الصين وأوروبا.. رسائل تهدئة وسط اضطرابات التجارة العالمية

وسط حالة الاضطراب العالمي التي سببتها حروب التجارة، تراجع الصين موقفها من أوروبا فيما يعكس تحولًا في النبرة السياسية ويعزز التوقعات بحدوث انفراجة في علاقات الجانبين قبيل قمة مقررة في يوليو/تموز في بكين.
واعتبر تحليل نشرته هيئة الإذاعة الألمانية "دويتشه فيله" أن تخفيف الصين المحتمل للعقوبات المفروضة على أعضاء من البرلمان الأوروبي يُعد محاولة لاستمالة الاتحاد الأوروبي في ظل حالة عدم اليقين التي سببتها رسوم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الجمركية. ومع ذلك، من غير المرجح أن يُبعث الاتفاق المجمد للاستثمار من جديد.
انتقام متبادل
وكانت الصين فرضت عقوبات انتقامية على أعضاء في البرلمان الأوروبي في عام 2021، ردًا على عقوبات فرضها الاتحاد على مسؤولين صينيين بسبب انتهاكات مزعومة لحقوق الإنسان في شينجيانج.
ولا تزال "القائمة السوداء" تضم حتى اليوم أربعة أعضاء حاليين في البرلمان الأوروبي، تتهمهم الصين بـ"نشر الأكاذيب والمعلومات المضللة عن عمد".
وكانت هذه العقوبات بمثابة الضربة القاضية للاتفاق المتعثر للتجارة والاستثمار الذي تم توقيعه بين الاتحاد الأوروبي والصين في أواخر عام 2020. لكن، ومع قيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بإعادة تشكيل النظام العالمي، وسعي الصين إلى استغلال ما خلفه هذا التغيير، قد يكون هناك تحول وشيك في العلاقات.
ونقل التقرير عن متحدث باسم البرلمان الأوروبي إن النقاشات مع السلطات الصينية بشأن رفع العقوبات عن المشرّعين "مستمرة وفي مراحلها النهائية". وأضاف المتحدث: "لطالما كان هدف البرلمان الأوروبي رفع العقوبات واستئناف العلاقات مع الصين".
انفراجة قريبة
ومع ذلك، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت بكين ستقوم برفع جميع القيود التي فرضتها في عام 2021 والتي طالت عدة أعضاء حاليين في البرلمان الأوروبي، واللجنة الفرعية لحقوق الإنسان في البرلمان، ونائبا سابقا، وعددا من البرلمانيين الوطنيين، ومراكز الفكر، وأكاديميين في دول الاتحاد. لكن خبراء يقولون إن بحث بكين إزالة العقوبات قد يعكس تحولًا في نبرتها تجاه الاتحاد الأوروبي قبيل قمة يوليو/تموز المقبل.
وأدت سياسات ترامب الجمركية إلى شعور مسؤولي الاتحاد الأوروبي بخيبة أمل من أقرب حليف تاريخي لهم، بينما تسعى الصين للعثور على أسواق تصدير جديدة، في ظل رسوم جمركية قد تصل إلى 145% على وارداتها إلى الولايات المتحدة.
وقال فارغ فولكمان، محلل في مركز السياسات الأوروبية: "منذ عودة ترامب، تبنت الصين حملة دبلوماسية ناعمة لإقناع الفاعلين العالميين بأنها شريك موثوق.. والهدف الرئيسي من رفع العقوبات هو تمهيد الطريق أمام مناقشات تجارية مع الاتحاد الأوروبي".
يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز التعاون مع بكين لمراقبة تدفقات التجارة ومنع تدفق المنتجات الصينية الأرخص إلى السوق الأوروبية في ظل تصاعد التوترات الأمريكية-الصينية، لكن فولكمان أشار إلى وجود "قيود كبيرة" على أي احتمال لحدوث تقارب واسع، من بينها العلاقات الوثيقة بين بكين وموسكو.
ولطالما سعت الصين إلى إحياء اتفاق التجارة والاستثمار الذي وقّعته مع الاتحاد الأوروبي في عام 2020، قبل أن يجمّد البرلمان الأوروبي المصادقة عليه في العام التالي احتجاجًا على العقوبات الصينية. وقال فولكمان إن الصين تسعى الآن إلى تحقيق تقدم في هذا الملف، ومع ذلك، لا يوجد احتمال حقيقي لإحياء الاتفاق.