"لوموند": قرع الأواني سلاح التعبئة بالجزائر لإيصال صوت المحتجين
منذ اندلاع احتجاجات الجزائريين أصبحت الحفلة الموسيقية بالقرع على أدوات الطهي مثل الأواني والأوعية والكسرولات سلاحا لتعبئة المتظاهرين.
وصفت صحيفة "لوموند" الفرنسية الأواني والأوعية التي يستخدمها الجزائريون في مظاهراتهم منذ اندلاعها في فبراير/شباط الماضي بأنها "سلاح التعبئة" للاحتجاجات.
وعبّر المتظاهرون الجزائريون، الجمعة الماضية، عن غضبهم لعدم تنفيذ مطالبهم بالقرع على أدوات المطبخ بـ "الأواني والكسرولات" كرمز لسماع صوتهم، في احتجاج مشابه لعام 1960 حين كانت بلادهم تحت الاحتلال الفرنسي.
وفي دول أخرى مثل فنزويلا وإسبانيا، جرى استخدام القرع على أدوات المطبخ في الاحتجاجات، حتى أصبحت الأواني رمزا للتعبير عن الغضب في العالم.
وتحت عنوان "غضب الأواني في الجزائر"، قالت صحيفة لوموند الفرنسية إنه منذ اندلاع الاحتجاجات في فبراير/شباط الماضي، أصبحت الحفلة الموسيقية بالقرع على أدوات الطهي، مثل الأواني والأوعية والكسرولات، سلاحا لتعبئة المتظاهرين.
وأوضحت الصحيفة الفرنسية أن السمة البارزة في الجمعة الماضية، أي الأسبوع الـ36 المتواصل للاحتجاجات، تمثلت في خروج النساء وقرعهن على الأواني، لإحداث ضجيج يصم الأذن للتعبير عن غضبهن حتى يصبح الصوت الجزائري مسموعا أكثر.
"لوموند" أكدت أنه خلال الأسابيع القليلة الماضية في الجزائر، عرفت أدوات الطهي طريقها إلى الشوارع، وانتقلت من الطبخ إلى قلب الاحتجاج السياسي بالقرع على "المهراس" الذي يستخدمه الجزائريون لسحق الطعام، والمقالي والأواني، حتى يتردد صداها في شوارع العاصمة.
وفسرت الصحيفة الفرنسية رمزية استخدام الجزائريين لتلك الأدوات في التعبير عن غضبهم، وفقا لتفسيرات عدة محللين غربيين.
من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية المتخصص في الحركات الاجتماعية بجامعة أوتاوا الكندية، فريدريك فرييل، إن "الهدف من استخدام تلك الأدوات بسيط ولكنه فعال، وهو لإنتاج أكبر قدر ممكن من الضجيج، مثلما حدث في مدينتي بجاية والقبائل، مساء 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوتاوا أن المحتجين الجزائريين قرعوا على الأواني والأوعية لمدة 30 دقيقة أمام مبنى إدارة المدينة؛ للاستماع لهم بطريقة "غير عنيفة" لمطالبهم.
وبحسب فرييل فإن هذه طريقة تعبير عن أمل المتظاهرين الجزائريين في إطلاق سراح مئات المعتقلين، منذ الصيف الماضي، مستخدمين الأواني كنوع من التضامن معهم.
ولفت إلى أن استخدام وسيلة القرع على الأواني للاحتجاج ليس حديثا على المجتمع الجزائري، موضحا أنها تنحدر إلى عام 1960، وتحديدا للجزائريين الذين طالبوا بالاستقلال؛ احتجاجا على القمع العنيف الذي دبرته السلطات الفرنسية، والذي كانوا ضحايا له.
وتابع فرييل: "كانت معركة أدوات الطبخ مستعرة في ذلك الوقت، في المظاهرات بين الطرفين المؤيدين والمعارضين لاستقلال الجزائر".
وأوضح أن أنصار منظمة الجيش السري، وهي منظمة سياسية فرنسية معادية لاستقلال الجزائر، احتجت بالأواني في الوقت الذي قرع أنصار الاستقلال أيضاً عليها للتعبير عن غضبهم من استمرار الاحتلال، آنذاك.
وفي عام 1961، خرج الفرنسيون المقيمون بالجزائر من شرفاتهم للاحتجاج على سياسة تقرير المصير التي يريدها الجنرال ديجول، مؤسس الجمهورية الفرنسية الخامسة، واستمرت الاحتجاجات ساعتين متواصلتين دون انقطاع.
