لماذا تقلق الصين من إعلان ترامب القدس عاصمة لإسرائيل؟
في السنوات الأخيرة باتت للصين مصالح اقتصادية وعسكرية متشعبة مع كل من فلسطين وإسرائيل وجميع دول الشرق الأوسط.
انتقدت الصين القرار الأمريكي باعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، قائلة إن ذلك سيزيد الصراع في الشرق الأوسط، في إشارة إلى مخاوف بكين من انعكاس ذلك على استثماراتها الضخمة في المنطقة.
ونظرا لأن للصين مصالح اقتصادية كبيرة في الشرق الأوسط؛ فهي ترغب في توسيع نفوذها الجيوسياسي (الجغرافي والسياسي) في المنطقة من خلال مبادرة الحزام والطريق، لذلك فإن هذا الأمر الذي يسعى إليه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس قد يعوق خطط الصين في التغلغل.
وبحسب صحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" الصينية فإن بكين تتمتع بعلاقات اقتصادية وعسكرية واسعة مع إسرائيل، ولكنها تحتفظ أيضا بعلاقات وثيقة مع فلسطين.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية قنغ شوانج قال، الأربعاء، إن خطة الرئيس ترامب ستؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة، وإن وضع القدس يتّسم بالحساسية والتعقيد، ويتعين على جميع الأطراف توخي الحذر وتجنب الإضرار بأساس تسوية القضية الفلسطينية.
وأضاف أن الصين تدعم بشدة عملية السلام في الشرق الأوسط والقضية العادلة للشعب الفلسطيني لاستعادة حقوقه ومصالحه المشروعة، مشيرا إلى أن الصين تؤيد إقامة دولة فلسطينية بسيادة كاملة واستقلال كامل على أساس حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لها.
وأقامت الصين مع إسرائيل علاقات دبلوماسية عام 1992، فيما بدأ التعاون العسكري عام 1979، حين أجريت أول صفقة عسكرية بين الطرفين، حصلت بموجبها الصين على عدد كبير من الأسلحة والمعدات العسكرية ذات التكنولوجيا الفائقة، كالمدافع ذاتية الحركة وعربات مدرعة وصواريخ جبرائيل المضادة للسفن، بالإضافة إلى مضادات إلكترونية متنوعة، قدّرت قيمة الصفقة بنحو بليون دولار.
وتسارعت التجارة بين الجانبين بسرعة منذ بداية الألفية، وارتفعت إلى 11.4 مليار دولار في عام 2015 من 1.1 مليار دولار فقط في عام 2000، حتى أصبحت الصين الآن ثالث أكبر شريك تجاري لإسرائيل بعد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، وثاني أكبر وجهة للتصدير.
ومع مرور الوقت بدأت بكين توجّه اهتماماتها إلى بقية دول الشرق الأوسط بصورة أوسع، وأصبحت الشركات الصينية بالفعل خلال السنوات الأخيرة الماضية صاحبة أهم مشاريع البنية التحتية في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وقال لي جوه فو، وهو باحث في المعهد الصيني للدراسات الدولية، إنه نظرا لسعي الصين لتوسيع نطاق انتشارها في الشرق الأوسط من خلال "مبادرة الحزام والطريق"، وهو برنامج ضخم بدأته بكين لبناء روابط التجارة والبنية التحتية في آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا؛ فإن أي اضطراب بين إسرائيل وفلسطين أمر من شأنه أن يدعو البلاد للقلق حول خططتها التوسعية في المنطقة.
وظلت الصين منذ فترة طويلة تؤيد الفلسطينيين سياسيا. وكانت من بين أوائل الدول التي اعترفت بدولة فلسطين في نوفمبر/تشرين الثاني 1988، وصوتت في عدة مناسبات لصالحها في الأمم المتحدة، بما في ذلك في عام 2012 عندما منحت الدولة صفة المراقب غير العضو بالأمم المتحدة.
وفى يوليو/تموز الماضي، عندما التقى الرئيس الصيني شي جين بينج نظيره الفلسطيني محمود عباس، قدّم "مقترحا من 4 نقاط" يؤكد الأمن لكل من إسرائيل وفلسطين، ويدعو إلى مزيد من التنسيق والتنمية الدوليين في المنطقة.
وبذلك تسير الصين على خطين متوازيين مع فلسطين وإسرائيل لتحافظ على علاقاتها الاقتصادية والعسكرية مع الجانبين، ومع بقية دول الشرق الأوسط دون مصادمات.
وقال مراقبون إن تحرك إدارة ترامب لن يغير موقف الصين من القضية الفلسطينية.
aXA6IDMuMTM4LjE3MC42NyA= جزيرة ام اند امز