الكوليرا في سوريا.. مخاوف من انتشار كبير يبدأ من "الشمال"
تعيش سوريا حالة من الارتباك على وقع ظهور الكوليرا خلال الأيام الماضية في عدد من المناطق شمال البلاد، وسط مخاوف من تفشي المرض المعوي.
ورغم طمأنة وزارة الصحة السورية المواطنين على الوضع وتأكيدها عدم تفشي المرض، فإن الأمم المتحدة رأت أن تفشي وباء الكوليرا في عدة مناطق بالبلاد يمثل "تهديدا خطيرا في سوريا والمنطقة".
وتضاربت أرقام عدد الوفيات جراء الإصابة بمرض الكوليرا في سوريا، ففي حين قالت وزارة الصحة إن الوفيات 2 فقط حتى الآن، كشفت المم المتحدة أنهم وصلوا إلى 8 حالات.
وقبل أيام، بدأت الحالات المصابة بالكوليرا في الظهور بعدة مناطق في الشمال السوري، خاصة حلب الحسكة ودير الزور والرقة، بسبب تلوث مياه الشرب وانعدام الأمن المائي.
والكوليرا مرض يصيب الأطفال والبالغين وهو ناجم عن إصابة بكتيرية يمكن أن تتسبب بإسهال مائي حاد وتستغرق فترة حضانة المرض من 12 ساعة إلى 5 أيام لكي تظهر أعراضه على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياها ملوثة.
ولا تظهر أعراض الإصابة بعدوى بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها رغم وجود البكتيريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها.
القصة الكاملة لمرض الكوليرا في سوريا
أعلنت وزارة الصحة السورية، صباح الثلاثاء، أن العدد الإجمالي للحالات المثبت إصابتها بمرض الكوليرا في البلاد بلغ 26 إصابة فقط حتى الآن، موضحة أن هناك حالتين توفيتا بسبب تأخر طلب المشورة الطبية ووجود أمراض مزمنة مرافقة.
وقالت الوزارة السورية، في بيان رسمي، إن توزيع الإصابات بالكوليرا جاء كالتالي: 20 إصابة في حلب، و4 إصابات في اللاذقية، و2 إصابة في دمشق لشخصين قادمين من حلب أحدهما مرافق مريض دون أعراض.
ونفت الجهة الرسمية ما تداولته بعض وسائل الإعلام عن وجود وفيات ناجمة عن مرض الكوليرا في العاصمة السورية دمشق، موضحة أن الوفيات تقتصر على حلب فقط.
وأكدت أنها "تقوم على مدار الساعة بالترصد الوبائي للمرض واتخاذ الإجراءات المناسبة لتطويقه بالتعاون مع الجهات المعني"، مشيرة إلى إصدار تحديث عن الوضع الوبائي للكوليرا عبر منصاتها الرسمية كل 48 ساعة؛ لتسهيل الحصول على المعلومة من مصدرها المؤكد.
ونقلت وكالة الأنباء السورية (سانا) عن مدير صحة دمشق الدكتور محمد سامر شحرور، قوله إن المديرية "تعمل بشكل مكثف عبر فرق الترصد الوبائي بالتعاون مع المحافظة لأخذ العينات اللازمة للكشف عن بكتيريا الكوليرا في مياه الصرف الصحي، إضافة إلى أخذ عينات من بعض الخضراوات والمزروعات في مناطق مختلفة".
وعن وضع المشتبه في إصابتهم، قال: "يتم العمل وفق بروتوكول طبي للكشف عن حالات الإصابة بالمرض عبر أخذ عينات من إفرازات أشخاص مشتبه بإصابتهم والكشف عن الإصابة عبر إجراء زرع جرثومي تظهر نتيجته بعد 3 أيام ووفق نتيجة هذا التحليل يتم تأكيد أو نفي الإصابة بشكل دقيق".
ومساء السبت، أعلنت وزارة الصحة السورية تسجيل 15 حالة إصابة بالكوليرا في محافظة حلب، بدايتها برصد حالة اشتباه بالإصابة بالكوليرا في حلب لطفل عمره 9 سنوات يعاني أعراض إسهال حاد مترافق بإعياء متكرر.
وقالت وزارة الصحة في بيان أوردته وكالة الأنباء السورية (سانا): "تمت الاستجابة اللحظية وقبول الطفل في المشفى وإرسال عينة منه إلى مديرية مخابر الصحة العامة لإجراء التحليل اللازم، فجاءت النتيجة إيجابية".
