لمواجهة تغير المناخ.. كيف يمكن احتجاز ثاني أكسيد الكربون باستخدام الأملاح؟ (حوار)
تعد تقنية "احتجاز الكربون" حلا فعالا لتخفيض الانبعاثات في سبيل مواجهة تغير المناخ، لكنّها مكلفة للغاية.
وحاول فريق دولي يضم باحثين من الصين واليابان وجامعة الملك عبدالله بالسعودية "كاوست" على حل مشكلة التكلفة من خلال البحث عن طرق غير تقليدية لاحتجاز الكربون.
وتعتمد الطرق التقليدية السابقة لاحتجاز الكربون على الامتصاص الكيميائي، حيث تتشكل الروابط الكيميائية بين جزيئات ثاني أكسيد الكربون والسطح، وهذه العملية تعمل جيدا، لكن هذه الروابط الكيميائية، تتطلب طاقة هائلة لتفكيكها، ما يؤدي إلى زيادة تكلفة عملية التقاط ثاني أكسيد الكربون.
ولكن الطريقة الجديدة التي قدمها الفريق البحثي الدولي في دراسته المنشورة في دورية "سيل ريبورتيز فيزيكال ساينس"، تعتمد على استخدام طريقة أقل تكلفة تستخدم ملح "كبريتات الجوانيدينيوم"، فكيف يتم استخدام هذه الأملاح، وهل تعطي نفس كفاءة الطرق التقليدية؟
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها تشيانغ شو، من معهد علوم المواد الخلوية المتكاملة بجامعة كيوتو اليابانية، وعضو الفريق البحثي في حديث مع "العين الإخبارية".
بداية.. ما الذي دفعكم للتفكير في هذا الاتجاه؟
دفعنا للتفكير في هذا الاتجاه، انتقادات منطقية كانت توجه لتقنيات احتجاز الكربون، وهي أنها تحافظ على البيئة من ناحية، لكنها تسيء لها من ناحية أخرى، أثناء استخدامها الكثيف للطاقة، وما يترتب على ذلك من تلويث للبيئة.
وهل هذه هي أول محاولة لإيجاد بديل للمواد المستخدمة في التقنيات الحالية؟
كانت هناك محاولات تستخدم ما يعرف بـ"هيدرات الميثان" لقدرتها على التقاط جزيئات الغاز واحتجازها مثل ثاني أكسيد الكربون تحت ضغط عالٍ، ولكن هذا النهج كثيف الطاقة بالإضافة إلى ذلك، يحتاج إلى جليد الميثان الصلب من أجل التبريد.
وهل المادة الجديدة تتغلب على تلك المعوقات؟
باستخدام ملح يسمى "كبريتات الجوانيدينيوم"، نجحنا في إنشاء هياكل شبيهة بالشبكة تسمى "مركب قفصي"، تحاكي بفاعلية نشاط هيدرات الميثان، وتحبس جزيئات ثاني أكسيد الكربون وتنتج طريقة فعالة في استخدام الطاقة لاحتواء غازات الاحتباس الحراري.
وما مزايا تلك المادة؟
مادة "كبريتات الجوانيدينيوم" تعمل على تنظيم وحبس جزيئات ثاني أكسيد الكربون دون التفاعل معها، فهي مثال نادر على مواد المركبات القفصية، المستقرة وغير قابلة للتآكل في درجة الحرارة والضغط المحيطين، وهي ميزة مرغوبة للغاية مقارنة بمواد أمين الإيثانول والأمونيا والمحاليل الأخرى التي يشيع استخدامها في التقاط الكربون.
وكيف يتم التقاط الكربون بالمواد الشائعة؟
يعتمد احتجاز الكربون بهذه المواد على الامتصاص الكيميائي، حيث تتشكل الروابط الكيميائية بين جزيئات ثاني أكسيد الكربون والسطح، وهذه العملية تعمل بشكل جيد، ومع ذلك، تتطلب الروابط الكيميائية طاقة لتفكيكها، مما يؤدي إلى زيادة تكلفة عملية التقاط ثاني أكسيد الكربون، بينما يستخدم الهيكل القفصي القائم على الملح عمليات منخفضة الطاقة والامتصاص أثناء التقاط ثاني أكسيد الكربون دون تدخل الماء أو النيتروجين، مما يفتح مكانا واعدا لتقنيات التقاط الكربون وتخزينه في المستقبل من خلال التصلب السريع لثاني أكسيد الكربون.
وما شكل ثاني أكسيد الكربون عند تخزينه بتلك الطريقة؟
يقدم هذا الاكتشاف طريقة جديدة لتخزين ونقل ثاني أكسيد الكربون كمادة صلبة، حيث يُنقل ثاني أكسيد الكربون تقليديا كمادة صلبة في شكل جليد جاف، مضغوط في أسطوانات الغاز أو على شكل كربونات، بينما يسمح الهيكل القفصي القائم على الملح بحمل ثاني أكسيد الكربون كمسحوق صلب، مما يجعل هذه الطريقة أقل استهلاكا للطاقة، مع إمكانات هائلة للتطبيقات الواقعية، فهذه الطريقة جعلت من الممكن حمل ثاني أكسيد الكربون في صورة صلبة دون الحاجة إلى التبريد أو الضغط.
وما إمكانية تطبيق هذه الطريقة على نطاق واسع؟
سيكون لها استخدام، حيث تبحث صناعة الوقود العالمية عن طرق لاحتجاز وتخزين ونقل ثاني أكسيد الكربون في إطار السعي العالمي لمكافحة تغير المناخ.