يُعّدُ التلوث الناتج من استخدامات البشر -في الغالب من حرق الوقود الأحفوري، وصناعة الأسمنت وإزالة الغابات- هو المحرك الرئيسي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون والمحرك للاحتباس الحراري.
ولكن ليس كل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون ينتهي بها المطاف في الغلاف الجوي، حيث إن ما يقرب من 25% من تلك الانبعاثات يتم تدفقها إلى المحيطات، و31% إلى اليابس.
انبعاثات الكربون
قاس العلماء ارتفاع مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وكان معهد سكريبس لعلوم المحيطات رائدا في رصد الانبعاثات في الخمسينيات من القرن الماضي، هذا وقامت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي بتتبع معهد سكريبس منذ عام 1974، وحديثا انطلقت ساعة بلومبرغ لقياس انبعاثات الكربون لأول مرة في عام 2015.
تعتمد ساعة بلومبرغ للكربون على البيانات الصادرة عن مرصد نوا ماونا لوا ومعهد سكريبس لعلوم المحيطات، لتقدير مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وتوفر ساعة بلومبرغ للكربون تقديرًا في الوقت الفعلي للمتوسط العالمي الشهري للانبعاثات الكربونية، بالاعتماد على البيانات التاريخية من هذه المصادر.
هذا.. وتشير ساعة بلومبرغ للكربون التي رصدها في تمام الساعة 8:40 صباحًا لليوم الموافق 18 مايو 2023، إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون تُشكل نحو 0.0424٪ من الحجم الكلي للغلاف الجوي للكوكب، وهو أعلى بنسبة 51٪ مما كان عليه قبل حقبة الثورة الصناعية، لا يفكر العلماء عادة في ثاني أكسيد الكربون كنسبة مئوية من الغلاف الجوي للأرض، حيث إنه من الأفضل تخيل عينة من غاز الغلاف الجوي مقسمة إلى مليون جزء متساو، وبالتالي وفقًا لساعة بلومبرغ فإن ثاني أكسيد الكربون يُشكل حوالي 424 جزءا في المليون من هذا الهواء.
واستنادا إلى التقرير السنوي من مختبر الرصد العالمي التابع للإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، بلغ المتوسط العالمي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي نحو 417.06 جزءا في المليون في عام 2022، مسجلاً رقما قياسيًا جديدا، فقد بلغت الزيادة بين عامي 2021 و2022 حوالي 2,31 جزء في المليون -للسنة الحادية عشرة على التوالي- حيث زادت كمية انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي بأكثر من 2 جزء في المليون.
ووفقًا لمرصد ماونا لوا في هاواي، وصل المتوسط السنوي لثاني أكسيد الكربون في عام 2022 إلى نحو 418.56 جزءًا في المليون.
- تداول مركبات الكربون الهيدروفلورية بدولة الإمارات.. قانون جديد منظم
- السباق الأخضر.. مَن يصل لمستقبل خالٍ من الكربون أولا؟
لماذا ثاني أكسيد الكربون مهم؟
يلعب مستوى ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي دورًا رئيسًا كمنظم الحرارة على كوكب الأرض، فضلًا عن أنه يذوب في المحيط مثل الفوران الموجود في علبة الصودا، ويتفاعل مع جزيئات الماء، وينتج حمض الكربونيك ويخفض درجة حموضة المحيط، فمنذ بداية الثورة الصناعية انخفض الرقم الهيدروجيني لمياه سطح المحيط من 8.21 إلى 8.10. هذا الانخفاض في الرقم الهيدروجيني يسمى تحمض المحيطات.
كما يُعد ثاني أكسيد الكربون من أهم غازات الاحتباس الحراري على الأرض، حيث إنه يمتص الحرارة ويشعها، على عكس الأكسجين أو النيتروجين (اللذان يشكلان معظم الغلاف الجوي). لذا بدون ثاني أكسيد الكربون سيكون تأثير الاحتباس الحراري الطبيعي للأرض أضعف من أن يحافظ على متوسط درجة حرارة سطح الأرض فوق درجة التجمد، ومن خلال إضافة المزيد من ثاني أكسيد الكربون إلى الغلاف الجوي ستصبح الأشياء أكثر دفئا.
ووفقا لملاحظات مختبر الرصد العالمي NOAA ، في عام 2021 كان ثاني أكسيد الكربون وحده مسؤولاً عن حوالي ثلثي تأثير الاحترار الكلي لجميع غازات الدفيئة التي ينتجها الإنسان، بهذا المعدل يُمكن أن ترتفع درجة حرارة الكوكب بمقدار 2.7 درجة مئوية بحلول عام 2100.
أدت الزيادات الطبيعية في تركيزات ثاني أكسيد الكربون إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض بشكل دوري، هذا وتُشير الدلائل الجيولوجية لساعة بلومبرغ إلى أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الموجود على الأرض الآن -424 جزءًا في المليون- كانت آخر مرة عند هذا المستوى منذ حوالي 3 ملايين سنة، حقبة كان العالم فيها أكثر دفئا بمقدار درجتين مئويتين أو 3 درجات مئوية وربما كانت المحيطات أعلى بأكثر من 65 قدما.
كما تجدر الإشارة إلى أنه استمر الطلب العالمي على الطاقة في النمو بسرعة وتم تلبيته في الغالب بالوقود الأحفوري، فقد تصل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى 75 مليار طن سنويًا أو أكثر بحلول نهاية القرن، ويمكن أن يصل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى 800 جزء في المليون أو أعلى، وهي ظروف لم تشهدها الأرض منذ ما يقرب من 50 مليون سنة.
aXA6IDMuMTMzLjE1Mi4xODkg
جزيرة ام اند امز