قمة كامب ديفيد.. مغازلة للشرق الأوسط وخطوط حمراء للصين وبيونغ يانغ
"العالم وصل إلى نقطة تحول"، بهذه الكلمات اختتم الرئيس الأمريكي، مؤتمرًا مشتركًا مع زعيمي كوريا الجنوبية واليابان، بعد إسدال الستار على قمة كامب ديفيد، التي عقدت يوم الجمعة.
فمن المكان المرتبط بتاريخ من مفاوضات السلام في الشرق الأوسط التي نجح بعضها وأخفق الآخر، حرص بايدن على تنظيم القمة في المقر الرئاسي الأمريكي بكامب ديفيد، في مبادرة رمزية، وجهت رسائل للشرق الأوسط، وأرست خطوطًا حمراء، في آسيا تلك المنطقة التي باتت تعيش على وقع الخطر النووي الكوري الشمالي وتخشى سيناريو عسكريًا في تايوان.
فماذا دار في القمة؟
في ختام قمة غير مسبوقة في كامب ديفيد بالولايات المتحدة الأمريكية، أدانت أمريكا واليابان وكوريا الجنوبية "السلوك الخطير والعدواني" للصين و"مطالبها البحرية غير القانونية" في بحر الصين الجنوبي.
البيان المشترك الذي نشر يوم الجمعة، وسط توترات بين بكين والفلبين حول جزر مرجانية متنازع عليها، أضاف: "نعارض بشدة أي محاولة أحادية الجانب لتغيير الوضع القائم في مياه منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ونعيد التأكيد على أهمية السلام والاستقرار في مضيق تايوان".
وأشار الزعماء الثلاثة إلى أن بلدانهم سترفع اعتمادها على التعاون الأمني لمواجهة أزمات المنطقة، مؤكدين أن الأزمات العالمية ناجمة عن الحرب التي تشنها روسيا على أوكرانيا وأنشطة كوريا الشمالية والصين.
وأكد الرئيس الأمريكي، جو بايدن، في مؤتمر صحفي مشترك مع زعيمي كوريا الجنوبية واليابان، أن العالم وصل إلى "نقطة تحول"، وعلينا اعتماد سبل جديدة من التعاون".
وقال بادين: "نعول على التعاون الأمني بتشاطر المعلومات وبمستوى غير مسبوق من التدريبات المشتركة"، متعهدًا بالاستمرار في مواجهة تهديدات كوريا الشمالية بما في ذلك تبييض الأموال الإلكترونية.
وبحسب الرئيس الأمريكي، فإنه "سيكون لدينا خط ساخن لتشارك المعلومات وتنسيق الاستجابة للأزمات في منطقة المحيط الهادئ (..) نعمل على تعزيز أمن وسلامة التكنولوجيات الجديدة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي".
في السياق نفسه، أكد الرئيس الكوري الجنوبي، يون سوك يول، أن بلاده تود التعاون مع الولايات المتحدة واليابان من أجل تعزيز التعاون الثلاثي في مجالات وقطاعات مختلفة، مضيفًا: "اتفقنا على وضع قناة تواصل لتنسيق ردنا على أي أزمة تطرأ في المنطقة".
وهام الرئيس الكوري الجنوبي جارته الشمالية، قائلا إن "كوريا الشمالية تعمل على انتهاك حقوق الإنسان واستغلال العمال لتطوير برامجها التسليحية (..) سنواجه كل محاولة لتغيير الوضع القائم في المنطقة بالقوة".
بدوره، قال رئيس وزراء اليابان، فوميو كيشيدا، إن "هذه القمة الثلاثية هي الأولى من نوعها في التاريخ"، مضيفًا أن "النظام العالمي يشهد اهتزازا بسبب العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا، وبسبب أنشطة الصين وكوريا الشمالية".
ووجه بايدن، الشكر لرئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا والرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يو على "الشجاعة السياسية" التي أظهراها عبر العمل على هذا التقارب، رغم الماضي المؤلم الذي تمثل في استعمار اليابان لكوريا الجنوبية.
