"أطفال بلا أوراق رسمية".. لعنة داعش تطارد مواليد الموصل
المجلس النرويجي للاجئين (منظمة إنسانية غير حكومية) يقول إن ٤٥ ألف طفل عراقي نازح في المخيمات لايمتلكون وثائق رسمية.
رغم بلوغ الطفل الموصلي عمر عامر عامه الرابع، إلا أنه يعيش بلا وثائق رسمية، فقد ولد عام ٢٠١٥ عندما كانت مدينته خاضعة لسيطرة تنظيم داعش الإرهابي ولم تستطع أسرته استخراج أوراق رسمية تثبت هويته، رغم طرد داعش من المدينة منذ أكثر من عامين.
ولا يعد عمر الطفل الوحيد الذي لا يمتلك وثائق رسمية، فوفقا للمجلس النرويجي للاجئين (منظمة إنسانية غير حكومية) يوجد ٤٥ ألف طفل عراقي نازح في المخيمات لايمتلكون وثائق رسمية.
وحذر المجلس، في تقرير، من تبعات ذلك فقد يتعرض هولاء الأطفال للاستبعاد من المجتمع والحرمان من أبسط حقوقهم مثل التعليم والرعاية الصحية.
وأوضح المجلس أن الالتحاق بالمدارس يتطلب أن يمتلك الطالب وثائق رسمية، ومن دونها لا يمكن له الالتحاق بالدراسة أو الحصول على شهادات التخرج.
وسيحرم هؤلاء الأطفال عند بلوغهم سن الرشد من الحصول على وثائق الملكية الخاصة أو التعيينات الحكومية أو وثائق الزواج الرسمية.
ونقل تقرير المجلس النرويجي عن مسؤول عراقي في القطاع الصحي قوله إن أمراضا جديدة لم تكن موجودة قبل فترة حكم داعش الإرهابي ظهرت بين هؤلاء الأطفال بسبب عدم تطعيمهم باللقاحات اللازمة بصورة منتظمة لعدم امتلاكهم أي شهادات رسمية.
وقال الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيجلاند، إن "السماح لهؤلاء الأطفال بالحصول على التعليم والرعاية الصحية، بمثابة مفتاح لضمان مستقبل مستدام لهم وللعراق".
وأضاف: "لا يمكن أن يعيش المجتمع في سلام إذا سمح لجيل من الأطفال لا يمتلك وثائق بأن يكبر بين أفراده".
وأوضح تقرير المجلس، أن حصول أطفال الأسر المتهمة بالانتماء لداعش على أوراق رسمية يعد أمرا مستحيلا، وهو ما يعتبر عقابا جماعيا لآلاف الأطفال الأبرياء.
وقال إيجلاند: " هؤلاء الأطفال ليسوا مسؤولين عن الجرائم التي ارتكبها أهاليهم، ومع ذلك يُحرمون من حقوقهم الأساسية كمواطنين عراقيين".
ولفت التقرير إلى أن عدد الأطفال غير المسجلين سيزداد بشكل كبير في الأسابيع المقبلة مع عودة أكثر من ٣٠ ألف عراقي من سوريا ويشتبه في انتماء ٩٠٪ منهم إلى تنظيم "داعش" الإرهابي.
وأوضح عامر العبيدي، والد عمر، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" أن ابنه لا يمتلك بيان ولادة رسميا لأنه ولد في ظل حكم داعش.
وقال: "في ٢٠١٤، عندما سيطر التنظيم على الموصل، كنت قد تزوجت للتو، وخلال احتلال التنظيم للمدينة الذي استمر لأكثر من ثلاث سنوات، ولد ابني وحصلنا على بيان ولادة يحمل ختم ديوان الصحة في التنظيم".
وتابع: "لسنا مذنبين لأن الأمر كان خارج إرادتنا، ولم نستطع الهروب من الموصل لأن داعش كان يقتل كل من يحاول الهروب".
وأكد عامر أنه حاول بعد نزوحه من الموصل خلال عمليات تحريرها التي خاضتها القوات العراقية بإسناد من التحالف الدولي أن يحصل ابنه على شهادة ميلاد رسمية لكن دون جدوى حيث رفضت سلطات محافظة نينوى منح ابنه الوثائق المطلوبة، وأعرب عامر عن قلقه على مستقبل ابنه إذا لم تعالج الحكومة هذه المشكلة.
وقال عضو المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، علي أكرم، لـ"العين الإخبارية"، إن المفوضية وجهت مكاتبها لإعداد تقرير حول المسألة، وتجري حوارات مع مجلس النواب والجهات التنفيذية بخصوص تشريع قانون وإيجاد دور إيواء لهؤلاء الأطفال لأن عددا كبيرا منهم قد لا يجدون عوائل تحتضنهم بسبب رفض بعض المجتمعات لهم كونهم من آباء انتموا إلى تنظيم داعش وعملوا في صفوفه، إضافة إلى مطالبة المجتمع الدولي بضرورة أن يكون له دور في هذا الموضوع.
وأشار أكرم إلى أن "المسألة كبيرة جدا، فهي تحتاج إلى تشريع قانون وإلى دعم هؤلاء الأطفال وتأهيلهم ودمجهم في المجتمع من خلال برامج توعوية وتثقيفية وإنسانية لهم، وينبغي للحكومة العراقية أن تجد الطرق السليمة والملائمة لمنع نمو الفكر المتطرف داخل هذه المجتمعات ومنع ذهاب هذه الفئة من الأطفال كضحايا للاتجار بالبشر".
وأضاف أن عدد الأطفال المذكور في تقرير المنظمة النرويجية متوقع، لأن تنظيم داعش الإرهابي سيطر على عدد من المحافظات العراقية، وهذه المحافظات تحتضن ملايين المدنيين.
وأوضح لـ"العين الإخبارية": "حدثت العديد من الولادات، سواء الناتجة عن حالات زواج مع مسلحي داعش بموافقة الأهل أو بالإكراه أو عن طريق الاغتصاب، وكنتيجة لذلك لا تتوفر المستلزمات الضرورية للحصول على بيان الولادة، او الحصول على أوراق لعقد زواج قانوني"، مؤكدا أن هذه المسألة بحاجة إلى تدخل تشريعي من قبل مجلس النواب العراقي لأن القوانين العراقية الموجودة قاصرة لمعالجتها خصوصا في حالة غياب الأب.