الصين تدس «رسائل تحذيرية» في أول تهنئة لترامب.. وتضرب الطلقة الأولى
أثارت عودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى البيت الأبيض احتمالات اندلاع حرب تجارية وشيكة مع الصين، وهو الأمر الذي تناولته بكين في أول تهنئة للمرشح الجمهوري بمنصبه، عبر رسائل تحذيرية مبطنة، وقرار أولي بخفض سعر اليوان مقابل الدولار.
وفي خطاب النصر بالأمس، قال ترامب "شعارنا سيبقي الوعود التي قطعت لا بد من تنفيذها"، في إشارة إلى تعهد انتخابي بتشديد التعريفات الجمركية على السلع المصنوعة في بلدان أخرى لتكون محورا رئيسيا في خطته الاقتصادية.
وفي حين اقترح رسوما جمركية شاملة تتراوح بين 10% و20%، خصص ترامب للصين نسبة أعلى من الرسوم الجمركية لتكون 60% أو أكثر. كما وعد ترامب بممارسة ضغوط على الصين في مجالات عدة.
رسائل الصين التحذيرية
هذا الموقف المتشدد حاول أن يحذره منه الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي هنأه على انتخابه وقال له إنّ "التاريخ أظهر أنّ الصين والولايات المتحدة تستفيدان من تعاون وتخسران من مواجهة".
ودعا شي إلى "تعزيز الحوار والتواصل" بين البلدين، بحسب ما أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".
كما دعا الرئيس الصيني البلدين إلى "تعزيز الحوار والتواصل بينهما، وإدارة خلافاتهما بشكل مناسب، وتطوير التعاون المتبادل، وإيجاد طريقة صحيحة للتعايش بين الصين والولايات المتحدة في هذا العصر الجديد، بما يخدم مصلحة البلدين والعالم".
وفي وقت سابق أيضا اليوم حذّرت وزارة الخارجية من أنه "لن يكون هناك فائز في حرب تجارية" بعد إعادة انتخاب ترامب، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية ماو نينغ "من حيث المبدأ أود أن أؤكد أنه لن يكون هناك فائز في حرب تجارية، وهو ما لا يخدم العالم أيضا".
لكن مراقبين لا يتوقعون أن يتراجع ترامب عن تشدده مع بكين، بل إن عودة ترامب إلى البيت الأبيض قد تضفي التوترات مرة أخرى في ملفات خلافية عديدة من بينها تايوان والتجارة وحقوق الإنسان والتنافس بين البلدين في مجال التكنولوجيا المتقدمة.
سياسة سابقة
وفي أوائل عام 2018 اختتمت إدارة ترامب تحقيقها في حقوق الملكية الفكرية الصينية، وأعلنت أنها ستفرض تعريفات جمركية على الصين إذا لم تقدم تنازلات على الفور، وبسبب التحذير من التأثيرات السلبية الواضحة على الصادرات الأمريكية والاضطراب في الثقة الذي قد ينتج عن ذلك، انتظر ترامب أشهرا حتى يبدأ فرض تعريفات جمركية.
وكان رد بكين على الجولة الأولى من التعريفات الجمركية في عهد ترامب معتدلا نسبيا، حيث استجابت بزيادات متناسبة في التعريفات الجمركية ولم تتصد بشكل مباشر لأي من القيود التكنولوجية الأمريكية، لكن في المرة القادمة من المرجح أن تفسر التعريفات الجمركية المرتفعة للغاية، التي يمكن دمجها مع مقاطعة تكنولوجية أكثر شمولاً، على أنها تعادل بدء حرب اقتصادية صريحة.
والقادة الصينيون أكثر ثقة في اقتصاد بلادهم من العديد من المراقبين الدوليين بسبب تقدمها في مجموعة من التقنيات، ومع وجود مساحة مالية ونقدية كبيرة لتقديم الدعم، ويعتقد هؤلاء أن البلاد قادرة على تحمل أي تداعيات إذا تعرضت العلاقات لضربة، وإذا نفّذ ترامب وعيده هذا فإنّ هذه الرسوم الجمركية الضخمة قد تطول ما قيمته 500 مليار دولار من البضائع الصينية المصدّرة إلى الولايات المتحدة، بحسب شركة "باين بريدغ إنفستمنتس".