وتبادل الزعماء الثلاثة الذين لم يرتد أي منهم ربطة عنق تعبيرا عن الأجواء الودية بينهم، المصافحات قبل أن يجلسوا مع وفودهم حول طاولة كبيرة ويبدوا ملاحظات سريعة أمام الصحافيين.
ويقول الزميل بالمركز الأوروبي لدراسات كوريا الشمالية، جين إتش لي، إن "اليابان منطقة صعبة لكل زعيم كوري جنوبي لأن الألم والغضب الناجمين عن الحكم الاستعماري يمكن أن يتفاقم بسرعة كبيرة". مضيفًا: "يمكن أن يؤدي العمل عن كثب مع اليابانيين إلى توجيه اتهامات بأنهم متعاونون، لا سيما بين المعارضين السياسيين".
وأضاف: "كان الحكم الاستعماري الياباني وحشيًا بالنسبة لكل أسرة كورية، ويجب على البلدين إيجاد طريقة للاعتراف وتذكر تاريخهما المؤلم ولكن ليس على حساب الأمن الإقليمي".
وعلى الرغم من الجهود المتكررة من قبل القادة الثلاثة لتجنب إثارة التوتر مع الصين في تصريحاتهم العلنية خلال هذه القمة، لا شك أن المسؤولين الصينيين يشككون في النوايا وراء الاجتماع.
وقالت جلوبال تايمز، وهي صحيفة صينية قومية لها صلات بالحزب الشيوعي، إن هذه القمة هي محاولة لخلق وجود مماثل لحلف شمال الأطلسي في آسيا، متسائلا: كيف ستتطور العلاقات مع الصين في السنوات القادمة.
ورغم ذلك، إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال الجمعة إنه يتوقع لقاء الزعيم الصيني شي جين بينغ في وقت لاحق هذا العام، رغم توجيهه سلسلة انتقادات حادة في مناسبات عدة لبكين.
وعقد بايدن أول اجتماع له كرئيس مع شي في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 في بالي، حيث اتفقا على العمل معا لإدارة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم.
وأجاب بايدن ردا على سؤال لأحد المراسلين بعد اجتماعه مع زعيمي اليابان وكوريا الجنوبية: "أتوقع وآمل أن أتابع حديثنا في بالي هذا الخريف، هذا هو توقعي".
كما يعتزم بايدن دعوة شي في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، إلى سان فرانسيسكو عندما تستضيف الولايات المتحدة قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ الذي يضم الصين.
رسائل للشرق الأوسط
من المكان الذي استضاف قممًا للسلام في الشرق الأوسط، وجه الرئيس الأمريكي جو بادين، عدة رسائل، قائلا، إنه لا يوجد الكثير مما يتفق عليه مع سلفه ترامب، مشيرًا إلى اتخذ بالفعل نهجًا مختلفًا في كثير من سياسته الخارجية، لا سيما عندما يتعلق الأمر بتعزيز التحالفات الأمريكية وتقديم الدعم الصريح لمُثُل الديمقراطية في جميع أنحاء العالم.
ورغم ذلك إلا أن بايدن قال إنه اتبع التوجه العام لإدارة ترامب في بعض المجالات المهمة، وتحديدا في اتخاذ موقف المواجهة مع الصين، والسعي للشراكة مع السعودية ودولة الإمارات.
ومن ذلك المكان الذي شهد قمة كامب ديفيد للسلام بين إسرائيل ومصر، كان الرئيس الأمريكي يحاول السير على خطى أسلافه، بعقد قمم هامة في ذلك المنتجع، محاولا أن تكون قمة كامب ديفيد، خطوة على طريق تقويض نفوذ بكين المتزايد في الشرق الأوسط
وكان الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر قام بدور الوسيط بين الرئيس المصري أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن، في مفاوضات استمرت أسبوعين في كامب ديفيد، وأفضت إلى معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل.
إلا أنه في عام 2000، حاول الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون التوصل إلى اتفاق سلام آخر في الشرق الأوسط عندما استضاف رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود باراك والزعيم الفلسطيني ياسر عرفات في كامب ديفيد، لكن تلك المحادثات فشلت في النهاية في التوصل إلى اتفاق.
aXA6IDE4LjExOC4xMzcuOTYg جزيرة ام اند امز