احتجاجات الجامعات الأمريكية لن تنهي مأساة الفلسطينيين.. لماذا؟
اندلعت الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين داخل الجامعات الأمريكية قبل أن تمتد إلى جامعات أخرى حول العالم للتعبير عن التضامن مع المعاناة الجماعية لسكان غزة.
وتشكل الاحتجاجات واحدة من أكبر وأبرز وسائل التعبير عن معارضة ما يعانيه الفلسطينيون في ظل السياسات الأمريكية التي تغاضت عن التصرفات الإسرائيلية لسنوات عديدة في ظل الإدارات المتعاقبة من كلا الحزبين.
وتثير الاحتجاجات الآمال في تحريك السياسة الأمريكية وربما يصل الأمر إلى تحرك حقيقي لحل الصراع لكنها قد لا تنجح في حل المأساة الفلسطينية وفقا لما ذكره موقع "ناشيونال إنترست" في تقرير له.
وقال الكاتب والمحلل بيتر بينارت، إن حركة الاحتجاجات "فرصة هائلة" "تحمل في طياتها الإمكانية "لإنهاء التواطؤ المؤسسي الأمريكي مع اضطهاد الشعب الفلسطيني".
لكن لسوء الحظ، فإن الفرصة قد تضيع بسبب الطريقة التي تتشكل بها الاحتجاجات، إلى جانب بعض الحقائق السياسية مما يعني أن المظاهرات قد تضر بقضية إنهاء القمع بقدر ما تساعدها وفقا للتقرير.
واعتبر التقرير أن الاحتجاجات أصبحت أكبر من القضية نفسها، وهو الأمر الذي لا يبشر بالخير فيما يتعلق بكسب التعاطف والدعم للرسالة التي يحاول المتظاهرون إيصالها خاصة عندما تتجاوز الاحتجاجات التعبير السلمي عن الرأي، مثلما حدث في جامعة كولومبيا عندما استولى الطلاب على مبنى جامعي.
وأكد "ناشيونال إنترست" أن بعض رؤساء الجامعات، يستحقون الانتقاد لقيامهم باستدعاء رجال الشرطة حتى قبل أن تتخذ الاحتجاجات مثل هذا المسار لكن لا يمكن لأي رئيس جامعة، ولا ينبغي له، التسامح مع تعطيل التعليم وعمل المؤسسة.
كما عانت الاحتجاجات أيضاً من الافتقار إلى الوضوح في الأهداف المعلنة رغم أن الطلب الأكثر شيوعاً وهو سحب الجامعات أي استثمارات تتعلق بإسرائيل يبدو هدفا محددا إلا أن الصعوبات العملية من شأنها أن تعرقل تنفيذه بسبب صعوبة تحديد هوية الأسهم والصناديق الاستثمارية وأي منها مرتبط بإسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك فإن قادة الجامعات لديهم أسباب وجيهة، بما في ذلك الحفاظ على الصحة المالية لمؤسساتهم إلى جانب التساؤلات حول التغيير الذي يمكن توقع حدوثه في السياسات الخاصة بالأوراق المالية القابلة للتسويق.
ومن ناحية أخرى، أعرب بعض المتظاهرين عن دعمهم لمجموعة متنوعة من القضايا التي تتجاوز الفلسطينيين وهو ما يعكس كيف جذبت أزمة غزة تحالفا متنوعا من الناشطين اليساريين الذين لديهم قضايا أخرى في أذهانهم وهو ما يقلل التركيز على السياسات الإسرائيلية.
في المقابل، يستغل معارضو أي تحرك نحو حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وتأمين الحقوق السياسية وحقوق الإنسان للفلسطينيين الصور السلبية للاحتجاجات.
وربط الجمهوريون في مجلس الشيوخ بين الرئيس جو بايدن وبرنامجه للإعفاء من القروض الطلابية بمن وصفوهم بـ"الغوغاء المعادين للسامية" الذين يتصرفون "مثل الإرهابيين" في الحرم الجامعي.
ومهما كانت القضية الرئيسية لأي حركة احتجاجية نبيلة فإنها ستلتقط أجزاء قبيحة وغير مبررة وفي هذه الحالة، سيكون هناك ما يكفي من الهتافات التي يمكن اعتبارها معادية للسامية وبالتالي يتمكن المعارضون من تشويه الحركة بأكملها بشكل غير عادل.
وبقدر ما يشعر المتظاهرون بالحسد حقاً من فترة الستينيات، فمن الأفضل أن يفكروا في نتائج الاحتجاجات المناهضة لحرب فيتنام في تلك الحقبة فهي لم تقلل أمد الخرب بل ساهمت في نشر الانقسام والفوضى داخل الحزب الديمقراطي وأضرت باحتمالات انتخاب مرشحه للرئاسة هيوبرت همفري في عام 1968.
ومثلما مثلت الأوضاع في غزة عبئا سياسيا على بايدن بسبب دعمه المبكر لإسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو فإن الاحتجاجات تشكل مسؤولية سياسية إضافية للرئيس.
وبالتالي قد لا تؤدي الاحتجاجات إلى تغيير السياسات المناهضة للفلسطينيين وإنما إعادة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض وهو ما يمثل خطوة للوراء بالنظر إلى سجل الرئيس الجمهوري في ولايته الأولى وما تضمنته من تسليم إسرائيل كل ما تريده والتخلي عن أي فكرة بشأن تقرير المصير للفلسطينيين.
aXA6IDE4LjIyNS41Ni43OSA= جزيرة ام اند امز