تسونامي الكربون يخنق الأجواء.. العالم أمام "حرب أخيرة" لإنقاذ المناخ
في الكفاح ضد تغير المناخ، يخوض العالم حربا ربما تكون الأخيرة والأكثر سخونة وخطورة، لتقليص أطنان الكربون المتطايرة إلى الغلاف الجوي.
فمنذ فجر الثورة الصناعية، أطلقت الدول تريليونين ونصف تريليون طن متري من ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي.
ويكشف تقرير لمنظمة "carbonbrief" العالمية عن أن الولايات المتحدة تصدرت الترتيب العالمي كأكثر الدول تصديرا لانبعاثات الكربون الضار إلى الغلاف الجوي بكمية 509 مليارات طن من ثاني أكسيد الكربون منذ عام 1850.
- التغير المناخي يفرض قواعد جديدة لبناء المنازل في بريطانيا
- لهيب الحرارة يهدد ملابس العالم من القطن.. تحذير صيني
تشكل حصة الولايات المتحدة ما نسبته 20% من الإجمالي العالمي، ثم تأتي الصين في المرتبة الثانية بنسبة 11%، تليها روسيا 7%، والبرازيل 5% وإندونيسيا 4%.
وفي الوقت نفسه، فإن الدول الأوروبية الكبيرة في مرحلة ما بعد الاستعمار، مثل ألمانيا والمملكة المتحدة، تمثل 4% و 3% من الإجمالي العالمي على التوالي.
الاحترار نتيجة للكربون
ووفق بيانات صادرة عن المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن هناك علاقة مباشرة بين الكمية الإجمالية لثاني أكسيد الكربون المنبعثة من النشاط البشري ومستوى الاحترار على سطح الأرض.
وهذا يعني، أن انبعاثات ثاني أكسيد الكربون منذ مئات السنين تستمر في المساهمة في تسخين الكوكب، إذ يتم تحديد الاحترار الحالي من خلال المجموع التراكمي لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون بمرور الوقت.
وبمجرد دخوله إلى الغلاف الجوي، يميل ثاني أكسيد الكربون إلى البقاء هناك لفترة طويلة جدا؛ فيما تمتص النباتات جزءا من ثاني أكسيد الكربون المنطلق من خلال الأنشطة البشرية، ويتم امتصاص البعض الآخر مباشرة في المحيط.
ولكن ما يقرب من نصف ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة البشرية، يبقى اليوم في الغلاف الجوي، ومن المحتمل أن يبقى هناك لمئات السنوات، إذ ستؤثر على المناخ على مستوى العالم.
وجاء في وثيقة مختصرة صادرة عن منتدى قبل ثلاث سنوات، أنه يجب أن تصل الانبعاثات الكربونية العالمية إلى الصفر الصافي بحلول 2050، ومع ذلك فإن الاقتصادات الرئيسية تفشل في الوفاء بالتزاماتها.
وتساءل المنتدى الاقتصادي العالمي: كيف يمكن للعالم أن يحقق أنظمة طاقة نظيفة وموثوقة وآمنة مع الحفاظ على الاحترار العالمي دون المستويات الخطرة.
من أين يأتي الكربون؟
دخلت صناعة الطاقة عالميا في أزمة مركبة، ناتجة عن ارتفاع الطلب على الغاز والنفط الخام، يقابله جهود دولية لخفض استهلاك الطاقة لتحقيق أهداف المناخ.
وإلى جانب الطاقة، فإن عديد القطاعات الأخرى، تعتبر مسببا للانبعاثات الكربونية الضارة إلى الغلاف الجوي، وتزيد من سوداوية مشهد استدامة المناخ الذي تحاول أكثر من 190 دولة إعادته لمساره الطبيعي.
خلال وقت سابق من العام الماضي، أعد موقع "theecoexport" العالمي، قائمة بأكثر القطاعات تصديرا للانبعاثات الكربونية حول العالم، في وقت تحولت فيه قضية التغير المناخي إلى إحدى أولويات الاقتصادات المتقدمة والنامية معا.
