الصين تعيد إحياء «قطار الحرية» في أفريقيا.. هل عادت روح الاشتراكية؟
في خطوة تعيد كتابة التاريخ في أفريقيا، وقعت الصين وتنزانيا وزامبيا اتفاقية مبدئية لتطوير خطوط سكك حديدية أقامتها الدول الثلاث لأول مرة قبل أكثر من نصف قرن.
والقرار يتعلق بخط سكة حديد "تازارا" أو "قطار الحرية" كما أطلقت عليه الدول الثلاث قبل عقود، عندما اجتمع زعماء تنزانيا وزامبيا جنبا إلى جنب مع التمويل الصيني غير المشروط وغير المرتبط بأي أعباء أو فوائد، وهو الأمر الذي عظمه آنذاك روح الاشتراكية الأفريقية الشاملة والدعم الصيني المستمر لدول القارة المستقلة حديثا.
- نمو قوي للقطاع الخاص غير النفطي بالإمارات.. انتعاشة الطلب في أغسطس
- حل مناخي عمره 1500 عام.. القنب يقدم «خرسانة بيولوجية» للتعمير المستدام
ويبلغ طول السكة الحديدية أحادية المسار 1860 كم وتديرها هيئة سكك حديد تنزانيا-زامبيا (تازارا).
تاريخ قطار الحرية
في عام 1970، دشن الرئيس التنزاني جوليوس نيريري ونظيره الزامبي كينيث كاوندا، وهما اللذان قادا زامبيا وتنزانيا إلى الاستقلال، مشروع مد خط السكك الحديدية "تازارا"، المعروف كذلك باسم "أوهورو" (كلمة سواحيلية تعني الحرية) والذي شق طريقا يصل بين ميناء مدينة دار السلام التنزانية الساحلية والمنطقة المعروفة باسم حزام النحاس الواقعة في وسط زامبيا.
في ذلك الوقت، كان الأمل يحدوهما في أن يوفر هذا الخط الفرصة لنقل النحاس من زامبيا (الحبيسة) إلى البحر بعيدا عن هيمنة جنوب أفريقيا، وروديسيا الجنوبية (زيمبابوي حاليا)، وهما بلدان كان يسيطر عليهما حكامٌ بيض البشرة حينذاك.
وبين عامي 1970 و1975 ومن خلال قرض بدون فوائد من الصين، تم تدشين الخط وبدأت العمليات التجارية له في عام 1976.
وشمل المشروع الذي استغرق عدة سنوات بناء عشرين نفقًا ومئات الجسور من قبل عشرات الآلاف من العمال الصينيين والأفارقة.
وكان الخط مثار سخرية من بعض الحكومات الغربية في ذلك الوقت ووصفته بأنه "سكة حديد الخيزران".
لكن السكة الحديدية وفرت بالفعل الطريق الوحيد للتجارة السائبة من حزام النحاس في زامبيا للوصول إلى البحر دون الحاجة إلى عبور الأراضي التي يحكمها البيض.
وكان تازارا آنذاك أكبر مشروع مساعدات أجنبية منفرد تتولى الصين تنفيذه في ذلك الوقت، بتكلفة بناء بلغت 406 ملايين دولار.
لماذا تدهورت أحوال القطار؟
واجه تازارا صعوبات تشغيلية منذ البداية واستمر في العمل بفضل المساعدة المستمرة من الصين.
وبلغت حركة الشحن ذروتها عند 1.2 مليون طن في عام 1986، لكنها بدأت في الانخفاض في التسعينيات مع نهاية نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا واستقلال ناميبيا مما فتح طرق نقل بديلة للنحاس الزامبي.
وصلت حركة الشحن إلى أدنى مستوياتها عند 88 ألف طن في السنة المالية 2014/2015، أي أقل من 2٪ من الطاقة التصميمية للسكك الحديدية البالغة 5 ملايين طن سنويًا.
وترافق ذلك مع تدهور حالة القطارات ونقص القدرة على صيانتها.
اتفاقية "إحياء"
حاليا، ظهرت الأهمية مجددا للخط، كممر بديل لتجاوز الاختناقات اللوجستية في جنوب أفريقيا والتي أعاقت تصدير النحاس والكوبالت من زامبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية.
وفي فبراير/ شباط الماضي، اقترحت الصين إنفاق مليار دولار لإعادة تأهيل خط السكة الحديدية من خلال نموذج شراكة بين القطاعين العام والخاص.
واليوم، قالت وسائل إعلام رسمية صينية اليوم الأربعاء إن الصين وتنزانيا وزامبيا وقعت اتفاقية مبدئية لتطوير الخط.
وذكر التلفزيون المركزي الصيني (سي.سي.تي.في) أن الرئيس شي جين بينغ شهد توقيع مذكرة تفاهم بشأن مشروع للسكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا مع رئيسي البلدين اللذين يزوران بكين لحضور منتدى التعاون الصيني الأفريقي.
ونقلت وسائل الإعلام الرسمية عن شي قوله "الصين مستعدة لاستغلال هذه القمة كفرصة لإحراز تقدم جديد في تنشيط خط السكك الحديدية بين تنزانيا وزامبيا، والتعاون لتحسين شبكة النقل عبر السكك الحديدية والبحر في شرق أفريقيا، وجعل تنزانيا منطقة عرض لتوطيد التعاون بجودة عالية بين الصين وأفريقيا في إطار مبادرة الحزام والطريق".
ووافق البنك الدولي في وقت سابق من العام على تمويل بقيمة 270 مليون دولار للمساعدة في تحسين الربط بين تنزانيا وزامبيا المجاورتين وتعزيز التجارة الإقليمية.