تصفية إخوان تركيا.. انقسامات تدفع التنظيم لتدمير ذاتي
صراعات وانقسامات شطرت التنظيم الدولي للإخوان، فباتت البنية التنظيمية للجماعة الإرهابية أضعف من بيت العنكبوت خلال السنوات الأخيرة.
فخلال الساعات الأخيرة اتخذ مكتب تنظيم الإخوان في لندن مجموعة من القرارات، عكست الحالة التي أصبحت عليها الجماعة الأم، وانهيار أحد أفرعها الرئيسية وهم إخوان تركيا.
وقرر إبراهيم منير، القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم الدولي للإخوان، حل المكتب الإداري للإخوان في تركيا، وحل مجلس شورى الجماعة، مع تأجيل الانتخابات، التي كان من المقرر إجراؤها خلال شهر يوليو/تموز الحالي، لمدة 6 شهور أخرى.
مراقبون ومختصون في شؤون الجماعات الإرهابية اعتبروا هذه القرارات تمثل امتدادا للصراعات والخلافات الداخلية التي شطرت الجماعة منذ أكثر من 8 سنوات، متوقعين أن يشهد التنظيم الدولي للإخوان عواصف درامتيكية، قد تودي بقيادة التنظيم المتمثلة في إبراهيم منير.
ويرى المراقبون في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية" أن التقارب المصري التركي أسهم في سرعة وتيرة انهيار إخوان تركيا، خاصة بعد فرار قيادات بارزة لدول أوروبية، ووقف برامج إخوانية لمجموعة مذيعين موالين للتنظيم الإرهابي في تركيا، إثر تلقيهم تعليمات من أنقرة بوقف برامجهم التي تقدم محتوى عدائيا ضد القاهرة.
كواليس الأزمة
عمرو فاروق، المختص في شؤون الجماعات الإرهابية، كشف كواليس القرارات الإخوانية الأخيرة بقوله: "قرارات إبراهيم منير تمثل امتدادا للصراعات الموجودة منذ عدة سنوات، سواء الخلافات الموجودة بين إخوان تركيا ومكتب لندن أو على صعيد وصول إبراهيم منير لقمة المشهد التنظيمي كقائم بأعمال المرشد العام، والتي هي أحد أسباب هذه الخلافات".
وأضاف فاروق لـ"العين الإخبارية": "منير يسعى لتصفية القيادات أو العناصر التي تتنافس معه على السلطة التنظيمية، أو التي تعرقل قراراته، أو التي تمنع هيمنته على الجماعة، ومجموعة تركيا هي أبرز العناصر المناوئة له.
وفسر ذلك بالقول: "مجموعة تركيا تمثل إعاقة لمنير لاستكمال هيمنته على التنظيم; عرقلت عدة ملفات خاصة منها استكمال الهيكل التنظيمي أو دخول الجماعة فيما يعرف بالكمون التنظيمي وإعداد كوادر جديدة، هذه العناصر لديها تحفظات على منير، كما أن لديها مشاكل مالية مع مكتب لندن".
وتابع: "إخوان تركيا لديها أجندة خاصة بالجانب التركي، كما أنها كانت منفتحة على بعض الأجهزة الاستخباراتية بحكم وجودها في تركيا".
وعائدا لكواليس المشهد، قال فاروق: "هذه القرارات خطوة كان يحاول منير اتخاذها منذ عام تقريبا، وبالفعل تخلص من القيادي الإخواني محمود حسين، ومن فكرة الأمانة العامة، وحجم مكتب تركيا، لكن الآن قرر التصفية الكاملة لهذا المكتب وكل عناصره".
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلن إبراهيم منير تشكيل لجنة لإدارة التنظيم، وإنهاء دور الأمانة العامة له، ومنصب الأمين العام الذي كان يشغله القيادي بالتنظيم محمود حسين.
وفيما يخص الحديث عن إعادة الانتخابات، يرى فاروق أن إعادة الانتخاب سواء لمكتب تركيا أو مكتب الشورى العام ستكون شكليات وسيتم الدفع بعناصر تدين بالولاء لمنير ومكتب لندن.
وتابع: مكتب لندن بحاول الترويج للقرارات الأخيرة باعتبارها تغييرا تكتيكيا للجماعة، مثل الحديث عن اختيار العناصر الجدد تحت سن ٤٥، لكن الحقيقة أن التنظيم يحاول غربلة للعناصر التي تخالفه في الرأي وتتنازع معه على السلطة رافضة وجوده.
الإطاحة بمنير
سيناريو مستقبلي دفعت به كواليس الأزمة، بحسب فاروق، وهو "احتدام الصراع بين منير والجبهات الرافضة له"، قائلا: "منير سيدخل في صراع شديد خلال الفترة القادمة، لأنه مرفوض من القواعد التنظيمية، وهناك تحفظ عليه من بعض قيادات التنظيم الدولي والمراقبين للجبهات الإخوانية".
