خبراء لـ"العين الإخبارية": كابوس الديون يطرق أبواب أمريكا
تُحيي الولايات المتحدة فكرة إصدار سندات يتراوح آجالها بين 50 و100 عام في ظل تدني أسعار الفائدة وتصاعد حجم السندات سلبية العائد.
قال مصرفيون إن كابوس الديون في أمريكا بات قريبا من أن يتحول إلى واقع، لذلك جاءت فكرة إحياء الولايات المتحدة الأمريكية طرح سندات بعيدة الأجل تتراوح بين 50 و100 عام جاءت بعد أن كانت حبيسة الأدراج لمدة عامين، بدعم من انخفاض أسعار الفائدة في سوق الدين العالمي، وتسجيل الديون سلبية العائد بالسوق العالمية رقما قياسيا خلال أغسطس/آب الحالي.
ونقلت وكالة بلومبرج هذا الأسبوع عن وزارة الخزانة الأمريكية أنها ترغب في معرفة أي من المستثمرين بإمكانه التفكير في شراء سندات مدتها 50 أو 100 عام، لتتجاوز بذلك الحد الأقصى المسموح به حاليا والبالغ ثلاثة عقود.
وبحسب مراقبين، يشكل هذا الخيار في حال تحقيقه تغيرا تاريخيا في سوق سندات الخزينة الأمريكية التي تتجاوز قيمتها 14 تريليون دولار ولا تتجاوز آجالها حاليا 30 عاما.
من جانبها، قالت سهر الدماطي، نائب رئيس بنك الإمارات دبي– مصر السابق، لـ"العين الإخبارية"، إن سوق الدين العالمي شهد تجارب إصدار سندات مماثلة تصل أجلها إلى 100 عام في أوروبا، وتستهدف تأمين تمويلات طويلة الأجل لدعم الموازنة أو تنفيذ مشروعات قومية.
وتقترض دول كثيرة على 50 عاما؛ منها إيطاليا وفرنسا وإسبانيا وبريطانيا وكندا، كما أصدرت المكسيك وأيرلندا وبلجيكا سندات على 100 عام.
وأوضحت "الدماطي" أن الولايات المتحدة تستهدف الحصول على تمويل طويل الأجل بتكلفة منخفضة لحماية الموازنة الفيدرالية من تقلبات سوق الدين العالمي، وهو ما يتفق مع التوجه الحالي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لمواصلة خفض أسعار الفائدة، ما يشكل فرصة سانحة للاقتراض بتكلفة منخفضة.
وقد شهد الاجتماع الأخير لمجلس الاحتياطي الفيدرالي، في يوليو/تموز الماضي، خفض أسعار الفائدة بمقدار 0.25% إلى نطاق 2 – 2.25%، وذلك لأول مرة منذ 2008، وأكد الفيدرالي استعداده لإجراء المزيد من خفض تكاليف الاقتراض إذا دعت الحاجة، وذلك في ظل بواعث قلق بشأن الاقتصاد العالمي، وضعف معدل التضخم بالسوق الأمريكي.
وتابعت "الدماطي": المؤشرات الحالية ربما تدعم إصدار السندات بعيدة الأجل، حيث انخفضت أسعار الفائدة على السندات الأمريكية أجل 30 عاما إلى أدنى مستوى قياسي لها دون 2%، بالتزامن مع قفزة السندات سلبية العائد إلى مستوى قياسي الشهر الحالي.
ووفقا لحسابات وكالة بلومبرج، بلغت قيمة السندات سلبية العائد أي دون الصفر نحو 14.1 تريليون دولار في أغسطس/آب الحالي، فيما يتحرك عائد أكثر من 40% من السندات العالمية أسفل 1%.
وأشارت نائب رئيس بنك الإمارات دبي– مصر السابق إلى أن السندات مئوية العائد تشكل فرصة جيدة للمستثمرين، للحصول على عائدات طويلة الأجل تحمي استثماراتهم من تقلبات سوق المال نسبيا، فضلاً عن إمكانية بيعهم للسندات في أي وقت.
ولكن محمد خليل، عضو مجلس إدارة البنك العقاري العربي، أكد في حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن الجدوى الاقتصادية لإصدار السندات المئوية تتوقف على قدرة الاحتياطي الفيدرالي على دراسة التقلبات الاقتصادية على الأجل البعيد لحساب العائد المناسب للسندات والتي تشكل تكلفة دين طويلة الأجل.
وأضاف أن هذه السندات بإمكانها مساعدة الحكومة الأمريكية على تمويل مشروعات البنية التحتية ذات العائد طويل الأجل بتكلفة منخفضة، وهو ما يتناسب مع استراتيجية الرئيس دونالد ترامب لتعزيز النمو الاقتصادي وتوفير فرص عمل عبر المشروعات كثيفة العمالة.
ولفت خليل إلى أن السندات المئوية قد تقدم فرصة استثمار جيدة للمستثمرين بدعم من الجدارة الائتمانية المرتفعة للاقتصاد الأمريكي، إلا أنه حذر من أن عائد السندات قد ينخفض عند تداولها في السوق مقارنة بسعر الإصدار بسبب توقعات حدوث ركود اقتصادي.
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي هاني أبوالفتوح، لـ"العين الإخبارية"، إن فئة المستثمرين الذين يكتتبون في السندات بعيدة الأجل تضم الحكومات والمؤسسات المالية التي تستثمر الفائض المالي ومدخرات العملاء في سوق الدين العالمي.
وأوضح أن هذه السندات تقدم فرصة للاستثمار طويل الأجل للمستثمرين الذين يفضلون التحوط ضد تقلبات سوق المال قصيرة الأجل، خاصةً أنها تكون مدعومة بأصول ذات جودة مرتفعة.
aXA6IDE4LjIxNi40Mi4xMjIg جزيرة ام اند امز