فرنسا تعزز جاذبيتها الاقتصادية.. استثمارات أجنبية جديدة بـ20 مليار يورو

اعتبر خبراء اقتصاد فرنسيون أن مبادرة "اختر فرنسا"، التي تنظمها الحكومة الفرنسية في قصر فرساي، تعكس حجم تحديات الاقتصاد الفرنسي في زمن الأرقام القياسية.
وقال الخبراء، إن باريس تسعى لتعزيز جاذبيتها الاقتصادية في مواجهة الرياح المعاكسة العالمية، مشيرين إلى أن إعلان عشرات المليارات من الاستثمارات الأجنبية لا يلغي حقيقة وجود تحديات بنيوية تهدد قدرة الاقتصاد الفرنسي على المنافسة المستدامة.
وتم الإعلان، عن استثمارات أجنبية جديدة بقيمة تقارب 20 مليار يورو، خلال النسخة الثامنة من قمة "Choose France"، وفقًا لما أكدته الرئاسة الفرنسية، التي كشفت أيضًا أن 17 مليار يورو إضافية تأتي في إطار التزامات سابقة تتعلق بمشاريع الذكاء الاصطناعي.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد كشف عن هذه الأرقام بنفسه يوم الجمعة، خلال مقابلة مع الصحافة الإقليمية، في محاولة للتأكيد على ما يعتبره "نجاحًا اقتصاديًا فرنسيًا غير مسبوق".
ووفقًا لقصر الإليزيه، فإن إجمالي الاستثمارات المعلنة في السنوات الأخيرة ارتفع بشكل كبير: 15 مليار يورو في 2024، مقارنة بـ13 مليارًا في 2023 و6.8 مليار فقط في 2022.
ويشارك في القمة هذا العام أكثر من 200 من كبار رجال الأعمال من مختلف دول العالم، من بينهم رؤساء شركات كبرى مثل "BYD" الصينية، و"IKEA" السويدية، و"BASF" الألمانية، و"Blackstone" و"Goldman Sachs" الأميركيتين.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن 40% من الضيوف يمثلون دولًا أوروبية، فيما يشكل الأمريكيون النسبة الأكبر (19%)، رغم التوترات التجارية القائمة مع واشنطن، بحسب صحيفة "لوموند" الفرنسية.
لكن خلف هذه الأرقام المبهرة، يرى اقتصاديون أن الواقع أكثر تعقيدًا مما يُعرض على منصات القمة.
من جهته، اعتبر البروفيسور جان كريستوف ميلون، الباحث الاقتصادي في مركز الدراسات المستقبلية بباريس، لـ"العين الإخبارية"، أن "الزخم الإعلامي حول الاستثمارات الضخمة قد يعطي انطباعًا خاطئًا بأن فرنسا في وضع تنافسي ممتاز، لكن الحقيقة أن البلاد تواجه تحديات عميقة في بنية سوق العمل، وارتفاع كلفة الإنتاج، والمنافسة الضريبية الأوروبية".
وأضاف: "ماكرون نجح في جعل فرنسا وجهة مرغوبة لبعض القطاعات، خاصة التكنولوجيا والطاقة، لكن ذلك لا يعني أن الاقتصاد محصّن من التباطؤ أو من فقدان الثقة على المدى الطويل".
أما كلارا بيلان، الخبيرة الاقتصادية في معهد "مونتين" للأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، فقالت لـ"العين الإخبارية"، إن "قمة شوز فرانس (اختر فرنسا) تعبّر عن ديناميكية واضحة، لكنها لا تخفي الحاجة إلى إصلاحات هيكلية عميقة".
وأوضحت أن الجاذبية الاستثمارية لا تُقاس فقط بحجم الأموال المعلنة، بل بالقدرة على إبقائها واستثمارها في بيئة مستقرة وآمنة.
وتابعت: "ما نحتاجه اليوم هو ضمانات على صعيد الاستقرار الضريبي، وضبط سوق الطاقة، والتوازن الاجتماعي، وكلها عوامل بدأت بعض الشركات الكبرى تبدي قلقًا بشأنها في جلسات غير علنية".
رسائل خارجية من قلب فرساي
إلى جانب الأرقام، تراهن الرئاسة الفرنسية على البُعد الرمزي للقمة التي تُعقد في قصر فرساي، حيث يُنظر إليها كرسالة قوة اقتصادية وجاذبية دبلوماسية، في وقت تسعى فيه باريس إلى تنويع علاقاتها الاقتصادية، بعيدًا عن الهيمنة الغربية التقليدية.
غير أن التحدي الأبرز، بحسب مراقبين، يكمن في تحويل هذه الوعود الاستثمارية إلى مشاريع ملموسة تخلق الوظائف وتدفع عجلة الاقتصاد، في ظل مناخ دولي يتسم بالتقلب والقلق الجيوسياسي.
aXA6IDE4LjIxNy41NS4xOTkg جزيرة ام اند امز