وأشارت إلى أنه "في الفترة ذاتها تم تسجيل زيادة قبولات في أعداد المراجعين بشكوى اضطرابات هضمية في مشافي حلب، وبعد إجراء التحليل لعدد من الحالات المشتبهة جاءت بعض النتائج إيجابية".
وكشفت الوزارة السورية أن "حصيلة العينات والتحاليل التي ثبتت إيجابيتها، بلغت 15 حالة إيجابية قيد العلاج في المشفى، كما تم إثبات عينة إيجابية واحدة من الصرف الصحي وأخرى من معمل لصنع مكعبات الثلج حيث تم إغلاقه على الفور".
بشأن الحالات المصابة، نوهت وزارة الصحة السورية بأن العلاج متوافر بكل أشكاله وتم تعزيز وتزويد المشافي بمخزون إضافي من العلاج؛ تحسباً لأي زيادة في أعداد الحالات المحدودة حتى الآن.
ودعت المواطنين إلى اتباع إجراءات وسلوكيات الصحة العامة، مثل غسل اليدين وشرب المياه من مصدر آمن وغسل الفواكه والخضار بشكل جيد وطهي الطعام وحفظه بدرجة الحرارة المناسبة وعدم شرب أو تناول أي شيء مجهول المصدر أو يشك بسلامته إضافة إلى طلب المشورة الطبية المبكرة في حال الاشتباه بالإصابة.
الأمم المتحدة تحذر من تفشي الكوليرا في سوريا
قال ممثل الأمم المتحدة في سوريا إن تفشي وباء الكوليرا في عدة مناطق بالبلاد يمثل "تهديدا خطيرا في سوريا والمنطقة"، داعيا إلى استجابة عاجلة لاحتواء انتشاره.
وأضاف عمران رضا، المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية لسوريا، في بيان: "يعتقد أن تفشي المرض مرتبط بري المحاصيل باستخدام مياه ملوثة وشرب مياه غير آمنة من نهر الفرات الذي يقسم سوريا من الشمال إلى الشرق".
ويعتمد كثير من سكان سوريا على مصادر مياه غير آمنة؛ نظرا للدمار الواسع الذي لحق بالبنية التحتية لموارد المياه بسبب الحرب الدائرة منذ أكثر من عقد.
بينما قال ريتشارد برينان، مدير الطوارئ الإقليمي لشرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية، إن المنظمة سجلت 8 وفيات بسبب المرض منذ 25 أغسطس/آب، منها 5 حالات في حلب بالشمال واثنتان في دير الزور بالشرق.
ونقلت رويترز عن برينان قوله: "هذا أول تفش مؤكد للكوليرا في السنوات الأخيرة، والانتشار الجغرافي يثير القلق، لذا علينا التحرك سريعا".
تتركز الإصابات في شمال حلب حيث تم تسجيل أكثر من 70% من إجمالي 936 حالة مشتبها بها، ودير الزور حيث تم تسجيل أكثر من 20%.
وشهدت الرقة والحسكة وحماة واللاذقية عددا أقل من الحالات المشتبه بها، بينما بلغ عدد حالات الكوليرا المؤكدة 20 حالة في حلب و4 حالات في اللاذقية و2 في دمشق.
منظمة الصحة العالمية هي الأخرى حذّرت من أن خطر انتشار مرض الكوليرا في سوريا "مرتفع للغاية"، وذلك بعد الإعلان منذ نهاية الأسبوع الماضي عن تسجيل إصابات في محافظات عدة، للمرة الأولى منذ العام 2009.
وقالت المنظمة، في بيان الثلاثاء، إنه بجانب الأرقام التي أحصتها وزارة الصحة السورية كشفت الإدارة الذاتية الكردية السبت عن تسجيلها 3 وفيات و"إصابات بكثرة" في مناطق سيطرتها في الرقة (شمال) والريف الغربي لدير الزور (شرق).
وذكرت منظمة الصحة أنه قبل انتشار الكوليرا في الآونة الأخيرة، تسببت أزمة المياه في زيادة أمراض مثل الإسهال وسوء التغذية والأمراض الجلدية في المنطقة.
وسجّلت سوريا عامي 2008 و2009 آخر موجات تفشي المرض في محافظتي دير الزور والرقة، وفق منظمة الصحة العالمية.
aXA6IDE4LjIxOC45NS4yMzYg جزيرة ام اند امز