"حياة على باب الثلاجة".. مواجهة بين رغبات الإنسان وسرطان الثدي
اليوميات تكشف تباعد المسافة بين الابنة والأم، فبينما تسعى الفتاة لشغل فراغها بالارتباط العاطفي تتورط الأم في المزيد من أعباء العمل
نجحت رواية "حياة على باب الثلاجة" التي صدرت ترجمتها العربية مؤخرا في لفت الأنظار إلى القوة التي تمنحها كتابة اليوميات وقدرتها على نقل خبرة سيدة وابنتها المراهقة في التعامل مع مرض سرطان الثدي.
الرواية ترجمتها إلى العربية المترجمة هدى فضل، ونشرتها دار العربي للنشر والتوزيع في القاهرة، وهي للمؤلفة الإنجليزية أليس كويبرز (40 عاما).
ويعتمد بنيان الرواية السردي بالكامل على الأوراق الصغيرة التي تلصق عادة على الثلاجات في المطابخ المنزلية التي تتحول دائما إلى مدونة إخبارية للكشف عن يوميات أفراد العائلة الذين يندر اجتماعهم معا.
وفي مقابل افتقارها إلى التخيل، تلجأ الرواية إلى تفاصيل الحياة اليومية، وتراهن على سرد حكايات اعتيادية تثير شغف القارئ بفضل بساطة اللغة وحيويتها وإيقاع سريع تستمده من جملها القصيرة ذات الطابع التلغرافي المنسجم مع لغة التدوين والكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي.
تستعرض الرواية حياة المراهقة "كلير" التي تبلغ من العمر 15 عاما، وعلاقتها مع أمها طبيبة النساء والتوليد التي تعيش كامرأة مستقلة بعد انفصالها عن الزوج.
وتظهر الرسائل التي تتبادلها الأم مع الابنة على باب الثلاجة عبر قصاصات الورق الصغيرة، طبيعة الضغوط التي تعاني منها العائلة في المجتمعات الرأسمالية التي تصعب على الأم مهمة شراء بعض المستلزمات المنزلية البسيطة على نحو يصيب الفتاة المراهقة بالضجر تحت دوافع الاحتياج المادي والعاطفي، بالإضافة إلى الشعور بفداحة غياب الأم عن المنزل بسبب طبيعة عملها، ما يدفع الابنة دائما للتذمر وقضاء أوقات طويلة خارج المنزل لمقاومة الشعور بالوحدة.
وتكشف اليوميات كيف تتباعد المسافة بين الابنة والأم، فبينما تسعى الفتاة لشغل فراغها بالارتباط العاطفي أو توطيد علاقتها مع الأب الغائب، تضطر الأم للتورط في المزيد من أعباء العمل حتى تكتشف إصابتها بسرطان الثدي.
يؤثر سرطان الثدي على نحو 12% من النساء حول العالم، ويشكل 22.9٪ من السرطانات الغازية في النساء، و16٪ من جميع سرطانات الإناث.
وفي عام 2012، شكل سرطان الثدي 25.2٪ من السرطانات التي شخصت في النساء، ما يجعله السرطان الأكثر شيوعا في الإناث، ويؤدي الدعم الأسري إلى تحسن في الحالة النفسية والصحية للمريضة.
وتكشف رسائل الأم في الرواية رحلتها مع الأطباء وجلسات الدعم ما يسهم في استعادة علاقتها مع الابنة التي سرعان ما تكشف حجم التضحيات التي قدمتها الأم لكن من دون نزعات ميلودرامية مفرطة في القسوة، وبفضل الخطابات التي تطول قليلا يدرك القارئ الكثير من التفاصيل والهدايا التي يلجأ كل طرف لاعتمادها كأدوات للدعم واستعادة ما تم فقدها في رحلة الحياة.
الرواية حازت في طبعاتها المختلفة على 9 جوائز أدبية، منها جائزة سوين بارك الإنجليزية وجائزة مكتبة نيويورك العامة، وترجمت إلى 28 لغة ومؤلفتها كاتبة إنجليزية ولدت عام 1979 وتقيم في كندا، والرواية هي عملها الأدبي الأول بعد سنوات من دراسة علم النفس والآداب.