هل نشأت في كنف أب نرجسي؟ علامات قد تكشف لك الحقيقة المؤلمة

نشأتك في بيئة أسرية نرجسية قد تفسر سلوكك التنافسي المفرط أو صعوبة قول "لا"، بحسب تحذير خبراء نفسيين.
وفي مقابلة حديثة، كشف البروفسور ويندي بيهاري والدكتور كريغ مالكين عن ست علامات مقلقة تشير إلى احتمال تعرض الطفل لتنشئة نفسية سامة، مؤكدين أن هذه السمات قد تؤدي لاحقا إلى مشاكل نفسية خطيرة، وتؤثر على العلاقات الشخصية، وقد تمتد إلى سلوكيات إدمانية.
ووفقا للخبراء، فإن اضطراب الشخصية النرجسية هو حالة نفسية يُعرف بأنها "نمط دائم من الغرور، والحاجة للإعجاب، وانعدام التعاطف"، ويقدر أن واحدا من كل 20 شخصا في المملكة المتحدة قد يعاني منه بدرجات متفاوتة، رغم أنه غالبا لا يُشخص.
أولى العلامات، بحسب بيهاري، هي أن الشخص يجد صعوبة في قول "أنا أستحق" أو "أنا أحتاج"، وهو نمط سلوكي يتطور لدى الأطفال الذين يتعلمون أن احتياجاتهم لا تحظى بأهمية.
الدكتور مالكين أضاف أن هؤلاء الأطفال غالبا ما يُشعرون بأنهم أنانيون أو "غير طبيعيين" عندما يعبّرون عن مشاعرهم، مما يجعلهم أكثر عرضة للرضوخ للآخرين في المستقبل، ويصبحون شخصيات من دون حدود واضحة في علاقاتهم.
وحذر الخبراء من أن بعض الأطفال الذين نشأوا في بيئات نرجسية قد يتحولون بدورهم إلى شخصيات نرجسية، خصوصا إذا كانوا من النوع الاجتماعي والجريء، في محاولة منهم للتكيف عبر تبني السلوك ذاته: "إذا لم تستطع التغلب عليهم، انضم إليهم".
وتشمل السمات التي قد تظهر لاحقًا: التلاعب، واللوم، وتضخيم الذات، واستخدام الشعور بالذنب كسلاح نفسي.
التنافس العائلي وتحمل عبء الكبار
وأشار الخبراء إلى أن التنافس الشديد بين الإخوة هو علامة أخرى على بيئة أسرية غير صحية، حيث يُشجع الطفل على التفوق بأي ثمن لإرضاء أحد الوالدين، الذي غالبا ما يُظهر أحد الأبناء على أنه المفضل بينما يُهمل الآخر.
وأضافت بيهاري أن الطفل الذي ينشأ في ظل والد نرجسي قد يقضي طفولته في محاولة "إطفاء الحرائق" وتهدئة الأجواء المتوترة في المنزل، ويأخذ على عاتقه مسؤوليات عاطفية لا تتناسب مع عمره، وكأنه شريك للوالد بدلا من أن يكون طفلا.
السعي للتقدير الخارجي وانعدام الهوية الذاتية
وأوضح مالكين أن الأطفال الذين يتم تربيتهم على يد والد نرجسي يتعلمون أن قيمتهم تُقاس فقط بما ينجزونه، في ظل ضغط مستمر من الوالد لتحقيق النجاح والتميز، لا حبا في الابن بل طمعا في انعكاس هذا النجاح على صورة الوالد أمام المجتمع.
وقد يؤدي هذا إلى فقدان الإحساس بالهوية الشخصية، إذ يشعر هؤلاء الأبناء أنهم مجرد انعكاس لطموحات آبائهم، وليسوا أحرارا في اختيار حياتهم أو هويتهم.
عواقب تمتد لسنوات.. ولكن هناك أمل
يشير الباحثون إلى أن تكرار هذه الأنماط السلوكية قد يُفضي إلى مشكلات نفسية حادة، مثل القلق والاكتئاب، والصراعات في العلاقات، وحتى الإدمان.
وقد يمتد الضرر إلى العلاقات الأسرية، حيث يتباعد الأشقاء بسبب التنافس والتمييز، ما يجعل بعضهم يسلك نفس السلوكيات المؤذية تجنبا للرفض أو السخرية من الآخرين.
ومع ذلك، يؤكد الخبراء أنه من الممكن كسر هذه الحلقة السامة، ويبدأ الطريق بالتعرف على الاحتياجات النفسية التي لم تُلبَّ في الطفولة، وقبولها، والعمل على التعبير عنها في بيئة آمنة.
وينصح مالكين بأن يعمل الشخص على التصالح مع مشاعره الضعيفة مثل الحزن أو الوحدة أو الخوف، وعدم كبتها. وفي بعض الحالات الشديدة، حيث يكون هناك عنف أو إنكار أو سلوك مرضي، قد يكون من الضروري تقليل أو قطع الاتصال مع أحد الوالدين.
واختتم مالكين بتحذير واضح: "الإساءة، سواء كانت نفسية أو جسدية، مسؤولية كاملة على المُسيء، ولا يجب أن يتحمل الضحية عبء تصحيحها، وحتى يعترف المُسيء بوجود المشكلة، لن يكون التغيير ممكنا، ولن يكون التواصل آمنا".