الكلورفينابير.. خبير يكشف لـ«العين الإخبارية» خطورة القاتل الصامت

في قرية هادئة بصعيد مصر، رحل أب بعد أيام قليلة من وفاة أطفاله الستة في سلسلة وفيات غامضة حيرت الجميع.
- ضحايا المبيدات.. نفوق ملايين من النحل في روسيا
لكن التحاليل الطبية كشفت الحقيقة المروعة، وهي حدوث تسمم جماعي بمبيد حشري خطير يُدعى "الكلورفينابير"، وهو مبيد يبدو للوهلة الأولى وسيلة لحماية المحاصيل، لكنه في الحقيقة يحمل في طياته سما قد يفتك بالبشر والبيئة معا.
وعن خطورة هذه المادة، وكيف تقتل بصمت دون أن يشعر بها الضحايا إلا بعد فوات الأوان، أجرينا هذا الحوار مع د. عمرو عبد السميع، أستاذ الحشرات بجامعة القاهرة.
بداية ما هو الكلورفينابير الذي ارتبط بالتسمم الجماعي في إلمنيا؟
هو مبيد حديث ينتمي لفئة "البيرولات". ما يميزه أنه ليس ساما بشكل مباشر عند استخدامه، بل يتحول داخل جسم الحشرة – أو الإنسان – إلى مركب سام بفعل الإنزيمات، هذه الخاصية تجعله فعالا ضد الحشرات المقاومة للمبيدات التقليدية، لكنها أيضا تزيد خطورته على صحة الإنسان.
كيف يؤدي هذا المبيد إلى الوفاة؟
الكلورفينابير يستهدف الميتوكوندريا، وهي مصانع إنتاج الطاقة داخل الخلايا. عندما تتعطل هذه المصانع، تفقد الخلايا قدرتها على إنتاج الطاقة اللازمة للحياة، فتبدأ أعضاء الجسم الحيوية ، مثل الكبد والقلب والمخ والكلى، في التدهور. الأمر الأخطر أن المادة تُفعل أيضًا آلية "الموت الخلوي المبرمج"، أي أن الخلايا تدمر نفسها بنفسها عندما يتعذر إصلاح الضرر.
لماذا لم تُكتشف الإصابة مبكرًا في حالة الضحايا؟
لأن أعراض التسمم لا تظهر فورًا، بل بعد فترة تتراوح بين 5 إلى 14 يومًا. تبدأ بتعب عام وغثيان وقيء، ثم تتطور إلى فشل في الكبد أو الكلى، اضطرابات في التنفس والوعي، وقد تنتهي بتوقف مفاجئ للقلب. وهذا ما يجعل التشخيص صعبا، خاصة في غياب وعي كاف بخطورة المادة.
هل يوجد علاج أو ترياق مضاد لهذا السم؟
للأسف لا يوجد حتى اليوم ترياق محدد. العلاج يقتصر على الرعاية الطبية الداعمة مثل الغسيل الكلوي، ومتابعة الوظائف الحيوية، لكن لا يمكن عكس التأثير السام للمادة إذا تقدمت الحالة.
هل تقتصر خطورة الكلورفينابير على الإنسان فقط؟
ج: لا، بل تمتد للبيئة أيضًا. فالمادة تبقى في التربة والمياه لفترات قد تصل إلى عام كامل، مما يهدد الكائنات الحية مثل الأسماك والطيور والنحل وحتى الديدان الأرضية، فالاستخدام غير الواعي أو التخزين العشوائي قد يؤدي إلى تلوث واسع النطاق يضر بالزراعة والبيئة معا.
ما الذي يجب فعله لتجنب تكرار مثل هذه الكوارث؟
الحل يبدأ بالوعي المجتمعي، بحيث يعرف الناس أن هذه المواد ليست عادية بل شديدة الخطورة. ثانيا، الرقابة الصارمة ضرورية، بحيث لا يتم بيع أو تخزين هذه المبيدات إلا في إطار قانوني وتحت إشراف متخصصين.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTQ5IA== جزيرة ام اند امز