أسرار علاقة إليزابيث ومانديلا.. الأسرة المالكة وحب جنوب أفريقيا
على مدى عقود، بدت علاقات العائلة المالكة في بريطانيا بجنوب أفريقيا قوية بشكل لافت، ما يثير التساؤل حول سر حب الأسرة المالكة لهذا البلد.
الزيارة الأولى لقائد أجنبي في عهد الملك تشارلز الثالث منذ اعتلائه عرش بريطانيا الشهر الماضي أعلن عنها قصر باكنجهام وستكون من نصيب رئيس جنوب أفريقيا سيريل رامافوزا
وسيزور رامافوزا وزوجته تشيبو موتسيبي المملكة المتحدة بين 22 و24 نوفمبر/ تشرين الثاني، ووفقا لبيان القصر فإن الزيارة تأتي تلبية لدعوة العاهل البريطاني لرامافوزا.
ويحق للملك، بصفته رئيسا للدولة، أن ينظم زيارات دولة تتسم بمظاهر من الفخامة الخاصة، لمن يدعوه من القادة لزيارة المملكة المتحدة، بالتشاور مع وزارة الخارجية.
وما يدعم فرضية حب العائلة المالكة في بريطانيا لجنوب أفريقيا أن يكون الرئيس الجنوب أفريقي هو أول القادة الأجانب الذين يستضيفهم العاهل البريطاني في قصر باكنجهام بعد توليه العرش في 8 سبتمبر/أيلول الماضي.
ارتباط العائلة المالكة بجنوب أفريقيا
على مدى عقود، بدت علاقات العائلة المالكة بجنوب أفريقيا قوية بشكل لافت، إلى حد جعل البعض يشعر وكأن ثمة حب يوجد من جانب العائلة المالكة لذلك البلد الأفريقي الساحر.
وخلال عهدها الذي امتد 70 عاما، زارت الملكة إليزابيث الثانية أكثر من 20 دولة أفريقية، حتى إنها صرحت ذات مرة قائلة إنها تتردد على أفريقيا أكثر من "أي شخصية أخرى".
لكن كفاح جنوب أفريقيا ضد الفصل العنصري يبدو أنه أسر قلب الملكة الراحلة واتخذت منه قضية تناصرها وتتحدى بشأنها مسؤولين ببلادها، لتورث هذا الارتباط لابنها الذي لديه أيضا قضايا يناصرها في الوقت الحالي.
وفي أغسطس/أب 1979، حضرت الملكة الراحلة القمة الخامسة لرؤساء حكومات الكومنولث، في لوساكا، عاصمة زامبيا، متحدية طلب رئيسة الوزراء آنذاك مارجريت تاتشر بعدم الحضور.
وترأست حينها الملكة الراحلة التوقيع على إعلان لوساكا بشأن العنصرية والتمييز، الذي يؤسس المساواة العرقية على المستوى القانوني، ويدين الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
ووصلت الملكة إلى جنوب أفريقيا مرة أخرى عام 1995 وذلك بمناسبة انتهاء الفصل العنصري وتولى الزعيم الراحل نيلسون مانديلا السلطة.
وأدلت الملكة إليزابيث الثانية ببيان قوي في عام 1995 وكان ذلك بعد عام واحد على انتهاء حقبة الفصل العنصري "الأبارتهايد" وحُكم الأقلية البيضاء الذي امتد لعقود. وامتلئ خطابها بالتفاؤل حيث حثت شباب جنوب أفريقيا على إعادة بناء دولتهم.
وأثنت الملكة البريطانية على الشعب الجنوب أفريقي قائلة: "لقد أصبحتم أمة واحدة لها روح من المصالحة باتت مضرب المثل حول العالم".
صداقة لافتة
ارتبطت الملكة بصداقة لافتة مع المناضل والزعيم الراحل مانديلا، ونقلت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" عن بيان نعت فيه مؤسسة نيلسون مانديلا الملكة الراحلة أن الزعيم الراحل والملكة الراحلة "كانا يتحدثان عبر الهاتف بانتظام، مستخدمَين اسمَيهما الأوّلين كعلامة على الاحترام المتبادل، فضلا عن الودّ".
وأضافت المؤسسة في بيان أن الزعيم الراحل كان ينادي الملكة إليزابيث باسم خاص هو "موتلاليبولا"، والذي يعني "رفيقة المطر"، حيث كانت زيارتها لجنوب أفريقيا في عام 1995 صاحبها هطول أمطار.
وفى عام 2013، نعت الملكة مانديلا معربة عن عميق حزنها لوفاة الزعيم الجنوب أفريقي، عن عمر ناهز 95 عامًا، بعد صراع طويل مع المرض، مرسلة خالص التعازي لأسرته ولشعب جنوب أفريقيا.
وقالت الملكة إليزابيث الثانية في نعيها لمانديلا أنه "كان رجلا عمل بلا هوادة من أجل خير بلاده وإرثه هو جنوب أفريقيا التي تنعم بالسلام، والتي نراها اليوم".
وأضاف بيان النعي الذي أصدره القصر حينها أن "جلالة الملكة تتذكر لقاءاتها الرائعة مع مانديلا".
من جانبه، أشاد تشارلز الذي كان وليا للعهد حينها بالزعيم الراحل قائلا في بيان أنه "كان تجسيدًا للشجاعة والمصالحة الوطنية".
وقال تشارلز، إن العالم فقد قائدًا ملهمًا ورجلا عظيمًا، مضيفا: "إن الحزن العميق ينتابنا جميعًا وأفكارنا وصلواتنا مع عائلته".
واستمرت علاقات الملكة المخلصة مع جنوب أفريقيا لتستقبل بحفاوتها المعتادة الرئيس السابق ثابو مبيكي رئيس البلاد عام 2001 وذلك في قلعة وندسور.
وفى عام 2018، التقت الملكة الراحلة الرئيس الحالى رامافوزا عندما حضر إلى لندن لحضور اجتماع قمة لقادة دول الكومنولث، وقد أهدته خطابات بعثها لها الزعيم الراحل مانديلا.
وفى العام الماضي، بعثت الملكة برقية تعزية فى وفاة رئيس الأساقفة ديزموند توتو. وكان حفيدها الأمير هارى وزوجته ميجان قد استهلا أول جولة لهما خارج البلاد منذ ميلاد طفلهما الأول بزيارة جنوب أفريقيا حيث التقوا توتو.
كانت جنوب إفريقيا دولة عضو في مجموعة الكومنولث منذ عام 1932 وفقا لـ"ديلي ميل".
وخرجت جنوب أفريقيا من المجموعة عام 1961 ثم عادت مرة أخرى إلى عضويتها عام 1994.
aXA6IDMuMTM1LjIwNS4yMzEg جزيرة ام اند امز