"أطفال داعش" بمخيمات الاعتقال.. قنابل موقوتة تنتظر الانفجار
بعد إعلان التحالف العالمي بقيادة الولايات المتحدة هزيمة داعش، ظل التساؤل قائما حول مصير آلاف الأطفال الذين قدموا للعيش تحت حكم داعش.
وذكر تقرير لمجلة "فورين أفيرز" الأمريكية أن عددا كبيرا من النساء والأطفال، إضافة إلى أعداد ضئيلة من الرجال، يقبعون في معسكرين للاحتجاز في وسط الصحراء شمال شرق سوريا، دون مخرج، حيث تخلت عنهم حكوماتهم.
وتشير المجلة إلى بعض سكان هذين المخيمين ينتمون لداعش، في حين كان البعض الآخر ضحايا للاتجار بالبشر والاستمالة عبر الإنترنت، فيما اقتيد آخرون، كأطفال، للانضمام إلى داعش أو العيش في الأراضي التي يسيطر عليها داعش وتم تهجيرهم أو تخييرهم أو إجبارهم للعيش في ظل التنظيم المتشدد.
تم بناء المخيم الأكبر، الهول، في البداية للاجئين العراقيين عام 1991؛ والأصغر، روج، تم تأسيسه عام 2014، لإيواء العائلات الفارة من العراق. توسع كلا المعسكرين بشكل جدي عام 2019، بعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد على مدينة الباغوز، آخر معاقل داعش في سوريا.
تختلف التقديرات بشأن عدد سكان المخيمات، لكن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) تشير إلى أن العدد الإجمالي يزيد عن 60 ألف شخص، أكثر من 80 % منهم من النساء والأطفال.
وفي مخيم الهول، تتجاوز نسبة السكان الذين تقل أعمارهم عن 12 عامًا 50 في المائة (ما يقدر بنحو 30 ألف طفل)، وفي روج ترتفع هذه النسبة لتصل إلى 55 في المائة، وفقًا لمؤسسة أنقذوا الأطفال الخيرية.
وبحسب المجلة، ينتمي سكان المخيمين إلى 59 دولة.
وعلى الرغم من أن غالبية سكان المخيمين من السوريين والعراقيين، إلا أن هناك أكثر من 11000 سجين من دول أخرى من جميع أنحاء العالم.
لكن العديد من تلك البلدان، بما في ذلك عدد من الديمقراطيات، ترفض السماح لمواطنيها بالعودة إلى ديارهم. وبدلاً من التعامل مع المشكلة الشائكة المتمثلة في إعادة الأشخاص الذين سافروا إلى العراق وسوريا للانضمام إلى داعش، ومحاسبة هؤلاء الأشخاص.
ويحذر التقرير من أن الفشل في إغلاق مواقع الاحتجاز هذه سيقوض استقرار المنطقة الأوسع مع عواقب أخرى قد تتجاوز ذلك بكثير.
فقد يشعر الأطفال الذين نشأوا في بؤس مدقع وقمع على الأرجح بالعزلة عن المجتمع، ما يجعلهم أهدافًا مثالية للتجنيد من قبل الجماعات الإرهابية. وقد ترفض البلدان إعادة مواطنيها إلى أوطانهم باسم الحماية من الإرهاب، لكنها بذلك تفتح دائرة جديدة من المعاناة والاغتراب.
وترى المجلة أن هناك خطوات يمكن للدول الأكثر براغماتية اتخاذها لحماية الأطفال، يتمثل في قيام تحالف من البلدان ذات التفكير المماثل، بدعم من كيانات الأمم المتحدة المتخصصة، لإرسالهم إلى البلدان الأخرى التي توافق على استقبالهم.
وهناك حاجة أيضًا إلى عملية لتوفير وثائق قانونية معترف بها للأطفال في المخيمات عبر منظمات الأمم المتحدة ذات الخبرة مثل اليونيسف والمنظمة الدولية للهجرة ومفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
كما يجب تزويد كل فرد في المخيم بنموذج من الوثائق المدنية التي تعد السبيل الوحيد الذي يمكن من خلاله لهؤلاء الأطفال الحصول على الوضع القانوني والاعتراف وفي النهاية الحماية بموجب القانون.
وخلصت المجلة إلى أن شمال شرق سوريا تحول إلى صندوق بارود ينتظر الانفجار مرة أخرى. فحرمان هؤلاء الأطفال من حقهم في الطفولة واعتبارهم غير مستحقين للحماية القانونية، يجعلهم أرضا خصبة لغرس بذور العنف، ويضيع جيل من الأبناء بسبب خطايا آبائهم.