10 سنوات على الثورة.. جحيم الإخوان يحرق تونس
لم يدرك التونسيون أن أبواب الحرية التي فتحوها في 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، تحمل جحيم الإرهاب الإخواني المغلف بـ"ديمقراطية مغشوية".
فبعد 10 سنوات على ثورة الياسمين، يصف التونسيون ما حدث ذات شتاء منذ 10 سنوات بأنه كان فتحا لأبواب مرحلة من الإرهاب الإخواني.
هذه الذكرى التي يحييها التونسيون سنويا، أصبح مسارها السياسي والاجتماعي محل نقد من قبل عدد من المنظمات بعد الحكومات الإخوانية التي أغرقت البلاد في موجات من العنف.
الكاتب التونسي محمد بوعود اتهم حركة النهضة الإخوانية بخيانة أحلام جموع التونسيين من خلال مؤامرات التنظيم التي أربكت أركان الدولة وحولت حلم الديمقراطية إلى سعي لإرساء دولة الخلافة.
وأعاد بوعود تذكير الإخوان بحديث حمادي الجبالي أحد رموز التنظيم في تونس عام 2011 لإحدى وسائل الإعلام عن سعيهم لتأسيس دولة تيوقراطية تتعارض مع مبادئ الدولة المدنية.
وتابع: "10 سنوات من محاولات هدم أسس الدولة وتحويل تونس إلى مقاطعة إخوانية لا تؤمن بالفكر الحر والمدني، زادت فيها نسب البطالة والفقر".
وتفيد مصادر حكومية في تونس بأن نسبة البطالة ارتفعت من 14% سنة 2010 إلى 18% سنة 2020، كما أن نسبة المديونية قفزت من 25% من الناتج الداخلي الخام سنة 2010 إلى 100% العام الجاري.
سنوات الظلام الإخواني
وتصف رئيسة الدستوري الحر عبير موسي سنوات حكم الإخوان بـ"الخراب"، وهو وصف يجد مدلولاته في الواقع التونسي حسب العديد من المتابعين.
يساندها في ذلك البرلماني منجي الرحوي الذي أكد في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن فشل السنوات العشر يتحملها راشد الغنوشي وحده، معتبرًا أن سياساته ساهمت بشكل مباشر في نشر الإرهاب والتطرف.
ويحمل الغنوشي المسؤولية السياسية للاغتيالات السياسية التي عرفتها تونس، والتي عطلت على حد رأيه، مسار الانتقال الديمقراطي في البلاد وإنقاذ الاقتصاد من الانهيار.
وكانت تونس قد عرفت حسب كثير من المراقبين أبشع العمليات الإرهابية في زمن الإخوان؛ حيث تم اغتيال الزعيم اليساري شكري بلعيد في 6 فبراير/شباط 2013، والقيادي القومي محمد البراهمي في 25 يوليو/تموز من نفس السنة.
وقد تأكد من حكم الاخوان أيضًا انتشار الجماعات الإرهابية منذ 17 ديسمبر/كانون الأول 2010، والتي فرقت التونسيين في مشاهد الذبح المتكرر للجنود (حادثة أغسطس/آب 2014)، وتتالت العمليات الإرهابية وتنامى وجود الخلايا الإرهابية .
ويبدو أنه حتى مؤسسات السيادة في تونس لم تعد في منأى عن الإرهاب، حيث باتت هذه الظاهرة تتسللّ إليها عبر أبنائها حسب ما صرحّ به وزير الدفاع التونسي إبراهيم البرتاجي خلال جلسة مساءلة له في البرلمان خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني المنقضي.
وجرى إيقاف عناصر من الجيش قاموا بالتخابر مع جهات أخرى بخصوص الإرهاب، معتبرا أن ذلك الأمر لا يمكن للوزارة أن تتسامح معه باعتباره يدخل في خانة "الخطوط الحمراء" لها.
كان وزير الداخلية التونسي قد حذر من انتشار الخلايا الإرهابية في تونس؛ حيث تجاوز عددها 100 خلية سرية، تعمل على استهداف الأمن القومي.
وبينت مصادر أمنية مطلعة في هذا الصدد لـ"العين الإخبارية" أن 45 شخصية سياسية مهددة بالاغتيال السياسي منذ سنة 2012، مو قبل جماعات إرهابية تنشط بين تونس وليبيا.
من الحلم للكابوس
المحلل السياسي بسام حمدي أكد أنه كان باستطاعة النخب التونسية تفادي الانهيار منذ سنة 2011، داعيًا إلى مراجعة النظام السياسي من نظام برلماني إلى رئاسي على الطريقة الفرنسية.
وفي تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أكد أن الفاصل التاريخي الذي تحكم فيه الإخوان تونس هو جزء من إدارة التوحش التي تحاول ضرب الأسس الصلبة للدولة وإدخالها في أتون العنف المتبادل.
وتعيش تونس اليوم حالة من الاحتقان المتواصل في كل المحافظات، وصلت إلى حد النزاع المسلح بين بعض القبائل في الجنوب، وهو المشهد الذي جعل مما يسمى بالثورة التونسية محل مساءلة واقعية تتحمل فشلها حركة النهضة الإخوانية التي سعت إلى التمكن من الدولة أكثر من خدمة المصالح الحيوية للشعب طيلة عقد من الزمن.