"ما خفي أعظم".. ما سر ظهور "مقبرة حمير الفيوم" بمصر؟ (خاص)
فوجئ أهالي قرية الحامولي بمحافظة الفيوم جنوب غربي القاهرة في مصر، بوجود ما يزيد على 100 هيكل عظمي لحمير نافقة.
عثر الأهالي على هذه الهياكل ملقاة إلى جوار أحد الطرق بالقرب من منطقة شلالات وادي الريان، في واقعة وثقتها عدسات الكاميرات، وتداول صورها رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
من جانبها، تفاعلت الجهات الرسمية سريعًا مع الأمر، فقال الدكتور محمد التوني المتحدث باسم محافظة الفيوم، في تصريح لوسائل إعلام محلية، إنه جرى تحويل الواقعة إلى النيابة العامة للتحقيق.
كما أعلن المسؤول تشكيل لجنة من مديرية الطب البيطري ومجلس مدينة يوسف الصديق، التي تتبع قرية الحامولي لها، لبحث سبل التخلص الآمن من الهياكل المتناثرة على جانب الطريق.
مخاوف
ظهور هذه الهياكل أثار خوف كثيرين داخل محافظة الفيوم، خاصةً أن مصير ما آلت إليه محتويات الحمير النافقة مجهولًا، فالبعض قلق بشأن تداول لحومها داخل المطاعم، وآخرون يبحثون عن طرف خيط يقودهم إلى أناس يمارسون سلوكيات خارج الإطار القانوني.
في هذا الصدد، قال الدكتور أحمد البنداري، مقرر لجنة الثروة الحيوانية بنقابة الأطباء البيطريين في مصر، إن جلود الحمير تحقق من بيعها مبالغ طائلة بالدولار الأمريكي، خاصةً أنها تدخل في صناعات عديدة.
أضاف "البنداري"، لـ"العين الإخبارية"، أن محافظة الفيوم بها كمية كبيرة من الحمير، وتليها محافظة المنوفية (شمال القاهرة).
ونوه "البنداري" بأن أعداد الأطباء البيطريين داخل الأجهزة البيطرية الرقابية على مستوى الجمهورية قليلة، وهو ما يؤثر بدوره على أعمال التفتيش، موضحًا أن الحالات المرصودة للتخلص من الحمير بشكل غير شرعي قليلة: "ما خفي أعظم".
ورجح "البنداري" أن تكون الهياكل المكتشفة مؤخرًا هي نتاج سلوكيات خارجة عن القانون: "لا أستطيع أن أحكم، لكن طالما أنها هياكل جرى اكتشافها لاحقًا فهي خارج الإطار القانوني".
فيما صرح الدكتور طارق الخولي، طبيب بيطري معتمد في جودة وسلامة الغذاء المصرية، أن ما يثير الاهتمام هو بحث مصير محتويات جثث الحمير وتتبع ما آلت إليه، خاصةً أنه ليس لها أي فائدة اقتصادية.
أوضح "الخولي"، لـ"العين الإخبارية"، أن اختفاء محتويات الجثة قد "يعود إلى تجار يغشون الناس ببيع لحوم الحمير"، مؤكدًا أن "الجهات الرسمية تكتشف هذا الأمر دوريًا بتفتيش أماكن غير موثوقة تبيع اللحوم".
أردف: "المشكلة أيضًا أن بعض الحمير لا تتمتع في حياتها بعناية صحية، وبالتالي تكون لحومها محملة بأمراض كثيرة قد تنتقل إلى الإنسان".
عوائد اقتصادية
تلجأ بعض الدول إلى استيراد محتويات الحمير، بغرض إخضاعها في بعض الصناعات الغذائية والدوائية، وهو ما أشار إليه الدكتور أحمد البنداري في تصريحه لـ"العين الإخبارية": "ألبانها مستخدمة في روسيا مع ألبان الخيول، فيصنعون منها (الكوميس) الذي يجري تخميره ويتحول إلى مادة مسكرة".
فيما أشار الدكتور طارق الخولي، إلى أن جلود الحمير يُستخرج منها مادة الجيلاتين المستخدمة في صناعة الحلوى، بجانب الكولاجين التي تدخل في الصناعات الدوائية.
أضاف: "دول كثيرة تستورد جلود الحمير، ومصر من أكبر الدول التي تصدرها بشكل رسمي وبشهادات صحية".
من جانبه، ذكر الدكتور مصطفى فايز، أستاذ الطب البيطري بجامعة قناة السويس، أن جلود الحمير لها فوائد واستخدامات كثيرة جدًا: "هذا الجلد له قدرة على تحمل الضرب، وفيه تخرج إفرازات تحتوي على مواد كيماوية تستخدم في عمل صناعة العلاجات والمستحضرات".
نوه "فايز"، لـ"العين الإخبارية"، بأن لحوم الحمير يجري تقديمها كطعام للحيوانات داخل حدائق الحيوان، وهو بدوره يفرض ضرورة تتبع مصير اختفاء محتويات جثث الحمير المعثور على هياكلها مؤخرًا.
الواقعة مكررة
جديرٌ بالذكر أن الدكتورة شيرين زكي، وكيلة النقابة العامة للأطباء البيطريين، كانت قد أكدت خلال تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن واقعة العثور على هياكل الحمير مكررة داخل محافظة الفيوم.
أوضحت "شيرين" أن ذبح الحمير مجرم بموجب القانون رقم 53 لسنة 1966، مشيرةً إلى أن وزارة الزراعة المصرية قررت في عام 2015 منع تصدير جلودها للخارج باستثناء يجري شراؤها من الإدارة المركزية لحدائق الحيوان والحياة البرية.