجهولة المصدر.
من جانبها، نظمت الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، الأسبوع الماضي، يوما إعلاميا لمناقشة التعديلات الإخوانية على قانون الإعلام.
وشدد رئيس الهيئة، النوري اللجمي، على ضرورة الوقوف أمام محاولات بعض الأحزاب السياسية وضع يدها على الإعلام عبر قوانين مشبوهة، في إشارة للإخوان وحليفهم قلب تونس.
وأوضح اللجمي، في كلمته بالمناسبة، أن قوانين الإعلام يجب أن تكون معدة من قبل إعلاميين وأساتذة في الاتصال وخبراء ومتدخلين مهنيين في القطاع، داعيا إلى رفض كل محاولة للمال السياسي الفاسد للسيطرة على الصحافة والإعلام.
بدورها، طالبت النقابة التونسية للصحفيين، في بيان، الرئيس قيس سعيد بإبطال مشروع الإخوان الجديد، وعدم ختم القانون في حال المصادقة عليه برلمانيًا.
فيما أعلن رئيس النقابة السابق ناجي البغوري، عبر صفحته الرسمية بموقع فيسبوك، أن سعيد أعلمه بنيته إسقاط مخطط حزب النهضة لتدجين القطاع الإعلامي.
الإرهاب والمال الفاسد
الكاتب الصحفي التونسي بسام حمدي، قال تعليقا على الموضوع، إن التعديلات ليست سوى فاتحة للسماح لداعش بالنشاط في تونس، وخلق قنوات إعلامية تدعو فيها للمقاربات الإرهابية للتنظيم.
وأوضح حمدي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن حذف التراخيص سيكون أكبر خطر يهدد الرسالة الإعلامية الجدية، ويفتح المجال للمال الفاسد لإنشاء محطات إذاعية يكون الهدف منها تبييض الأموال.
ورفضا للتعديلات، من المنتظر أن تنظم العديد من المنظمات التونسية، الاثنين، فعاليات احتجاجية، على غرار النقابة التونسية للصحفيين، وأكبر نقابة عمالية بالبلاد، إضافة إلى الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان.
ويغذي المقترح الجديد الشكوك حول النوايا الماكرة لحركة النهضة تجاه تونس، ومسعاها الدائم إلى إدخال البلاد في أتون الفوضى عبر أذرعها الإرهابية التي تأخذ شكلا مسلحا أحيانا، وتتسلل عبر الإعلام والجمعيات والنشاطات الموازية للدولة، في أحيان أخرى.