بدوره، رأى أستاذ التاريخ المعاصر، المتخصص في الشؤون المغاربية، بجامعة باريس، بنجامان ستورا، أنه "ليس من المؤكد أن المحتجين الجزائريين بعد 60 عاما من هذه الوقائع، يستخدمون الأواني للسبب نفسه للاحتجاج"، موضحاً أن دلالات الأواني تمكنت من عبور الأجيال لعام 2019، في طابع سلمي وسعيد.
واعتبر المؤرخ الفرنسي أن استخدام الأواني للتعبئة يبدو متأثرا بمشجعي كرة القدم، الذين اعتادوا على أن يدقوا على الصناديق المعدنية والطبول في مدرجات ملاعب الكرة.
وذكر ستورا أن "كرة القدم والسياسة عالمان مرتبطان بشكل وثيق في الجزائر لفترة طويلة"، موضحا أن التعبير السياسي كان يقتصر فقط في السابق على الملاعب، حيث يمكن أن تعبر الأندية الكبرى في البلاد عن نفسها من خلال الأغاني، ثم تحول إلى الشارع منذ بداية الحركة في فبراير/شباط الماضي".
ووفقا للباحث المتخصص في الشؤون المغاربية، فإنه "في بلد لا توجد فيه أماكن اجتماعية، مثل قاعات الحفلات الموسيقية أو المسارح، فإن التظاهر يسمح بالتعبير عن أنفسهم بالموسيقى وقرع الأواني".
من جهته، رأى الباحث الفرنسي إيمانويل فوريكس، وهو أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة "باريس- إست كريتييل"، أن قرع الأواني أصبح سمة الاحتجاجات العالمية.
ولفت إلى تاريخ "احتجاجات قرع الأواني" يعود إلى فرنسا في العصور الوسطى، حيث كان الفرنسيون في بداية الحكم الملكي في ثلاثينيات القرن التاسع عشر يقرعون على الأواني، ضد نظام الملك لويس فيليب، وانتقلت هذه الوسيلة عبر العصور حتى أصبحت وسيلة احتجاج حزب الجمهوريين هناك.
فوريكس أشار إلى الشباب الجزائري بفضل التكنولوجيا وشبكات التواصل الاجتماعي، يقوم بالسير على خطى الشعوب الأخرى.
وأوضح أن "احتجاج الأواني أصبح تقريبا ظاهرة مدرجة في الثقافة السياسية، من اليمين واليسار، مدللا على ذلك باحتجاجات أيسلندا، خلال ثورة 2008، وفي إسبانيا، بين الانفصاليين الكتالونيين، وفي فنزويلا، بين معارضي الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، وفي الجزائر أيضا".
ويواصل الجزائريون احتجاجهم رفضاً للانتخابات الرئاسية المزمعة، والذي تجاوز عدد المرشحين فيها 23 مرشحاً، تم اختيار 5 معظمهم إما إخوان وإما من كوادر سابقة في عهد الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة؛ الأمر الذي يرفضه الجزائريون، بحسب "لوموند".
ومن أبرز المرشحين للانتخابات الرئاسية الجزائرية، أوضحت الصحيفة في تقرير آخر، أن هناك 5 بينهم رئيسا وزراء سابقان، وأمام المجلس الدستوري 7 أيام فقط، لجعل قائمة المرشحين التي أقرتها السلطة الانتخابية رسمية.
وصادقت السلطة الانتخابية الجزائرية، السبت، على ملفات 5 مرشحين في الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في 12 ديسمبر/كانون الأول، بما في ذلك رؤساء وزراء ووزراء سابقون في عهد بوتفليقة، وهم علي بن فليس الذي كان رئيساً للأركان، ثم رئيساً الوزراء آنذاك، وعبدالمجيد تبون، رئيسا للوزراء، وعز الدين ميهوبي الأمين العام بالنيابة لحزب التجمع الوطني الديمقراطي، ووزير سابق.
أما المرشح الرابع هو عبدالصالح بن قرينة، وزير السياحة الأسبق (1997-1999)، وعبدالعزيز بلعيد النائب السابق للجزائر العاصمة.
يشار إلى أن رئيس الهيئة الانتخابية الوطنية المستقلة في الجزائر أعلن في وقت سابق وجود 23 مرشحا قدموا طلباتهم للمشاركة في الانتخابات لخلافة بوتفليقة.
aXA6IDE4LjExOS4xMTMuNzkg جزيرة ام اند امز