كريستين لاجارد تطالب بنظام جديد لاحتساب الضرائب على الشركات الدولية
200 مليار دولار خسائر للدول بسبب نقل أرباح الشركات لمواقع أقل ضرائب
صندوق النقد الدولي يقول إن بنيان النظام الدولي لضرائب الشركات قد عفا عليه الزمن بشكل جوهري.
نشرت كريستين لاجارد، مدير عام صندوق النقد الدولي، الأسبوع الماضي، مقالًا لها عبر الموقع الرسمي للصندوق، بعنوان "نظام ضرائب الشركات في الاقتصاد العالمي"، تدعو من خلاله لتطبيق نظام جديد للضرائب على الشركات الدولية، نظرا لتأثير الشركات الدولية على اقتصاديات بعض الدول، حيث إن أغلب الشركات تتجه لتحويل أرباحها لمواقع منخفضة الضرائب؛ ما يكبد بعض الدول خسائر بالمليارات ويتسبب في تراجع الناتج المحلي لها.
وتقول لاجارد إنه "ظهر تصور شائع بأن بعض الشركات الكبيرة متعددة الجنسيات تدفع ضرائب قليلة، ما أوجد مطالبات سياسية باتخاذ إجراء عاجل في هذا الصدد، "وليس من الصعب معرفة السبب".
- كريستين لاجارد: الدول العربية النفطية تعافت تماما من صدمة أسعار 2014
- كريستين لاجارد: الإمارات تقدم نموذجا للتحول نحو بيئة الأعمال الجديدة
وأضافت مدير عام صندوق النقد الدولي: "هنا أود إلقاء الضوء على ثلاثة أسباب تبرر الحاجة الملحة لاعتماد منهج جديد في تناول نظام الضرائب على الشركات الدولية".
وجاء السبب الأول في أن السهولة التي يبدو أن الشركات متعددة الجنسيات تستطيع بها تجنب الضرائب، والتراجع الذي شهدته معدلات الضرائب على الشركات طوال 3 عقود، يقوضان الثقة في عدالة النظام الضريبي ككل.
وتلخص السبب الثاني في أن الوضع الحالي ينطوي على ضرر بالغ للبلدان منخفضة الدخل، حيث يحرمها من إيرادات تحتاجها بشدة لكي تتمكن من تحقيق نمو اقتصادي أعلى، والحد من الفقر، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.
ولطالما كانت الاقتصادات المتقدمة هي التي تحدد القواعد الضريبية التي تطبق على الشركات الدولية، دون النظر إلى كيفية تأثيرها على البلدان منخفضة الدخل.
وضربت لاجارد مثالا بتحليل أعده صندوق النقد الدولي يوضح أن البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي تخسر إيرادات قدرها نحو 200 مليار دولار أمريكي سنوياً، أو نحو 1.3% من إجمالي الناتج المحلي، بسبب نقل الشركات أرباحها إلى مواقع منخفضة الضرائب.
وتدعو مدير عام صندوق النقد الدولي البلدان غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي للنقاش "هذه البلدان ينبغي أن تأخذ مقعداً على طاولة النقاش"، ومن الأمور التي تساعد في هذا الخصوص وجود "منصة التعاون بشأن الضرائب"، وهي جهد مشترك بين الصندوق والبنك الدولي ومنظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والأمم المتحدة.
وعن السبب الثالث لاعتماد منهج جديد في تناول نظام الضرائب على الشركات الدولية، تقول لاجارد إنه مع ظهور نماذج الأعمال ذات الربحية العالية والاعتماد الكبير على التكنولوجيا والتقنيات الرقمية، أصبح هناك زخم وراء إعادة النظر في نظام الضرائب على الشركات الدولية، وأن نماذج الأعمال هذه تعتمد كثيراً على الأصول غير الملموسة، مثل براءات الاختراع أو البرمجيات التي يصعب تقدير قيمتها.
وتوضح أيضاً أن افتراض وجود رابطة بين الدخل والأرباح من ناحية والوجود المادي من ناحية أخرى هو افتراض عفا عليه الزمن.
وتضيف أنه قد أدى هذا بدوره إلى إثارة شواغل تتعلق بالعدالة، فالبلدان التي يكثر فيها عدد مستعملي الخدمات الرقمية أو مستهلكيها ينتهي بها الأمر إلى تحصيل إيرادات ضريبية ضئيلة أو معدومة من هذه الشركات لماذا؟ لأنها شركات ليس لها وجود مادي في تلك البلدان.
و"بالتالي، لا شك أننا بحاجة إلى إعادة النظر بصورة جوهرية في نظام الضرائب الدولية"، بحسب لاجارد.
وتتابع لاجارد: "لكن هذا يعني أن البلدان يجب أن تعمل معاً، فتحقيق تقدم يتطلب التنسيق بينها جميعاً، وفي الاتجاه الصحيح".
ويحلل الصندوق في بحث جديد نُشر منذ أسبوعين مختلف الخيارات الممكنة في ظل 3 معايير أساسية: معالجة نقل الأرباح والتنافس الضريبي بصورة أفضل، والتغلب على العقبات القانونية والإدارية أمام الإصلاح، وضمان الإقرار الكامل بمصالح البلدان الصاعدة والنامية.
ويؤكد صندوق النقد الدولي في بحثه الجديد أن بنيان النظام الدولي لضرائب الشركات قد عفا عليه الزمن بشكل جوهري، ومن خلال إعادة النظر في النظام الحالي ومعالجة جذور ضعفه يمكن أن تستفيد كل البلدان بما فيها البلدان منخفضة الدخل.