مبعوث الصين بين أسمرة وأديس أبابا.. طموحات "التنين" في جولة أفريقية

جولةٌ شرق أفريقية يقودها المبعوث الصيني الخاص السفير شيويه بينغ، تسلط الأضواء من جديد على وجود التنين بهذه المنطقة.

وقبيل الجولة، صرّح وانغ وين، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، بأن مبعوث بلاده سيقيم علاقة عمل مع الأطراف ذات الصلة في أقرب وقت ممكن وسيحافظ على الاتصال والتنسيق الوثيقين بشأن المضي قدمًا في تنفيذ توقعات السلام والتنمية في القرن الأفريقي.

واستقبل نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية الإثيوبي، دمقي مكونن، المبعوث الصيني، وبحثا التعاون الثنائي وتعزيز العلاقات والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بالمنطقة.

اهتمام صيني بالقرن الأفريقي

وكثفت الصين مؤخرا جهودها بمنطقة القرن الأفريقي، بحثا عن موضع قدم وتوسيع رقعة تواجدها في القارة السمراء من بينها شرق القارة ، وقبل شهرين كشفت عن هذه الرغبة بتعيين مبعوث خاص لها بالمنطقة.

ورأى مراقبون في هذا التعيين، "خطوة سياسية بامتياز"؛ لتعزيز مكانة الصين في القارة السمراء والمنطقة، ولتقدم بكين نفسها للعالم كوجه آخر أكثر انفتاحا أمام نفوذ الولايات المتحدة .

وسبق أن قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إن بلاده ستعيّن مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي، لدعم الجهود المبذولة للتغلب على التحديات الأمنية الحالية وضمان السلام والازدهار في المنطقة على المدى الطويل.

وغداة الإعلان الصيني في يناير/كانون الثاني الماضي، قررت الولايات المتحدة تعيين ديفيد ساترفيلد، سفيرها السابق لدى تركيا، مبعوثا خاصا لمنطقة القرن الأفريقي، خلفا لجيفري فيلتمان، حتى "تظل منخرطة بنشاط في هذه المنطقة الاستراتيجية".

وكثّفت الصين حضورها واستثماراتها في أفريقيا، فهي أكبر شريك تجاري للقارة السمراء، وبلغت قيمة التجارة المباشرة بين الطرفين في 2019 أكثر من 200 مليار دولار، وفقاً للأرقام الصينية الرسمية.

الصين وإثيوبيا.. مواقف "تستحق الثناء"

وفي اللقاء الذي جمع بين مكونن وبينغ، أشاد نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإثيوبي، بالعلاقة التاريخية بين البلدين والدعم الصيني متعدد الأوجه لإثيوبيا.

وأشار إلى دور ودعم الصين في المنتديات متعددة الأطراف التي ساعدت إثيوبيا على إحباط التهديدات لسيادتها وسلامة أراضيها .

وقال مكونن في بيان للخارجية الإثيوبية، إن "موقف الصين البنّاء بشأن سد النهضة لصالح مبدأ الحل الأفريقي للمشاكل الأفريقية وجميع أشكال الدعم المتعلقة بـ COVID-19 ، أمر يستحق الثناء والتقدير" .

في سياق آخر، قدم مكونن إيجازاً حول القرارات المشجعة التي اتخذتها الحكومة لضمان السلام في البلاد والتزامها بحل قضية الحدود مع السودان بطريقة سلمية، وفق ما جاء في بيان وزارة الخارجية.

بكين والتنمية السلمية

بدوره، تطرق مبعوث بكين خلال اللقاء إلى مبادرة التنمية السلمية في القرن الأفريقي التي تم اقتراحها خلال زيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي لأفريقيا.

وقال شيويه إن الصين تريد دعم دول القرن الأفريقي لمواجهة تحديات الأمن والتنمية والحكم ، والسعي في طريق الوحدة وتحسين الذات.

وشدد على أن إثيوبيا يجب أن تلعب دورًا بناء في تعزيز السلام في القرن الأفريقي باعتبارها دولة راسخة في المنطقة.

وجدد بينغ، دعم بلاده لمنطقة القرن الأفريقي في تحقيق السلام الدائم والاستقرار والازدهار، وقال إن الصين على استعداد للعمل وفقًا للتوقعات الخاصة بالسلام والتنمية.

وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، سجلت بكيين زيارة من الوزن الثقيل لأديس أبابا وفي ظروف مهمة لإثيوبيا، حيث حطّ وزير الخارجية وانج يي، في العاصمة الإثيوبية، في أول زيارة لمسؤول صيني رفيع منذ اندلاع أزمة تجراي.

وجاءت زيارة وانج يي لإثيوبيا ، حينها للوقوف على تطورات الوضع، ومناقشة القضايا الثنائية بين البلدين، لتضاف إلى جهود الصين التي ظلت تعترض على عدة محاولات من قبل الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الأوروبي بمجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات على حكومة رئيس الوزراء الإثيوبي ، على خلفية الصراع بشمال البلاد .

ويرى مراقبون أن الموقف المتشدد للولايات المتحدة تجاه الحكومة الإثيوبية هو بسبب الروابط القوية بين حكومة آبي أحمد والصين ومحاولة منع تنامي نفوذ بكين بالمنطقة.

أسمرة وبكين

وتأتي زيارة المبعوث الصيني الخاص لشؤون القرن الأفريقي، إلى أديس أبابا ، عقب زيارة له لأسمرة بدأها السبت الماضي، والتقى خلالها بالرئيس الإريتري أسياس أفورقي .

وقال وزير الإعلام الإريتري ، يماني قبري مسقل ، إن أفورقي التقى المبعوث الصيني الخاص للقرن الأفريقي، وبحث معه العلاقات الثنائية والقضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك .

وذكر قبري مسقل، في تغريدة له، أن الرئيس الإريتري أكد للمبعوث الصيني، على تقدير إريتريا للدور البنّاء الذي تقوم به بكين في تعزيز المساعي الجارية من قبل دول منطقة القرن الأفريقي من أجل التكامل الإقليمي.

كما لفت إلى أن أفورقي أعرب عن دعم إريتريا لاقتراح الصين بعقد قمة لدول القرن الأفريقي في النصف الأول من هذا العام ، مؤكدا في ذات الوقت على دور الصين الذي لا غنى عنه في الحفاظ على التوازن الحاسم.

ووفق وزير الإعلام الإريتري ، فإن شيويه بينغ، أكد استعداد الصين لتعميق العلاقات الثنائية مع أسمرة، بجانب تعزيز الأمن الإقليمي والتنمية والحكم الرشيد، مشيرا إلى دور إريتريا الحيوي في مبادرة الصين الجادة للسلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.

وكان وزير الخارجية الصيني وانغ يي زار إريتريا، ضمن جولة أفريقية شملت كينيا وجزر القمر والمالديف وسريلانكا، عقب زيارة للقارة قام بها نظيره الأمريكي أنتوني بلينكن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

وإريتريا، التي فرضت الولايات المتحدة عقوبات عليها "لتورّطها في النزاع المسلّح" الدائر في جارتها إثيوبيا، انضمّت في نوفمبر/تشرين الثاني إلى الاستراتيجية الصينية العالمية للاستثمار.

وفي ظل هذا المشهد، يظل السؤال المهم الذي يغلف الزيارة الجديدة، هل بإمكان المبعوث الصيني أن يحقق طموحات بلاده بالقرن الأفريقي ، من خلال جولته لأديس أبابا وأسمرة؟