- الطاقة التقليدية
تسبب الطاقة التقليدية الكثير من الضرر لأن المستهلكين حول العالم يعتمدون عليها في المهام اليومية، بدءا من الأشياء الصغيرة مثل شحن الهواتف إلى الأشياء الكبيرة مثل الرحلات الطويلة.
ومع ارتفاع مستويات السكان، تحتاج الدول إلى المزيد والمزيد من الوقود للحياة اليومية؛ إذ تشير أرقام منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إلى أن العالم استهلك 100.3 مليون برميل من النفط يوميا في عام 2019.
ولوضع ذلك في الاعتبار، بلغ استهلاك دول العالم من النفط في عام 2006، نحو 85 مليون برميل يوميا؛ إلا أن دولا نفطية مثل دول الإمارات على سبيل المثال، تقود تجربة ملهمة في إنتاج مزيج من الطاقة الجديدة والمتجددة.
- الزراعة
إن تناول اللحوم ومنتجات الألبان هو مجرد جزء طبيعي من الحياة، لكن تزايد عدد سكان العالم باستمرار أضحى أكثر مما يستطيع العالم التعامل معه.
والسؤال الذي دار لسنوات في أذهان مسؤولي البنك الدولي: "هل يمكن لعالمنا أن يتكيف مع استهلاكنا المتزايد باستمرار؟".
الزراعة الحيوانية مسؤولة عن 13-18% من إجمالي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في العالم؛ إذ إن معظم الانبعاثات الزراعية 65% هي غاز الميثان وأكسيد النيتروز، والتي تأتي في الغالب من الأبقار.
كذلك، يعد حرق الأراضي للزراعة مشكلة إضافية تواجهها الدول حول العالم؛ يؤدي تدمير هذه الأرض إلى زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وإزالة الأشجار التي تمتص ثاني أكسيد الكربون.
في 2021، جذبت إزالة الغابات في غابات الأمازون المطيرة انتباه الناس في جميع أنحاء العالم؛ فخلال شهر واحد، أفقدت الحرائق 870 ميلاً مربعاً - بزيادة قدرها 278% مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي.
- بيع المواد الغذائية
على غرار صناعة الأزياء، يعمل الجوع المتزايد في العالم على توسيع البصمة الكربونية لتجارة المواد الغذائية بالتجزئة؛ حيث أدت المستويات السكانية المتزايدة في جميع أنحاء العالم إلى زيادة في استهلاك الغذاء.
وتشير بيانات صادرة عن منظمة الفاو إلى أن العالم يهدر طعاما متزايدا أكثر من أي وقت مضى؛ "في الواقع، يتم إهدار 1.9 مليون طن من الطعام كل عام في المملكة المتحدة على سبيل المثال".
في السياق، فإن واحدة من أكثر السمات ضررا لمحلات السوبر ماركت وغيرها من بائعي المواد الغذائية بالتجزئة هي نفايات التعبئة والتغليف التي تنتجها؛ إذ إن 800 ألف طن من النفايات البلاستيكية سنويا تأتي من تجار التجزئة.
وتشير التقديرات إلى أن 56% من أنواع الحيتان والدلافين وخنازير البحر على كوكب الأرض قد استهلكت البلاستيك
بعد تناول الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، قد تعاني الفقمات (والحيوانات الأخرى) لأشهر أو سنوات قبل أن تموت غالبا بسبب ما تأكله.
- النقل
ليس سرا أن النقل هو المساهم الرئيسي في غازات الاحتباس الحراري؛ حيث تمثل انبعاثات النقل -الطرق والسكك الحديدية والجوية والبحرية بشكل أساسي- بأكثر من 24% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون العالمية.
ويمكن تقسيم صناعة النقل إلى قسمين مختلفين: الشحن التجاري، والركاب، فالشحن التجاري مسؤول عن 40% من إجمالي انبعاثات النقل، في حين أن سفر الركاب هو 60%.
وعلى الرغم من أن الطائرات تنبعث من ثاني أكسيد الكربون أكثر بكثير مما تصدره السيارة، إلا أن غالبية الناس يمتلكون سيارة؛ في المملكة المتحدة وحدها هناك 87% من السكان يمتلكون سيارة.
aXA6IDMuMTMzLjEwOS41OCA= جزيرة ام اند امز