من الصين إلى أمريكا عبر «دولة وسيطة».. هل يمكن التربح من حرب التجارة؟

تشهد الولايات المتحدة والصين تصعيدًا متبادلًا للرسوم الجمركية إلى حدود فاقت كل تصور ووصلت إلى 125% من الصين و145% من أمريكا، فهل يمكن أن تمثل هذه فرصة للتربح عبر استيراد البضائع من بكين وإعادة تصديرها إلى واشنطن عبر دولة وسيطة؟
رغم سذاجة الفرضية، فإنها شغلت حيزا كبيرا من نقاشات متابعي مواقع التواصل الاجتماعي، الذين اعتبروا أن مثل هذا التحايل قد يكون ممكنا.
ولا يناقش هذا التقرير، الممارسات الاحتيالية التي تعمد إلى تزييف المعلومات المتعلقة بدولة المنشأ، إذ إن مثل هذه الممارسات تعد جرائم وتكافحها الدول الوسيطة نفسها حتى لا تفقد الثقة الدولية مع شركائها التجاريين.
كما أن الممارسات الاحتيالية لم تعد سهلة في ظل الاعتماد على تقنيات "البلوكتشين" وغيرها في تتبع أصل كل منتج تتم صناعته في العالم.
العقبة الأولى: دولة المنشأ
«العين الإخبارية» استعانت بخبراء اقتصاديين لتفنيد هذه الفرضية وتوضيح عدم جدواها تقريبا، في ظل القوانين والتقنيات التجارية التي تحكم تداول البضائع حول العالم.
وقال الخبير الاقتصادي رشاد عبده لـ«العين الإخبارية» إن هذه الفكرة غير قابلة للتنفيذ عمليًا، نظرًا لعقبات قانونية وجمركية تجعلها غير مجدية اقتصاديًا.
وأوضح أن أهم هذه العقبات تتعلق بمبدأ "دولة المنشأ"، وهو مفهوم أساسي في التجارة الدولية، يشير إلى الدولة التي تم فيها تصنيع المنتج بشكل فعلي.
وأضاف أنه إذا تم استيراد منتج صيني إلى دولة ما دون إجراء أي تصنيع أو تعديل جوهري عليه، فسيظل يُعتبر "صيني المنشأ"، وبالتالي يخضع لنفس الرسوم الجمركية التي تفرضها الولايات المتحدة على البضائع الصينية، حتى وإن تم تصديره من دولة ثانية.
العقبة الثانية: تكاليف الشحن والتخزين
أكد عبده أن الرسوم الجمركية الأمريكية على المنتجات الصينية مرتفعة بالفعل، حتى قبل رسوم ترامب، وهي السبب الأساسي الذي دفع البعض لمحاولة الالتفاف عليها، لكن هذه المحاولة لا تنجح ما لم يتم تغيير بلد المنشأ، إذ إن تكاليف الشحن، والنقل، والتخزين بين الصين ودولة ثانية ثم إلى أمريكا، تجعل العملية غير مجدية من حيث التكلفة والربحية.
الطريقة الوحيدة: بناء مصنع!
وأشار إلى أن الطريقة الوحيدة لتغيير "دولة المنشأ" وتحقيق استفادة تجارية حقيقية من اتفاقيات التجارة بين دولة منشأ مثل مصر مثلا ووأمريكا أو الاتحاد الأوروبي، هي إنشاء مصنع محلي في مصر، ينتج أو يجمع المنتج بشكل يحقق "تحولًا جوهريًا" في طبيعته، وعندها يمكن وضع شعار "صنع في مصر"، وبالتالي الاستفادة من المزايا التفضيلية في التصدير.
وحتى هذه الطريقة قد لا تكون ناجحة، في ظل تركيز الولايات المتحدة الكبير على عرقلة أي منتج يحتوي على مكون صيني أو تكنولوجيا صينية، أو حتى مالك صيني. وهو ما يحدث حاليا مع دولة مثل فيتنام التي فرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسوما عليها بنسبة 46% (قبل أن يعلقها 90 يوما) باعتبارها منصة لمنتجات صينية الأصل حتى وإن كانت مصنعة لديها.
aXA6IDMuMTMzLjEyOS4yMjkg جزيرة ام اند امز