خيبات إخوانية.. هل تتسلم مصر الإعلاميين الهاربين بتركيا؟
لا يترك إعلاميو الإخوان فرصة إلا واستغلوها، ففي تركيا أثبتوا للعالم أنهم لا أمان لهم، ما يفتح الباب أمام إمكانية تسليمهم لمصر.
ففي تطور مثير لقضية الإعلامي الإخواني حسام الغمري المحبوس في تركيا، حددت السلطات هناك إقامته لحين ترحيله خارج البلاد، بعد تسريبه معلومات حساسة تمس الأمن القومي التركي لجهات خارجية.
يمتلك العمري تاريخا في التحريض على مصر، ونشر الشائعات والأكاذيب عنها، مما دعا السلطات التركية لوقف برنامج "رؤية" الذي كان يقدمه على فضائية "الشرق" في إسطنبول.
وأمام تكرار خرقه للتعليمات وعدم التزام الموضوعية والمهنية فيما يقدمه من محتوى إعلامي، وإصراره على التحريض ضد مصر ونشر الشائعات والأكاذيب لإثارة الفوضى والشغب، ألقت السلطات التركية القبض عليه قبل احتجازه بأحد المقرات الأمنية.
ثم أطلقت سراحه بعد تدخل القيادي الإخواني سيف عبدالفتاح المستشار السابق للرئيس المعزول محمد مرسي، وبعد الإفراج عنه لم يلتزم بالتعليمات التركية ولا بالوعود التي قطعها على نفسه، وواصل تحريضه ضد مصر ما اضطر السلطات هناك لإعادة احتجازه مرة ثانية في سجن ولاية أغري، التي تقع بالقرب من الحدود الإيرانية، في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.
هل سيتم تسليم المطلوبين؟
وحول ما إذا كانت السلطات التركية جادة هذه المرة في تسليمه للدولة المصرية، يرى منير أديب الكاتب والباحث في الإسلام السياسي أن أنقرة تعلم ما يجب أن تقوم به تجاه الإخوان المقيمن على أراضيها.
وأضاف: "هذا واجب عليها، فليس من المنطق ولا المقبول أن تعلن أنها ترغب في إعادة العلاقات مع الدولة المصرية ولا تقوم بتسليم المطلوبين المدانين والمتهمين في قضايا قتل وإرهاب دولي".
وقال منير أديب: "على الدولة التركية التزام قانوني يجب أن تحترمه، وأن تقوم بتسليم الإخوان الذين وجهت لهم الاتهامات الرسمية أمام القضاء المصري، أو المدرجين على قوائم الإرهاب، وإلا ستكون سمعة أنقرة على المحك".
ومضى في حديثه: "كما على تركيا منع أي شكل من أشكال التحريض على الشعب والدولة المصرية إنطلاقًا من الأراضي التركية"، قائلا: "ليس مقبولًا أن تستضيف قيادات جماعة مدانة ومصنفة إرهابية في العديد من الدول الأوروبية والعربية، ثم يتم التطبيع معها وكأن شيئًا لم يكن".
خيانة للجميع
الكاتب والباحث في الإسلام السياسي طارق البشبيشي اعتبر أن ترحيل الغمري أو عدم ترحيله مسألة لا تعني الدولة المصرية، بل تشغل بال السلطات التركية التي تعاني داخليًا وخارجيًا من عبء مساندة تنظيم إرهابي أحد أعضائه هدد الأمن القومي التركي.
ورأى البشبيشي أن هذه الجريمة أخطر من التحريض على مصر عند الأتراك، مؤكدا أن "قضية الوجود الإخواني في تركيا وتسليم التنظيم هناك لم يكن مطلبًا مصريا له الأولوية، إنما التحول التركي الرافض للإخوان يعود بالأساس لارتفاع العديد من الأصوات، سواء من داخل الحزب الحاكم أو من المعارضين رافضة وجودهم هناك".
واستكمل الباحث المصري: "الحقيقة أن عناصر الجماعة المقيمين هناك لم يحترموا قواعد التعامل مع المجتمع التركي، ومن ثم تحول التحالف معهم إلى عبء مالي وسياسي يسيئ لسمعة تركيا أكثر مما يفيدها".
ونبه البشبيشي إلى أن أي دولة تأوي وتحمي أفرادا مطلوبين دوليا ومدانين بالإرهاب على أراضيها يضعها في مأزق شديد مع حلفائها، وبالتالي يستدعي الأمر التخلص من التنظيم الإرهابي ولو بصورة متدرجة.
وتابع: "أما الغمري فهو حالة مزعجة لا يتحملها الوضع التركي، وعلى وجه الخصوص، أن تركيا مقبلة على موسم انتخابات ولا يمكن أن يقفوا مكتوفي الأيدي أمام شخص متهم بتسريب معلومات حساسة تضر بالأمن القومي فبات الحل هو ترحيله إلى وطنه".
وحذر من أن "الإخوان يمارسون هوايتهم بالتجسس وخيانة حلفائهم في أي مكان، فمن يخون الوطن ويسرب معلومات أمنية لدول أخرى يسهل عليه أن يخون ويتجسس على الدولة التي تستضيفه"، مرجحا ترحيل الغمري لمصر أو أي دولة أوروبية مجاورة.
حيلة إخوانية قديمة
عمرو عبدالمنعم الكاتب والباحث في الإسلام السياسي، نبه إلى أن حسام الغمري أصبح غير مقبول وجوده في تركيا، لافتا إلى أن أنقرة سترحله حتما للتخلص من مشاكله.
وقال عبدالمنعم لـ"العين الإخبارية"، إن السبب الرئيسي لاعتقال الغمري هو اكتشاف السلطات الأمنية التركية تورطه في تسريب معلومات حساسة، وبعد معرفة الغمري بتلك التهمة أضرب عن الطعام داخل السجن من أجل الإفراج عنه.
لكن الباحث المصري يحذر من تلك "الحيلة الإخوانية"، إذ يمارسون عادة الإضراب عن الطعام للضغط على السلطات وابتزازهم، وبعد وساطات تقرر إخراجه ووضعه قيد الإقامة الجبرية في أحد مقار إسطنبول تمهيدا لترحيله إلى جهة لم تستقر السلطات التركية عليها والاحتمال الأقرب أن يتم ترحيله لدول أوروبية.
ويرى عبدالمنعم أن اختزال المشهد في ترحيل الغمري مخل في قراءة أزمة الإخوان في تركيا، فالجماعة التي تعاني من الانشقاقات وتبادل الاتهامات بغسل الأموال، والاتصال بالأحزاب المناوئة للحزب الحاكم، وفشلهم في تحقيق الغرض من التعامل معهم، جعل من الصعب استكمال توفير الحماية والرعاية المالية لهم.
وأوضح أن "ملف المصالحة المصرية التركية معطل لأن الدولة المصرية لم تر أي خطوات جادة من الجانب التركي، وربما ترغب تركيا في جعل ملف الإعلامي حسام الغمري هو باكورة إثبات جديتها في تسريع عودة العلاقات مع مصر".
وفي مارس/آذار الماضي، طلبت السلطات التركية تقييد فضائيات الإخوان التي تبث من إسطنبول ومنع انتقادها لمصر، تمهيدا لاستئناف اتصالاتها الدبلوماسية مع القاهرة، كما قررت وقف برامج عدد من مذيعي الإخوان وهم: معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع والفنان هشام عبدالله وهيثم أبو خليل، وحذرتهم من مخالفة تعليماتها.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xMzgg جزيرة ام اند امز