«لي جون».. من مؤسس «شاومي» إلى صانع سيارات كهربائية

منذ أن شارك في تأسيس شركة شاومي عام 2010، أثبت لي جون نفسه كواحد من أنجح رواد الأعمال في الصين.
فقد استطاع تحويل شركته الناشئة إلى واحدة من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، تجمع بين الهواتف الذكية، والأجهزة الذكية المنزلية، ومؤخرًا، السيارات الكهربائية.
وروى تقرير نشرته مجلة "الإيكونوميست" إنه في بدايات شاومي، كان لي جون يتمتع برؤية واضحة وهي تقديم هواتف ذكية بمواصفات قوية وسعر مناسب. وقد أثمرت هذه الرؤية بسرعة؛ ففي عام 2014 حقق إنجازًا دخل به موسوعة غينيس عندما باعت شاومي 2.1 مليون هاتف ذكي خلال 24 ساعة فقط عبر الإنترنت.
طموح كبير
لكن طموح لي لم يتوقف عند الهواتف. ففي عام 2021، أعلن عن دخول شاومي سوق السيارات الكهربائية، وهو مجال شديد التنافسية ومكلف، وكان يعتبر مخاطرة كبيرة. ورغم ذلك، استطاع الرجل إنجاز ما لم تستطع شركات كبرى مثل أبل تحقيقه؛ فقد تخلّت الأخيرة عن مشروعها للسيارات الكهربائية بعد إنفاق مليارات الدولارات عليه.
أما شاومي، فبعد أقل من عامين من إعلانها نيتها دخول السوق، نجحت في إطلاق أول سيارة كهربائية رياضية باسم SU7، تبعتها في 2025 سيارة SUV باسم YU7، التي باعت منها 200 ألف وحدة في أول 3 دقائق فقط من طرحها.
والنجاح في هذا القطاع لم يكن محض صدفة، بل نتيجة قيادة مباشرة من لي جون. فقد تولى لي الإشراف الشخصي على مشروع السيارات، وأجرى تغييرات جذرية في بنية الشركة. فعلى عكس سياسة شاومي التقليدية التي تعتمد على تصنيع منتجاتها عبر أطراف خارجية، قرر بناء مصنع مملوك بالكامل للشركة في بكين لمراقبة الجودة والإنتاج عن قرب. ويمتد هذا النهج الآن إلى قطاعات أخرى مثل الهواتف الذكية ومكيفات الهواء، التي بدأت شاومي تصنيعها داخليًا.
شخصية كاريزمية
ومن ناحية أخرى، فإن كاريزما لي جون لعبت دورًا كبيرًا في تسويق منتجات شاومي، بما في ذلك السيارات. ويتمتع الرجل بشعبية واسعة في الصين، خاصة بين "Mi Fans" — وهم عشاق شاومي الذين يتابعونه بشغف، ويقتنون كل ما تنتجه الشركة. حتى جامعة "ووهان"، التي تخرج منها لي قبل نحو 30 عامًا، شهدت ارتفاعًا في الطلبات بفضل ارتباط اسمه بها.
هذا الولاء الجماهيري ساعد شاومي على تجاوز أزمة خطيرة. ففي مارس/أذار 2025، وقع حادث مميت بسيارة SU7 أثناء استخدام نظام القيادة الذاتية، مما أسفر عن وفاة ثلاثة طلاب. ورغم الانتقادات، لم تتأثر مبيعات الشركة لاحقًا، بل حققت سيارة YU7 نجاحًا كبيرًا بعد الحادث بأشهر.
وتستفيد شاومي من قاعدة مستخدمين ضخمة عالميًا، إذ يبلغ عدد مستخدميها النشطين شهريًا أكثر من 700 مليون شخص. كثير منهم بدؤوا مع شاومي قبل عقد من الزمن وهم الآن في عمر يناسب امتلاك سيارة. ومع قدرة لي على إقناعهم بالترقية إلى منتجات أغلى، فإن التحول من الهواتف إلى السيارات يبدو طبيعيًا.
والطموح لا يقتصر على الصين. اذ ان نحو نصف إيرادات شاومي من الهواتف تأتي من الأسواق الخارجية مثل الهند وإندونيسيا. ويخطط لي جون لإطلاق سياراته الكهربائية عالميًا بحلول 2027، ويعمل على بناء شبكة من 10,000 متجر خارجي للتعريف بالعلامة التجارية ورفع الوعي بها.
كما لا يتردد الرجل في دفع الشركة إلى حدود الابتكار، حيث طورت شاومي روبوتًا بشري الشكل يدعى CyberOne، وكشفت مؤخرًا عن شريحة إلكترونية بتقنية 3 نانومتر من تصميمها الداخلي. وتستثمر الشركة بكثافة في البحث والتطوير، إذ بلغ إنفاقها على هذا المجال أكثر من 3.4 مليار دولار العام الماضي، وهو مبلغ يفوق صافي أرباحها.
ورغم النجاح، تواجه شاومي تحديات. فهي لا تزال لاعبًا صغيرًا مقارنة بعمالقة السيارات الكهربائية مثل BYD، وتبيع نحو 20,000 سيارة شهريًا فقط. كما أن المنافسة في سوق الهواتف تزداد مع عودة هواوي بعد سنوات من العقوبات.
لكن لي جون لا يزال رهان شاومي الأقوى. بفضل حنكته، ورؤيته طويلة الأمد، وقدرته على تحويل المعجبين إلى مشترين مخلصين، يستمر في دفع شركته إلى آفاق جديدة — من الهواتف، إلى السيارات، وربما الروبوتات مستقبلاً.