وراء هدنة إيرباص وبوينج منافس مشترك.. "كوماك" الصينية
هل سيتعين على الاحتكار الثنائي بين إيرباص وبوينج إفساح المجال للوافد الجديد كوماك؟
مؤخرا دفع صعود الصين في قطاع الطيران الاستراتيجي للغاية، الذي تمثل فيه أكبر سوق في العالم، الأوروبيين والأمريكيين إلى توحيد الصفوف.
في وقت انخرطت الولايات المتحدة وأوروبا في معركة تجارية تواصلت على مدى 17 عاما بشأن الدعم الحكومي لمجموعتي بوينج وإيرباص، كانت الصين تنفق بسخاء على طائرتها لتواجه احتكار الثنائي الغربي للقطاع.
واستدعى الأمر ظهور تهديد مشترك لتضع الولايات المتحدة وأوروبا حدا أخيرا إلى نزاعهما، فوقّع الطرفان على هدنة مدّتها خمس سنوات للتوقف عن فرض رسوم جمركية متبادلة.
وأوضح الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال زيارته إلى بروكسل يوم الثلاثاء، بأنه على الولايات المتحدة وأوروبا "العمل معا لتحدي ومواجهة ممارسات الصين غير القائمة على السوق في هذا القطاع والتي تعطي الشركات الصينية ميّزة غير منصفة".
- أول تعليق من إيرباص على الاتفاق التجاري بين بريطانيا وأوروبا
- ماكرون يقترح وساطة فرنسية أمريكية لحل خلاف بوينج وإيرباص
وعلى مدى السنوات الأربع الأخيرة، أجرت "شركة الطائرات التجارية الصينية" (كوماك) رحلات تجريبية لطائرتها الضيّقة ذات الـ168 مقعدا "سي919"، والتي تعد منافسة محتملة لطائرة "أيه 320" التابعة لإيرباص و"بي737" التي تصنّعها بوينج.
وتتوقع "كوماك" بأن تحصل على اعتماد لتشغيلها من قبل الهيئات الناظمة لقطاع الملاحة الجوية في الصين العام الجاري، تزامنا مع الذكرى المئة لتأسيس الحزب الشيوعي الصيني.
وحصلت الطائرة على إعانات من الصين تبلغ قيمتها ما بين 49 و72 مليار دولار، وهي مبالغ أكبر بكثير من تلك التي حصلت عليها شركتا بوينج وإيرباص من حكومتيهما، بحسب ما أفاد المستشار الرفيع "لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية" في واشنطن سكوت كينيدي.
وأفاد خبير الطيران من "مجموعة تيل" لأبحاث السوق ومقرها فيرجينيا ريتشارد أبو العافية بأن "المشكلة الحقيقية هي أن الصين تتلاعب بالسوق عبر تأجيج الخلاف بين إيرباص وبوينج واشتراط نقل التكنولوجيا للقيام بأي طلبيات".
وتعافى قطاع السفر جوا في الصين بشكل أسرع بكثير من أي مكان آخر في العالم مع إعلان القوة الآسيوية سيطرتها نسبيا على تفشي فيروس كورونا قبل وقت طويل من غيرها العام الماضي.
وتعتقد بوينج بأن السوق الصيني سيحتاج إلى 9360 طائرة خلال السنوات العشرين المقبلة، ما يعادل خمس المجموع العالمي.
وقد يدر ذلك أرباحا كبيرة لطائرتي "أيه320" و"737 ماكس"، رغم أن الصين لم تأذن بعد بمعاودة تشغيل طائرة بوينج التي تم تعليق استخدامها لعشرين شهرا بعد حادثي تحطّم داميين.
- "أداة دبلوماسية وتجارية"
وبينما لا تزال الصين تعتمد على طائرات إيرباص وبوينج في الوقت الحالي، إلا أنها لا تخفي طموحها بتطوير أسطولها الخاص.
ونوّه المحلل لدى شركة "إير" الاستشارية والمتخصصة في القطاع مايكل مرلوزو إلى أن "قطاع صناعة الطيران أداة نمو كما أنه أداة دبلوماسية وتجارية تسمح بامتلاك سياسة خارجية شاملة للغاية في الأسواق الخارجية".
وقال لفرانس برس "لدى الصينيين المهارات التكنولوجية والصناعية اللازمة لتصنيع طائرة، لا يوجد شك في ذلك".
وتابع "الصينيون طموحون ومنطقيون للغاية. يعلمون بأن الأمر سيستغرق وقتا. لا يريدون مواجهة إيرباص وبوينج في 2025".
ويشير كينيدي إلى أنه تم تصنيع "سي919" بمساعدة أمريكية وأوروبية، لافتا إلى أن 14 فقط من مورّدي الطائرة الـ82 صينيون.
وفيما الأجنحة وهيكل الطائرة من صناعة الصين، فإن مصنّعي البلاد ما زالوا لا يتقنون مهارات تصنيع المحرّكات أو معدّات الطائرات الإلكترونية.
وقال أبو العافية "يحضّرون قطاعهم لتلبية الاحتياجات المحلية. ستكون منتجات بنوعية أدنى لكنها على الأقل ستكون وطنية".
نظرا لكون الطائرة الصينية أثقل وزنا من تلك الأمريكية والأوروبية، فإنها أكثر استهلاكا للوقود وبالتالي فإن تشغيلها أكثر كلفة.
- من احتكار ثنائي إلى "احتكار ثلاثي"
لكن ذلك لم يمنع "كوماك" من حشد زبائن إذ تشير الشركة إلى أن لديها 815 طلبية من 28 زبونا، معظمهم شركات طيران صينية، رغم أن قلة منها طلبيات مؤكدة.
وكانت شركة خطوط "شرق الصين" الجوية أول شركة تتقدّم بطلب مؤكد في مارس/آذار الماضي لشراء خمس طائرات.
ويستبعد أستاذ كلية علوم وهندسة الطيران في "جامعة نيهانغ" هونغ جون بأن تغيّر طائرة "سي919" قواعد اللعبة.
لكنها قد تكون أقل ثمنا من غريمتيها وتخلق بالتالي نمطا ثلاثيا جديدا في الصين يشمل إيرباص وبوينج وكوماك".
وقال هوانغ "نأمل فقط بأن ننضم إلى هذا السوق ونستحوذ على حصة سوقية محددة".
ويؤكد الرئيس التنفيذي لإيرباص جيوم فوري بأن "كوماك" "ستتحول تدريجيا إلى طرف مهم".
وأضاف "سنتطور على الأرجح من احتكار ثنائي إلى احتكار ثلاثي" بحلول نهاية العقد فيما يتعلّق بالطائرات ذات الممر الواحد.
aXA6IDMuMTQ1LjguMiA= جزيرة ام اند امز