إذن.. ما أسلحة بكين في تلك الحرب المحتملة؟
تخفيض العملة
استبقت بكين الجولة القادمة من التوتر بإعلانها تخفيض عملتها، حيث خفضت سعر المرجع اليومي لليوان إلى مستوى غير مسبوق منذ أواخر عام 2023، في إشارة إلى أن البنك المركزي يسمح بانخفاض القيمة في مقابل ارتفاع الدولار. وحدد بنك الشعب الصيني سعره عند 7.1659 للدولار.
وقد يكون سلاحها الأكبر هو السماح لعملتها، اليوان، بالهبوط أكثر من ذلك لتبلغ 10 أو 11 أو 12 مقابل الدولار. ومن شأن مثل هذه الخطوة أن تقوض بشكل مباشر التعريفات الجمركية المحتمل فرضها وتجعل من الصعب للغاية على إدارة ترامب متابعة استراتيجية الدولار الضعيف، وهو الأمر الذي يعتقد فريق ترامب أنه أساسي لتقليص العجز التجاري العالمي للولايات المتحدة وتوسيع فرص العمل في قطاع التصنيع.
وإذا اتخذت الصين هذه الخطوة فسيكون هدفها هو تدمير الأسواق الأمريكية وتوليد شعور بالذعر، والذي بدوره قد يدفع بعض حلفاء ترامب من رجال الأعمال إلى السفر إلى واشنطن والتوسل إليه بالتراجع، واستقرار العلاقات مع بكين، لاستعادة الثقة بالاقتصاد الأمريكي.
أدوات أخرى
ويمكن للصين توسيع القيود المفروضة على صادرات المعادن الحيوية والمضي قدمًا في ضوابط التصدير الأخرى. كما يمكنها بيع 100 مليار دولار أو ما يصل لـ775 مليار دولار من سندات الخزانة الأمريكية. وقد يتوقع المرء أن تتصرف بكين بشكل أكثر عدوانية في بحر الصين الجنوبي وحول تايوان، مما يثير المخاوف بشأن احتمالات نشوب صراع عسكري.
ومع ذلك، ربما تكون تهديدات ترامب بفرض تعريفات جمركية أكثر ألما للصين هذه المرة من فترته الأولى، لأن الاقتصاد الصيني اليوم في وضع أكثر ضعفا.
ووفقا لتقرير نشرته صحيفة فايننشال تايمز فإن الصين ستكون مضطرة لتقديم حزم تحفيز اقتصادية، وقال التقرير إن حجم أي حافز إضافي سيعتمد على الرسوم الجمركية الجديدة التي فرضها ترامب.
وقدر المحللون قبل فوز ترامب أن بكين ستحتاج إلى إنفاق 10 تريليونات يوان (1.4 تريليون دولار) على التحفيز الذي يستهدف الأسر بشكل مباشر، بدلاً من أدوات صناع السياسات الصينيين المفضلة للاستثمار في البنية التحتية وإعادة تمويل الحكومات المحلية.
وقال ما وي، الباحث المشارك في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية، مؤسسة بحثية حكومية في بكين، "إن مقايضات الديون هي أحد بنود الحزمة، ولكن ستكون هناك نفقات أخرى لتحفيز الاستهلاك.. ربما ليس في شكل إعطاء المال للجميع كما هو الحال في الولايات المتحدة، ولكن إعطاء بعض الإعانات للناس العاديين لشراء سلع مثل السيارات والإلكترونيات".
وتوقع أن ينتظر صناع السياسات حتى ديسمبر/كانون الأول أو يناير/كانون الثاني للإعلان عن تدابير إضافية، وستعقد قيادة الحزب الشيوعي الصيني مؤتمر العمل الاقتصادي المركزي السنوي، وهو اجتماع تاريخي للسياسة الاقتصادية في ديسمبر/كانون الأول.
فالصين تعاني، إذ إنها مثقلة بتباطؤ الاستهلاك، فيما تشهد أزمة حادة في العقارات، مع مديونية عدد من المطورين والأسعار التي انخفضت في السنوات الأخيرة.
aXA6IDMuMTQ3LjYyLjk5IA== جزيرة ام اند امز