علماء صينيون يحاولون رسم خريطة ثلاثية الأبعاد لخلايا الدماغ البشري
قائد المشروع البحثي يقول إن الهدف التوصل إلى طرق جديدة يحصلون من خلالها على خريطة عالية الدقة تكشف طريقة توصيل الشبكة العصبية
يخطط علماء من الصين لرسم خريطة ثلاثية الأبعاد للخلايا العصبية والأوعية الدموية المعقدة في الدماغ البشري في محاولة لكشف أسرارها.
ويشبه هذا المشروع الطَّموح التقاط صور ثلاثية الأبعاد لغابة ضخمة تضم ما يقرب من 100 مليار شجرة، والأمر لا يعني التقاط صورًا عامة للغابة بأكملها، بل لكل غصن ورق على كل شجرة..
وقال لوه تشينج مينج، العالم الذي يقود المشروع البحثي: "طريقتنا الحالية لتصوير الدماغ لا تتيح لنا رؤية كل شيء، لذلك نحن نهدف إلى تطوير طرق جديدة للحصول على خريطة عالية الدقة لنرى بوضوح كيف يتم توصيل الشبكة العصبية".
وأضاف لوه، الذي يشغل منصب رئيس جامعة "هاينان"، وكبير العلماء في معهد "سوتشو" للأدمغة التابع لجامعة "هواتشونج للعلوم والتكنولوجيا" بالصين: "البحث يساعد في تحليل آليات أمراض الدماغ، وتعزيز تنمية الذكاء الاصطناعي".
وقال لوه، الذي بدأ مشروعه بميزانية 200 ألف يوان (حوالي 30 ألف دولار أمريكي) ومختبر مساحته 25 مترا مربعا: "تصوير الدماغ صعب للغاية لأنه يتطلب خبرة في مختلف التخصصات، فنحن في حاجة إلى علماء الأحياء والكيميائيين لإعداد عينات من الدماغ، ونحتاج المهندسين والفنيين لاستخدام التكنولوجيا الضوئية والميكانيكية لتطوير أدوات التصوير، وأيضاً في حاجة إلى مواهب في الكمبيوتر لمعالجة البيانات وعرض النتائج".
وأشار إلى أنه بعد 8 سنوات من العمل الشاق، تمكن وفريقه من تطوير أداة لتصوير الدماغ مع حقوق ملكية فكرية مستقلة، وتم نشر هذا الإنجاز في مجلة العلوم، في نهاية عام 2010، وتم تصنيفه كواحد من أهم 10 تطورات علمية في الصين عام 2011.
وقال: "إذا قارنا بين نظام التصوير والكاميرا، فقد قمنا في البداية بتصنيع كاميرا ذات لونين فقط هما الأبيض والأسود، وأخذنا صورًا سوداء وبيضاء لدماغ الفأر، ومنذ ذلك الحين، خاض الفريق سلسلة من الاختراقات لالتقاط صور بألوان غنية تظهر تفاصيل مذهلة لعقل الفأر".
وفي متابعة لحديثه، أضاف لوه: "في عام 2016 تلقى الفريق استثمارا بقيمة 450 مليون يوان لإنشاء معهد سوتشو لأبحاث الدماغ البشري، وفي المختبر عمل الفريق على تقطيع عينة من دماغ الفأر إلى نحو 10 آلاف طبقة، سُمك كل منها لا يتعدى (ميكرون واحدا)، وفحصوا وصوروا كل طبقة على حدة، للحصول على خريطة دقيقة لعقل الفأر، وبدت صور الأنظمة العصبية والأوعية الدموية الملونة المعروضة على الكمبيوتر مثل شبكات الطرق السريعة المعقدة، وكانت هذه أوضح خريطة في العالم لدماغ الثدييات".
وعبر لوه عن سعادته قائلا: "لقد حققنا نجاحا مع الفئران، ونبذل جهودا لرسم خريطة لأدمغة الرئيسيات الأكثر تقدما وتعقيدا"، مؤكداً على أن "هدفه النهائي قيادة العالم للحصول على خريطة دقيقة للدماغ البشري، تساعد على كشف أسرارها".
ويقدر العلماء أن دماغ الفئران يضم عشرات الملايين من الخلايا العصبية، ودماغ القرود به مليارات، بينما يبلغ عدد الخلايا العصبية في دماغ الإنسان نحو 86 مليارا.
وأوضح لوه أنه لا يمكن رسم خريطة لدماغ بشري بإضافة المزيد من الأدوات، مبررا ذلك بأن الكمية الضخمة من البيانات بعد التصوير تشكل تحديات كبيرة للتخزين والتحليل.
وتشير التقديرات إلى أن البيانات الناتجة عن تصوير دماغ بشري ستعادل 200 ألف فيلم بدقة 4K فائق الوضوح، والتي من شأنها أن تملأ كل مساحة التخزين في "صنواي تايهولايت"، أقوى حاسوب عملاق في الصين.
ومن المتوقع أن يواجه مسح وتصوير الدماغ البشري تحديات أخلاقية، حيث قال لوه: "إننا نرمز إلى الخلايا العصبية في دماغ الفئران باستخدام تكنولوجيا معدلة وراثيا، وتكنولوجيا وضع العلامات على الفيروس التي لا يمكن تطبيقها على دماغ بشري".
وبحسب شبكة الأخبار، يتعاون الفريق مع المختبرات والمعاهد في الولايات المتحدة، ويوفر بيانات لأبحاث الدماغ في أوروبا وبلدان أخرى، إلا أن لوه يتطلع إلى أن يكون هذا البرنامج لعلوم الدماغ خاصا بالصين.
ومن المقرر أن يتم سرد علم الدماغ باعتباره واحد من المشاريع العلمية والتكنولوجية الرئيسية، للخطة الخمسية الـ13 للصين (2016-2020).
وبحسب لوه، فإن "هذا البحث يمكن أن يساعد في تعزيز تعليم الأطفال وتسهيل تشخيص وعلاج الأمراض المتعلقة بالدماغ مثل الاكتئاب، ومرض باركنسون ومرض الزهايمر".
وأضاف: "عندما نحصل على دعم مالي كاف ونركز جهودنا، سيكون من الممكن الحصول على خريطة عالية الدقة للدماغ البشري خلال 5 إلى 10 سنوات".
aXA6IDMuMTQ0LjkzLjM0IA==
جزيرة ام اند امز