وأضاف: "في تصوري ستدخل الجماعة مرحلة مختلفة من اشتعال الخلافات ربما يتبعها إصدار بعض القرارات الخاصة من إخوان تركيا، مثل سحب الثقة من منير، وربما يتم صناعة كتلة ضده وإصدار قرار بعزله".
ويتهم شباب الجماعة قدامى قادة الجماعة من أمثال إبراهيم منير ومحمود حسين ومحمود الإبياري بصناعة الأزمات داخل التنظيم، منذ سقوط حكم الإخوان بمصر عام 2013 من أجل تحقيق مصالح وأغراض شخصية.
ويعتبر تعيين منير مرشدا سابقة في تاريخ الجماعة الإرهابية، حيث إنه للمرة الأولى يجرى اختيار المرشد من خارج مصر، كما لم تأتِ عملية الاختيار عبر انتخاب مجلس شورى الجماعة له.
ووصف خبراء سياسيون مصريون في تصريحات سابقة لـ"العين الإخبارية" تعيين إبراهيم منير في منصب القائم بأعمال المرشد العام للإخوان بـ"زلزال" سيدفع إلى تمرد سيكون الأكبر في تاريخ التنظيم الإرهابي بين جيلي الوسط والشباب، وهو ما توقع "فاروق" قرب حدوثه، في أعقاب القرارات الأخيرة.
ارتباك وانشقاق اكبر
بدوره، يرى أحمد بان المختص في الجماعات الإرهابية لـ"العين الإخبارية" أن "القرارات الأخيرة تعكس حالة الارتباك الشديد داخل التنظيم التي لم يعرفها في تاريخه، وتؤكد أن هذه الجماعة استكملت أطوار حياتها وأنها غير قادرة على تجديد نفسها بنفس الكيفية التي اعتادتها في السابق".
ويروي حيثيات القرارات بقوله: "القرارات مرتبطة بقرار سابق لمنير بمنح إخوان تركيا ٦ أشهر مهلة لإجراء انتخابات جديدة لانتخاب ومجلس شورى جديد ومكتب جديد، بشرط ألا يترشح أي شخص من القيادات التقليدية السابقة أو ألا يزيد عمر المتقدم لأي من الأعضاء عن ٤٥ سنة، لكن مضت ٦ أشهر ولم تتم هذه الانتخابات فكانت هذه القرارات".
وقسم الخبير المختص في شؤون الجماعات الإرهابية أحمد بان إخوان تركيا إلى ٤ مجموعات، الأولى تدين بالولاء لإبراهيم منير والثانية تدين بالولاء للإخواني محمود حسين (كان يدير منصب الأمين العام للجماعة) والثالثة للإرهابي محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح داخل التنظيم وقتل على يد قوات الأمن المصرية) والمجموعة الأخيرة تدين بالولاء للإخواني الهارب يحيى موسى.
التقارب المصري التركي
توقع "بان" أن "تشهد الفترة القادمة مزيدا من الارتباك والانشقاقـ خصوصا مع خروج قيادات من تركيا على خلفية التقارب مع مصر.
متفقا معه، يرى الباحث عمرو فاروق أن القرارات الأخيرة ربما يكون باطنها تفاهمات مصرية مع الجانب التركي لتصفية أي وجود إخواني على الأراضي التركية، مرجحا أن تصبح لندن الملاذ الأخير للإخوان من حيث احتكار القيادة الرئيسية للجماعة.
ومثلت لندن خلال السنوات الأخيرة العاصمة الثانية لتنظيم الإخوان بعد تركيا، من حيث إدارة التنظيم ماليا وسياسيا قبل أن تدير الأخيرة ظهرها للجماعة، وتحجم من ممارساتها العدائية تجاه مصر وفي مقدمتها غلق الأبواق الإعلامية الإخوانية.
وخلال الأسابيع الأخيرة، طرقت تركيا باب التقارب مع القاهرة، عمليا، بتهنئة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو نظيره المصري سامح شكري، بمناسبة قرب حلول شهر رمضان المبارك، سبقته بتصريحات نمّت عن رغبة في فتح صفحة جديدة.
وتلا ذلك عدة خطوات طالت برنامجين سياسيين لأباطرة التحريض ضد مصر الأول لمعتز مطر، والثاني لمحمد ناصر، اللذين خرجا يجران ذيول الهزيمة أمام الملأ، معلنين وقف ظهورهما، وخروجهما في "إجازة مفتوحة".
وإلى جانب قنوات تحريضية مثل "الشرق" و"مكملين"، تؤوي مدينة إسطنبول التركية منصات ووسائل إعلام وقيادات وعناصر إخوانية معارضة للنظام المصري ودائمة التحريض على العنف ضد مصر والمصريين.
aXA6IDMuMTQyLjEzMC4yNDIg جزيرة ام اند امز