قلق من سياسات ترامب.. كندا تعزز تحالفها العسكري مع أوروبا

حالة من التوتر تشهدها العلاقات بين كندا والولايات المتحدة منذ وصول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى السلطة.
هذا التوتر دفع كندا إلى البحث عن بدائل استراتيجية تعزز من استقلالها الدفاعي والاقتصادي. وفي هذا السياق، تجري كندا محادثات متقدمة مع الاتحاد الأوروبي للانضمام إلى مشروعه الجديد لتوسيع صناعته العسكرية، مما سيمكنها من المشاركة في تصنيع الطائرات المقاتلة الأوروبية وغيرها من المعدات العسكرية داخل منشآتها الصناعية الخاصة، في خطوة قد تشكل تحولًا تاريخيًا في نهجها الدفاعي.
تحولات في العلاقات الدفاعية
يأتي هذا التعاون الدفاعي في وقت يسعى فيه الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز صناعته العسكرية وتقليل اعتماده على الولايات المتحدة، وهو ما يصب في مصلحة شركات الإنتاج الدفاعي الكندية ويوفر لها سوقًا جديدة في ظل تراجع علاقتها مع واشنطن.
ومنذ انتخاب مارك كارني رئيسًا لوزراء كندا، بدأ في إعادة توجيه سياسات بلاده الدفاعية والاقتصادية نحو أوروبا، حيث قام بأول زيارة خارجية له إلى باريس ولندن، مؤكدًا أن كندا "أكثر الدول الأوروبية بين الدول غير الأوروبية"، في إشارة إلى روابطها القوية مع القارة العجوز.
وبحسب مصادر مطلعة على المفاوضات، تهدف المحادثات بين كندا والاتحاد الأوروبي إلى دمج كندا في مبادرة الدفاع الأوروبية، مما يمكنها من أن تكون جزءًا من عملية تصنيع المعدات العسكرية الأوروبية، بما في ذلك الطائرات المقاتلة وأنظمة الدفاع المتقدمة.
الفرص الجديدة لصناعة الدفاع الكندية
من المتوقع أن يمنح هذا التعاون وصولًا تفضيليًا لكندا إلى سوق الاتحاد الأوروبي للمعدات العسكرية، ما يتيح لها فرصة توسيع قدراتها الصناعية الدفاعية.
وبموجب الاتفاق المقترح، ستكون كندا قادرة على توريد ما يصل إلى 35% من المكونات للمعدات العسكرية الأوروبية، مع إمكانية توسيع هذه النسبة مستقبلاً وفقًا لاحتياجات السوق.
كما تتيح هذه الشراكة لكندا فرصة المشاركة في تطوير أنظمة أسلحة متقدمة، مثل الطائرات المقاتلة "ساب غريبن"، المنافسة للطائرة الأمريكية "إف-35" التي تنتجها شركة لوكهيد مارتن. ويعد هذا الأمر تطورًا مهمًا، إذ سيمكن كندا من تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية.
كما يتخذ الاتحاد الأوروبي خطوات كبيرة لزيادة الإنفاق العسكري، حيث قام بتخفيف قواعد الميزانية للسماح للدول الأعضاء بزيادة إنفاقها الدفاعي، واقترح برنامج قروض بقيمة 150 مليار يورو (163 مليار دولار) لتمويل التطوير العسكري المشترك.
يذكر أن كندا تعرضت لانتقادات بسبب إنفاقها الدفاعي المنخفض، حيث تنفق نحو 1.3% من ناتجها المحلي الإجمالي على الدفاع، في حين يوصي حلف الناتو بإنفاق 2% على الأقل، إلا أن الحكومة الكندية أعلنت خططًا لرفع إنفاقها الدفاعي إلى هذا المستوى بحلول نهاية العقد الحالي.
من جانبه، شدد ترامب على أن كندا تعتمد بشكل كبير على الجيش الأمريكي، مشيرًا إلى أن ذلك يجب أن يدفعها إلى أن تصبح جزءًا من الولايات المتحدة.
وتسعى كندا لتنويع علاقاتها الدفاعية والتجارية، بعيدًا عن ارتباطها التقليدي بالولايات المتحدة، حيث أكد تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي أن التعاون مع كندا يجب أن يتعزز بشكل أكبر لدعم الأمن عبر الأطلسي.
ومع ذلك، فإن تحقيق نتائج ملموسة من هذا التعاون بين كندا والاتحاد الأوروبي سيستغرق سنوات، حيث يعاني قطاع الدفاع الأوروبي من تأخر في التطوير بسبب الهيمنة الأمريكية ونقص الاستثمار، فضلاً عن تأثير إمدادات الأسلحة لأوكرانيا على المخزونات العسكرية لدول الاتحاد.