في السنوات الأخيرة، أصبحت العلاقات بين الصين وأوروبا محور اهتمام عالمي متزايد.
وبدأ الرئيس الصيني شي جين بينغ زيارة رسمية إلى فرنسا وصربيا والمجر في الخامس من مايو/أيار، مما أضفى دفعة جديدة وحيوية على العلاقات الصينية الأوروبية.
وتشكل هذه الزيارة علامة على عودة شي جين بينغ إلى أوروبا في أول زيارة رسمية له منذ 5 سنوات، كما تبرز الصداقة العميقة والمتينة بين الصين وأوروبا.
وهنا دعونا نتناول معا الأهمية الاستراتيجية للعلاقات الصينية الأوروبية ودورها في الحفاظ على السلام العالمي والتنمية.
عالم متعقد
في هذا العالم المعقد والمتغير باستمرار، تكمن قيمة الصداقة بين الصين وأوروبا في العلاقة القوية بينهما، ولقد أشار الرئيس الصيني في زيارته إلى أوروبا عام 2019، إلى أن "الصداقة ليست اختيارا عشوائيا، بل نتيجة للتوافق الأيديولوجي".
وتعبر هذه العبارة عن القيمة العميقة للصداقة بين الصين وأوروبا، وتكشف الأهمية الاستراتيجية للتعاون بينهما، وبالتالي هنا نسأل ونحن أمام تعقيدات وعدم يقين في السياق الدولي الحالي، كيف يمكن لهما الحفاظ على هذا التوافق؟
استنادا إلى البيانات، نجد أن كلمة "الاستقلال الاستراتيجي" ظهرت بشكل متزايد في وسائل الإعلام الأوروبية خلال العام الماضي، لكن معظم هذه النقاشات كانت سلبية الطابع، إذ تواجه الدول الأوروبية تحديات في تحقيق الاستقلال الاستراتيجي، بسبب الفجوة بين الأهداف والإجراءات.
وفي هذا السياق، يصبح تعميق العلاقات بين بكين والقارة العجوز أمرا بالغ الأهمية، لما لديهما من قدرات مشتركة لتعزيز السلام العالمي والتنمية المستدامة.
موقع فرنسا
ومن بين الدول الأوروبية، تشغل فرنسا موقعا استراتيجيا لا يمكن إهماله، وفي العلاقات الصينية الفرنسية، تبرز كلمات رئيسية مثل التنسيق والتعاون والمشاورات، وقد قدم الرئيس شي جين بينغ ثلاث نقاط مهمة لمستقبل التعاون بين البلدين.
أولا: ستعمل الصين مع فرنسا على المضي قدما بالروح التي وجهت إقامة العلاقات الدبلوماسية بينهما، والبناء على الإنجازات السابقة، وفتح آفاق جديدة للعلاقات الصينية الفرنسية.
ثانيا: ستنفتح الصين على نحو أوسع على العالم، وستعمق التعاون مع فرنسا والدول الأخرى.
ثالثا: وأخيرا، ستعزز الصين التواصل والتنسيق مع فرنسا للتمسك بالسلام والاستقرار العالميين.
المجال الاقتصادي
أما عن المجال الاقتصادي، فيُظهر التعاون الصيني الأوروبي نماذج جديدة وإمكانيات هائلة، إذ أنه في السنوات الأخيرة، أثارت الاستثمارات الصينية في الخارج اهتماما كبيرا، فيما تشهد دول أوروبية جذبا متزايدا للمصانع الصينية.
وإحدى أهم هذه الوجهات هي المجر، حيث تقوم الشركات الصينية ببناء أكبر مصنع للبطاريات في أوروبا، بالإضافة إلى الاستعداد لبناء أول مصنع للسيارات في أوروبا أيضا على الأراضي المجرية.
وهذا التعاون ليس فقط فرصة للشركات الصينية لاستكشاف الأسواق العالمية، بل يوفر أيضا تكنولوجيا وتمويلا وفرص عمل لدول أوروبا.
وفي مجال السيارات الكهربائية، أصبح التعاون بين فرنسا والصين نموذجا للتعاون بين بكين وأوروبا ككل، فمزيج الخبرة الصينية في التكنولوجيا والتمويل مع خبرة الشركات الفرنسية في الإنتاج المحلي وتوسيع الأسواق، أدى إلى فوز الجانبين في بناء سلسلة صناعية للسيارات الكهربائية.
وعلى المستوى الإقليمي والعالمي، يسهم التعاون بين الصين وأوروبا بقوة إيجابية في الحفاظ على السلام العالمي والتنمية، إذ تلتزم الصين بمبدأ "التعايش بين الثقافات المختلفة"، وتؤكد على الوقوف بعيدا عن اتخاذ المواقف في الأوقات الدولية والإقليمية الساخنة.
كما تحرص بكين على معالجة الأمور بناء على الحقائق والعدالة بدلا من اتباع التحالفات، وهذا الموقف يجعل الجانب الصيني شريكا رئيسيا للتوسط في بعض النزاعات الإقليمية، مما يعزز السلام والأمن العالميين.
ويعكس التعاون بين الصين ودول أوروبا، ليس فقط تمسك كل منهما بقيم الفوز المشترك، بل يوفر أيضا مسارات وخططا جديدة للحوكمة العالمية.
في الختام، يعتبر التعاون بين الصين وأوروبا ضرورة لتطوير كل منهما، بالإضافة إلى تقديم مساهمات هامة للسلام والتنمية العالمية. ومع استمرار تعميق وتعزيز العلاقات بينهما، سيجلبان مزيدا من الأمل والفرص للعالم، وسيسهمان في بناء مستقبل أفضل للبشرية معا. دعونا نعمل معا بروح "التنوع والتضامن"، لنحقق النجاح ونبني مستقبلا مشرقا.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة